هي الحرب وعليكم أن تستعدوا لخوضها

الدار البيضاء اليوم  -

هي الحرب وعليكم أن تستعدوا لخوضها

طلال عوكل
بقلم : طلال عوكل

حاملاً على ظهره الإنجاز الذي حصل عليه من توأمه الرئيس الأميركي، المسمى صفقة القرن، يصول نتنياهو ويجول، بحثاً عن مزيد من الدعم والإنجازات الوهمية، استفادة مما تبقى له من وقت لإنقاذ مستقبله السياسي، المهدد فعلياً سواء بالنتائج المرتقبة للانتخابات، أو بالملاحقات القضائية.نتنياهو يخوض حملته الانتخابية مبكراً، ومستغلاً استمرار وجوده على رأس حكومة عرجاء، بدون أن يلتفت الى ما يدور حوله في المنطقة والعالم، حيث ينجح الفلسطينيون في إغلاق الدوائر العربية والإقليمية والإفريقية والدولية في وجه الصفقة التي يحتفل بإنجازها. الطريق أمام الفلسطينيين لا يزال مفتوحاً على اتساعه، لمحاصرة تلك الصفقة، وأصحابها الذين يتعاملون بخفة شديدة، مع ما يمكن أن ينجم عن تطبيق تلك الصفقة على مستقبل إسرائيل، عمرها ووجودها.

نعلم أن غطرسة القوة الإسرائيلية المدعومة، بغطرسة القوة الأميركية، يمكن ان تدفع الأحداث نحو الهاوية، بدون إبداء اي اهتمام بقيمة ودور المجتمع الدولي، لكنهما تكرران تجربة النظام العنصري في جنوب افريقيا، الذي سقط تحت وطأة العزلة، والاستخفاف بمواقف وأدوار الآخرين. كانت تجتاحه رغبة جامحة في ان يبدأ باتخاذ وفرض إجراءات تطبيق القانون الإسرائيلي على منطقة الأغوار وشمال البحر الميت، والمستوطنات، قبل الانتخابات، لكن نتنياهو اضطر بسبب التدخل الأميركي لتأجيل ذلك، والا لكان اقام احتفالاً عرمرمياً، حتى لو ادى الى اضطراب كبير في الضفة الفلسطينية، وفي كل أنحاء الوطن الفلسطيني.

يخترع بديلاً عن ذلك، البدء برسم خرائط جديدة لإسرائيل، تشمل المناطق في الضفة والقدس التي ستضاف الى حدود عام 1948 لكن الأميركي يقول له مرة اخرى، ان إنجاز مثل هذه الخرائط هو من وظيفة لجنة مشتركة.
غير ان النصائح الأميركية لنتنياهو، بتأجيل البدء في تنفيذ الصفقة وإحالة رسم الخرائط الى لجنة مشتركة، لا يعني ان الإدارة الأميركية قد تفكر بالتراجع عن دعم عملية تنفيذ الصفقة، أو انها يمكن ان تفكر بإدخال تعديلات عليها، حتى تكون مقبولة من الفلسطينيين. ترامب كما نتنياهو، لا يعير اهتماماً لمواقف المجتمع الدولي، فهو منذ بدايات عهده، اعلن الحرب على الأمم المتحدة، واعلن حروبا على الكل بما في ذلك الحلفاء التاريخيون للولايات المتحدة ما عدا إسرائيل.

ولا يعير ترامب كما نتنياهو للأصوات الداخلية الرافضة للخطة والمحذرة من تداعيات السياسة الأميركية المنحازة كليا لإسرائيل، بما في ذلك آراء شخصيات معروفة بولائها الصهيوني مثل مارتن انديك، العضو في "ايباك"، وبما في ذلك مئة وسبعة أعضاء كونجرس من الديمقراطيين الذين عبروا عن رفضهم للصفقة، ليس من باب تبني الحقوق الفلسطينية وإنما من باب مدى خطورتها على الولايات المتحدة.هذا يعني ان موضوع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والسياسة الأميركية إزاء ذلك، سيكون واحداً من القضايا المثارة في برامج الانتخابات الأميركية، خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة، وهو امر لم يحصل قبل ذلك. وبغض النظر عن طريقة وخلفيات إثارة هذا الملف خلال الحملات الانتخابية، ان كان من باب التحريض الديمقراطي على المرشح الجمهوري، او كان ذلك بسبب أدراج الصفقة كأحد اهم إنجازات ترامب، فإن المواطن الأميركي سينخرط في هذا الصراع، الأمر الذي يوسع من دائرة وعي الأميركيين لحقائق هذا الصراع، والدور الذي تلعبه بلادهم إزاءه.

لقد جرب الإسرائيليون مؤشرات على ردود الفعل الفلسطينية على تلك الصفقة خلال ما يعرف بأسبوع الغضب، حيث سقط ستة شهداء فلسطينيين، قاموا بعمليات طعن أو دهس، أو إطلاق نار، هذا بالإضافة الى إصابات أخرى، نتيجة المواجهات التي وقعت على مفترقات الطرق في معظم المدن والقرى في الضفة.بعض المسؤولين الأمنيين السابقين، أخذوا يحذرون من أن تنفيذ الصفقة من شأنه ان يضيف جبهة مواجهة أخرى، في الضفة بالإضافة الى جبهة غزة وجبهة الشمال.

أسبوع الغضب كان مجرد مؤشر، ليس أكثر بالرغم من عدم توقف التنسيق الأمني، فكيف حين تشرع إسرائيل في تنفيذ الصفقة، ويضطر الفلسطينيون الى تنفيذ قراراتهم بشأن كل ما يتصل بالعلاقة مع إسرائيل كما رتبتها اتفاقية أوسلو؟لهذا يصب كل من كوشنير ونتنياهو غضبهما على الرئيس محمود عباس، على أنه المحرّض على ما يعتبرونه إرهاباً، وكأنهم ينتظرون منه، أن يكتفي بإعلان رفض الصفقة وبأقل قدر ممكن من الكلمات. عجيب أمر هؤلاء الساسة في هذا الزمن الأغبر، إذ يتوقعون ذبح الضحية، دون ان يصدر عنها اي صوت أو حركة.

نتنياهو يعلن مفهومه للإرهاب، بما يشمل السكين والبندقية والدهس والحجر، ولذلك فإنه يحضر لحملة عسكرية وأمنية واسعة في الضفة والقدس، وفي الوقت ذاته يرفع عقيرته، بالتهديد لغزة، ويحضر للقيام بحملة عسكرية كبيرة.
والحقيقة أن نتنياهو لو كان في حساباته أن عدواناً واسعاً على غزة، يمكن ان يساعده على انقاذ نفسه، لكان فعلها دون تردد لكنه يخشى أن تطيح الصواريخ، بما تبقى له من شعبية.ما ينبغي للأميركان والإسرائيليين أن يعرفوه، بأنهم، قد اعلنوا الحرب على فلسطين ومن يناصرها، منذ أن اتخذ ترامب قراره بشأن القدس، وان الفلسطينيين جديرون بخوض هذه الحرب متسلحين بقوة الحق. غير انه إذا كان من اعلنوا الحرب على الفلسطينيين قد جندوا كل إمكانياتهم في المعركة، الا ان الفلسطينيين لا يزالون يعانون من نقطة ضعف قاتلة، تتصل باستمرار الانقسام، وهو أمر لا يمكن لفلسطيني وطني أن يقبله. أما وان إنهاء الانقسام قد بات واجباً، وضرورياً، فإن إنجاز هذا الملف اليوم، بات أكثر إلحاحاً، حتى لو ان ذلك سيكلف الفلسطينيين ثمناً كبيراً، فوق ما دفعوه من أثمان ستكون أقل تكلفة من ضياع الحقوق.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هي الحرب وعليكم أن تستعدوا لخوضها هي الحرب وعليكم أن تستعدوا لخوضها



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 09:38 2016 الثلاثاء ,22 آذار/ مارس

«بوليساريو» الداخل..!

GMT 09:46 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

برودكوم تعرض الاستحواذ على كوالكوم مقابل 130 مليار دولار

GMT 01:09 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

Poison Girl Unexpected الجديد من "ديور" للمرأة المفعمة بالأنوثة

GMT 18:56 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

الأهلي يخطف كأس السوبر بعد الانتصار على المصري بهدف نظيف

GMT 18:18 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

تامرعبد المنعم يصالح محمد فؤاد في حفلة زفاف

GMT 21:31 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

مدينة تاوريرت تستقبل حافلتين من اليهود

GMT 04:47 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

توقيف أحد مهربي المواد المخدّرة في مدينة بركان

GMT 23:59 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

مواهب صغيرة تُشارك في الموسم الثاني لـ "the Voice Kids"

GMT 21:14 2015 الأربعاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

فوائد عصير البطيخ المر في القضاء على الخلايا السرطانية

GMT 19:59 2017 الجمعة ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

دار "LAVINTAGE" تغازل الباحثات عن الأناقة في مجوهرات 2018

GMT 06:17 2016 الثلاثاء ,05 إبريل / نيسان

دور المثقف في المجتمعات العربية
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca