أخر الأخبار

نحو إعادة صياغة الرواية الأساسية

الدار البيضاء اليوم  -

نحو إعادة صياغة الرواية الأساسية

طلال عوكل
بقلم : طلال عوكل

يستمر نشطاء المجتمع من السياسيين والكتاب والمثقفين، والمجتمع المدني في إجراء مناقشات مستفيضة، لمضامين وأبعاد الخطة الأميركية الاسرائيلية ويصرفون جهدا كبيرا، حتى يتوصلوا الى قناعة بضرورة رفض تلك الخطة. أما عن الاقتراحات والأفكار، فإنها تكرر خطابات سابقة، وبلغة حادة، لم تنفع في تغيير الواقع الفلسطيني.بعد خطاب الرئيس، عادت الأسئلة التي تنتمي الى خطاب وفكر الانقسام لتبحث بين الكلمات، عن قرائن للتشكيك في مدى صلابة الموقف. يتجاهل هؤلاء عن وعي أحيانا وعن قصد في أحيان أخرى، ان الرئيس لا يتحدث أمام جمهور فلسطيني او عربي، وإنما أمام محفل دولي، لا يستمع للكلمات الحماسية، وإنما إلى لغة العقل والإقناع.

يمكن لأي مسؤول فلسطيني ان يقف على منصة مجلس الأمن الدولي فيلقي بكلمات غاضبة حادة خطابا جيفاريا ثوريا من «قاع الدست» كما يقال لكن المسؤولية الوطنية تتطلب شرحا للموقف ومسوغاته، بلغة سياسية ودبلوماسية فالأمر يتعلق بحشد المجتمع الدولي لمناهضة المخطط الأميركي والانتصار للقانون والقرارات الدولية.في إطار التشكيك يجري تعزيز لغة الشك والسلبية، بتوظيف ظهور إيهود أولمرت رئيس الحكومة الاسرائيلية السابق، الى جانب الرئيس عباس خلال مؤتمر صحافي. الحقيقة هو ان هذه الخطوة تستحق التقدير وتنتمي الى عمل سياسي بارع حيث يقدم أولمرت، شهادة لصالح الفلسطينيين، وفي معارضة الخطة الأميركية.

من المهم اللعب في ساحة الآخر، الأميركي والإسرائيلي، والاستناد الى معارضي الخطة، للتأكيد على صحة الموقف الفلسطيني، ولإظهار مدى خطورتها حتى على الدول التي تتبناها وتحتفل بها وتستعجل إدخالها حيز التنفيذ.
أولمرت لن يعود الى رئاسة الحكومة، وهو لا فرص قوية له، لكي يعود الى ساحة الفعل السياسي الإسرائيلي، وبالتالي الى مربع العمل من اجل اتفاقية سلام، لكنه يملك تجربة وصوتا مسموعا في إسرائيل وفي خارج إسرائيل، ويمكن لهذا الصوت ان يشكل كتلة فاعلة في الداخل الإسرائيلي معارضة لسياسة الحكومة.

وعودة الى النقاشات المكثفة، لمضامين وأبعاد الخطة الأميركية الاسرائيلية نرى بأن الوقت قد حان لترك السياسة للسياسيين، ونحو انخراط المثقفين والكتاب في إعادة صياغة الرواية الفلسطينية الأساسية وتفنيد الرواية الاسرائيلية.للسياسيين ان يختاروا التكتيكات التي يرونها مناسبة بما في ذلك استخدام لغة السلام، والمفاوضات، والبحث عن آليات جديدة تتجاوز الاحتكار الأميركي، بهدف توسيع دائرة التضامن الفعال على مختلف الصعد العربية أولاً ثم الإقليمية والإسلامية والإنسانية. يفهم السياسيون، حتى لو انهم لا يعترفون بأن مرحلة أوسلو قد انتهت وانها انتهت الى فشل، ويفهمون أيضاً ان رؤية الدولتين، لم تعد مطروحة في السوق العملية، فلقد حولتها السياسية الاسرائيلية الأميركية، الى أيقونة اعتراضية ليس أكثر، وخطاب علاقات عامة لشرح او التضامن مع المظلومين الفلسطينيين.

واقعياً، فإن الكل سواء السياسيون او المثقفون، وحتى المواطن الفلسطيني باتوا يدركون، ان هذه الخطة تصادر كل حقوق الشعب الفلسطيني، وانها جزء أصيل من المخطط الصهيوني الأساسي، ما يعني ان الصراع دخل مرحلة جديدة، مفتوحة على كل الحقوق.يمكن للمثقف أن يفعل ذلك لكن السياسي يحتاج الى قراءة مختلفة تتسم بالواقعية، حتى لا يؤدي الخطاب الجذري الى استفزاز من يحرصون على وجود وأمن إسرائيل، وفي الوقت ذاته يناصرون الحق الفلسطيني الذي تقرره الشرعية الدولية.

في هذا السياق وبشكل عام، يمكن الاعتراف بأن الحلف الأميركي، الإسرائيلي، قادر على فرض هذا المخطط التصفوي التوسعي، بمعنى أن يربح المعركة السياسية، لكن ربح هذه المعركة، وعشرات المعارك السياسية، لا يهدد الرواية والأهداف الفلسطينية. المهم ان الثقافة هي الجدار الأخير والاهم، وبالتالي على المثقفين او من يعتبرون انفسهم كذلك، ينبغي ان يتجندوا لخوض المعركة الثقافية، وأن يتجندوا لإعادة صياغة الوعي الفلسطيني والعربي والإنساني على أساس حقائق الصراع. للرئيس أن يقول بأن الولايات المتحدة فقدت الأهلية، للقيام بدور الوساطة او الإشراف على العملية السياسية، لكن المثقف لا يجوز له ان يكرر ما يضطر الرئيس لقوله. المثقف عليه، أن يعيد صياغة الفكر السياسي على أساس ان الولايات المتحدة تقف على رأس الدول الاستعمارية وعلى رأس معسكر أعداء الشعب الفلسطيني.

القضية بالنسبة للمثقف لم تعد قضية الأراضي المحتلة العام 1967، وما يصاحب ذلك، من قضايا وفق نصوص قرارات الأمم المتحدة، التي لم تكن منصفة، وإنما محكومة لمعادلات وتوازنات القوة والمصالح، والقضية أساساً قضية صراع على كل الحقوق وكل الأرض.ومن حيث المبدأ فإن مرحلة جديدة تنطوي على مخاطر جسيمة، تحتاج الى أدوات جديدة، وآليات عمل واستراتيجيات مختلفة. إذا كان ثمة عذر للسياسي لأن يؤجل اعتماد استراتيجيات تناسب المرحلة لكننا لا نجد له العذر لاستمرار حالة الانقسام، وبالتأكيد لا يملك المثقف الحق في ألا ينخرط في البحث عن الاستراتيجيات المناسبة.في كل النشاط الحواري الجاري، النتائج والمخرجات معروفة سلفاً ومكرورة ومملة إلى حد كبير، ولذلك، ينبغي أن يتحول المثقفون نحو مهمتهم الأساسية، التي تتصل بالترويج ونشر الوعي بالرواية الأصلية للصراع والحقوق.

قد يهمك أيضــــــــــًا :

هي الحرب وعليكم أن تستعدوا لخوضها

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نحو إعادة صياغة الرواية الأساسية نحو إعادة صياغة الرواية الأساسية



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 22:38 2017 الخميس ,21 أيلول / سبتمبر

حادث بشع يودي بحياة تلميذة في سوق السبت

GMT 23:56 2019 الجمعة ,12 إبريل / نيسان

مقتل شخص وإصابة أخر جراء حادث سير في فاس

GMT 15:18 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

"إنيرجي" تعتزم بدأ حفر 12 بئرًا للغاز الطبيعي في المغرب

GMT 07:03 2018 الأربعاء ,19 أيلول / سبتمبر

أبرز المعالم السياحية الأكثر شهرة لمحبي المغامرة

GMT 15:54 2012 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

النحل الطنان يقطع مسافات طويلة من أجل الزهور كثيرة الألوان

GMT 08:40 2017 الأربعاء ,04 كانون الثاني / يناير

إحدى ضحايا هجوم إسطنبول تتوقع وفاتها عبر "فيسبوك"

GMT 06:39 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

الإعلان عن 3 منازل جديدة مرشحة للفوز بجائزة RIBA 2017

GMT 17:20 2017 الإثنين ,11 أيلول / سبتمبر

بدر كادارين خارج حسابات عموتة لأسباب غامضة

GMT 19:11 2014 الجمعة ,26 أيلول / سبتمبر

الإتحاد المغربي يقرر إصلاح ملعب محمد الخامس

GMT 07:44 2017 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

محمد رياض يكتشف خبث يوسف الشريف في "كفر دلهاب"

GMT 09:21 2017 الجمعة ,23 حزيران / يونيو

خطوات مهمة تساعد على تخفيف أعراض مرض البواسير

GMT 07:52 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على ما وراء كواليس عرض أزياء "فيتون" في اليابان
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca