معادلة الفشل والنجاح في الانتخابات الإسرائيلية

الدار البيضاء اليوم  -

معادلة الفشل والنجاح في الانتخابات الإسرائيلية

عبد المجيد سويلم
بقلم : عبد المجيد سويلم

معادلة الفشل والنجاح في الانتخابات الاسرائيلية تبدو في غاية الغرابة والاضطراب في آن معاً.فإما ان "ينجو" نتنياهو وتفشل اسرائيل في ارساء استقرار سياسي مهما كان مؤقتا ونسبياً، وإما ان يفشل نتنياهو ويصبح هذا الفشل المدخل الوحيد لنجاحها في تخطي الأزمة الناجمة عن الاستعصاء الانتخابي.أقصد اذا فشل نتنياهو ومعه كامل معسكر اليمين في ضمان 61 مقعداً، يصبح الليكود مضطراً للتحالف مع "ازرق ـ ابيض"، وربما مع ليبرمان ايضا، ويتم بالتالي تشكيل حكومة "اتحاد وطني" واسعة وقوية للغاية، وبذلك تخرج اسرائيل من المأزق الراهن بصورة تكاد تكون "مثالية" للحالة الاسرائيلية.

اما اذا استطاع ان "يجمع" الـ 61 مقعداً فسيسارع نتنياهو لتشكيل حكومة يمين ضيقة لاستصدار القانون الذي يمكّنه من تأجيل محاكمة رئيس الوزراء الى ما بعد ولايته للحكومة.في هذه الحالة فإن على نتنياهو ان يراهن فقط على اصوات اليمين المتكتل حوله، اي بدون ان يعقد تحالفاً جديداً مع كل من ليبرمان وحزب "ازرق ـ ابيض".حسب استطلاعات الرأي فان الحصول على هذه المقاعد أمر يشبه المستحيل، خصوصاً وان قبول التحالف معه من قبلهما هو ايضا في عداد المستحيل.

ولذلك فان نتنياهو يصبح في الواقع العائق الرئيسي أمام خروج اسرائيل من أزمة تشكيل الحكومة، ويصبح الليكود أمام مساءلة محرجة من الجمهور الاسرائيلي إن أصر الليكود وأحزاب اليمين المؤتلفة معه على التمسك بنتنياهو على رأس الحكومة وعلى رأس الائتلاف.الاستنتاج المنطقي المستند لواقع التوازن الانتخابي، والى واقع المواقف المعلنة للأحزاب المنافسة والمتنافسة يقول إن نتنياهو لم يعد الشخص القادر على تشكيل الحكومة الجديدة، حتى ولو كان الشخصَ المفضل لدى جمهور واسع من الإسرائيليين.

والمنطق يقول إن الذهاب الى انتخابات رابعة هو "الأمل" الوحيد الذي يتبقى له نظرياً.إعلان البدء بالمحاكمة في السابع عشر من آذار القادم يكاد يكون قد بدد حتى هذه الفرصة النظرية، وبالتالي فلا مناصَ من عقد صفقة النيابة العامة، وهو ما يعني في الواقع نهاية نتنياهو السياسية على الاقل لعدة سنوات قادمة، ان لم يكن سوء الختام بالكامل.لكن بقاء اليمين على تكتله الحالي، والقرار بالابقاء على "تماسكه" في وجه حزب "ازرق ـ ابيض" والمراهنة على فشله في تشكيل حكومة جديدة يعقّد المسألة أمام حزب الجنرالات أيضاً.

اذ يستحيل على حزب "ازرق ـ ابيض" ان يشكل الحكومة بالاستناد الى مجرد تفاهم مع حزب ليبرمان دون دعم القائمة المشتركة، لأن اقصى ما يمكن ان يصله هذا الحزب بالتحالف مع ليبرمان 57 او 58 مقعداً.باختصار فإن حزب "أزرق ـ أبيض" أمامه احتمال واحد لتشكيل الحكومة الجديدة وهو التفاهم مع حزب ليبرمان ومع احد تشكيلات اليمين المؤتلفة مع نتنياهو، أو ربما بعض أعضاء حزب الليكود الذين يمكن ان يتمردوا على "تماسك" اليمين، وذلك إذا افترضنا ان دعم القائمة المشتركة لم يعد وارداً بعد قبول غانتس بصفقة القرن، ومجاهرته بدعمها بما في ذلك موضوع الضم.

إذا فشل هذا الاحتمال، أي ظل اليمين الحاكم متماسكاً، واحجم الليكود عن الاستغناء عن نتنياهو، ورفض التضحية به، وإذا بقي حزب "ازرق ـ ابيض" على مواقفه من صفقة القرن فان الانتخابات الرابعة تصبح مرجحةً للغاية ولا مناصَ منها.الاستنتاج المنطقي هنا هو ان القائمة المشتركة اصبحت هي بيضة القبان الحقيقية وليس ليبرمان وحده، وأصبح دعم "المشتركة" من عدمه هو الذي يقرر فيما اذا كان غانتس قادراً على تشكيل هذه الحكومة المنتظرة.
هنا يطرح السؤال التالي:

هل راهن غانتس عندما قبل بالخطة الأميركية على التوقعات بسقوط نتنياهو، وبالتالي على سقوط الخطة، وبذلك يكون غانتس في حل من الاستمرار بتبنيها وهو ما يؤسس لنقاش جديد مع "المشتركة"؟أم ان حديث غانتس عن الموافقة على الضم مشروط بالتفاهم مع الأردن ومع القيادة الفلسطينية هو خط الرجعة الذي أبقى عليه غانتس من اجل إعادة النقاش مع "المشتركة"؟ام أن غانتس يراهن على عدم تماسك الائتلاف الحاكم بعد سقوط نتنياهو؟
ام ربما راهن على تغير موقف ليبرمان من شرط عدم دعم "المشتركة" للحكومة الجديدة؟ او ربما مراهنة غانتس على تنازلات معينة من قبل الأحزاب الدينية او واحد منها على الأقل مقابل قبول ليبرمان بالتفاهم معها على أسس جديدة؟

كل هذه الاحتمالات واردة، وربما تكون موضع مراهنات وترجيحات في إطار خارطة الاحتمالات الممكنة لما بعد الانتخابات الإسرائيلية.أميل الى الاعتقاد بأن الإدارة الأميركية على يقين كامل بأزمة نتنياهو، وصعوبة عودته كرئيس للوزراء، وربما أنها بدأت بالمراهنة على حزب "ازرق ـ ابيض" لكي يشكل الحاضنة الجديدة "للصفقة"، بل وربما ان مسألة او شرط التفاهم مع الأردن ومع القيادة الفلسطينية يروق للولايات المتحدة، خصوصاً وان "الصفقة" ستترنّح بعد انزواء نتنياهو عن المشهد السياسي في إسرائيل كما هو مرجح.

بالتالي تعطي الولايات المتحدة لنفسها فرصة جديدة، وتعطي لحزب "ازرق ـ ابيض" فرصة "التعديل" على الصفقة حتى تبقى في الإنعاش بدلاً في الموت السريري.ليس مستحيلاً أبداً ان يكون غانتس قد حسب كل هذه الحسابات، وليس مستبعداً أن يكون التفكير الأميركي قد ذهب الى أبعد مما يتم الإعلان عنه.لهذا كله المعادلة ما زالت في غاية الاضطراب ولا يمكن ان ينجح نتنياهو وتنجح إسرائيل في آن معاً، وأما الضم فلن يطرح على جدول الأعمال إلاّ إذا تشكلت حكومة "اتحاد وطني" واسعة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معادلة الفشل والنجاح في الانتخابات الإسرائيلية معادلة الفشل والنجاح في الانتخابات الإسرائيلية



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 09:38 2016 الثلاثاء ,22 آذار/ مارس

«بوليساريو» الداخل..!

GMT 09:46 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

برودكوم تعرض الاستحواذ على كوالكوم مقابل 130 مليار دولار

GMT 01:09 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

Poison Girl Unexpected الجديد من "ديور" للمرأة المفعمة بالأنوثة

GMT 18:56 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

الأهلي يخطف كأس السوبر بعد الانتصار على المصري بهدف نظيف

GMT 18:18 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

تامرعبد المنعم يصالح محمد فؤاد في حفلة زفاف

GMT 21:31 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

مدينة تاوريرت تستقبل حافلتين من اليهود

GMT 04:47 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

توقيف أحد مهربي المواد المخدّرة في مدينة بركان

GMT 23:59 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

مواهب صغيرة تُشارك في الموسم الثاني لـ "the Voice Kids"

GMT 21:14 2015 الأربعاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

فوائد عصير البطيخ المر في القضاء على الخلايا السرطانية

GMT 19:59 2017 الجمعة ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

دار "LAVINTAGE" تغازل الباحثات عن الأناقة في مجوهرات 2018

GMT 06:17 2016 الثلاثاء ,05 إبريل / نيسان

دور المثقف في المجتمعات العربية
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca