أيّ مـال عـربـي نـحـتـاج

الدار البيضاء اليوم  -

أيّ مـال عـربـي نـحـتـاج

طلال عوكل
بقلم : طلال عوكل

ربما ليست المرة الأولى التي يمتنع فيها بنيامين نتنياهو عن التباهي بعلاقات إسرائيل مع دولة عربية. غير أن الأمر هذه المرة مختلف تماماً، فلقد أبدى استياءه من قيام أفيغدور ليبرمان، بالكشف عن زيارة سرية قام بها رئيس «الشاباك»، وقائد المنطقة الجنوبية في الجيش، في الخامس من هذا الشهر لقطر.نتنياهو يتهم ليبرمان، بأن الكشف عن هذه الزيارة السرية، يستهدف «الليكود»، حيث إن هدف الوفد الإسرائيلي، هو بناء لتوجيه نتنياهو، مطالبة قطر بمواصلة تقديم الأموال لحركة حماس، الأمر الذي ينطوي على استمرار ليبرمان في التحريض على نتنياهو بشأن ما يعتبره مرونة زائدة لا ضرورة لها مع «حماس» وفصائل غزة.

لطالما استخدم ليبرمان موضوع السياسة التي يتبعها نتنياهو تجاه غزة على أنها تنطوي على خضوع لما يسميه الإرهاب، ومساس بقدرة الردع الإسرائيلي.يفعل ليبرمان ذلك، حين يكون خارج الحكومة، للمزايدة على الآخرين لكنه لم يفعل ذلك حين كان وزيرا للدفاع، حيث اضطر لمسايرة السياسة التي يتبعها نتنياهو رغم انه، أي ليبرمان، كان يطالب دائما بالقضاء على ما يسميه الإرهاب في غزة.بالتأكيد ثمة دوافع انتخابية لدى نتنياهو، الذي ما كان ليفوت فرصة الإعلان عن الزيارة في سياق التبجح بإنجازاته، لولا أن الأمر يتصل، برغبته في تهدئة الجبهة مع فصائل المقاومة في قطاع غزة، يفضح هذا السلوك التهديدات الصارخة التي دأب نتنياهو على إطلاقها في الأسابيع الأخيرة، حتى خلق مناخاً، بأن العدوان الواسع على القطاع بات مطروحا على طاولة الاستعجال.

نتنياهو يوظف التهديد من أجل الضغط ليس أكثر، وحتى تقبل «حماس» والفصائل، بمواصلة الهدوء والتوقف عن إطلاق البالونات المتفجرة بعد أن أوقفت مسيرات العودة، لكنه حين فشل في ذلك، اتخذ خطوتين متزامنتين.
الخطوة الأولى، إرسال الوفد الأمني إلى قطر، لكي يستأنف ضخ الأموال التي اعتادت على تقديمها لحركة حماس منذ نهاية العام 2018، مقابل تهدئة الأوضاع.الخطوة الثانية، حين اعلن عن إجراءات تخفيفية أثارت استغراب بعض الإسرائيليين، حيث رفع عدد التصاريح المقدمة للتجار إلى سبعة آلاف تصريح، مرشحة لأن تتم زيادتها مرة أخرى إلى عشرة آلاف تصريح بالإضافة لتوسيع مساحة الصيد البحري إلى خمسة عشر ميلاً.
خلافاً للهجة التهديد عالي النبرة، التي اطلقها نتنياهو، وهي موجهة للمستوطنين من اجل تحسين فرصه الانتخابية، فإنه لا يرغب بالمطلق في القيام بأي تصعيد مع الفصائل في غزة، حتى لا يرتد عليه ذلك بإطلاق عشرات وربما مئات الصواريخ على تل أبيب، الأمر الذي سيؤدي إلى فقدانه المزيد من الأصوات الانتخابية.

هي عادة الاحتلال الغادر، الذي لا يمكن الثقة بأي التزامات او اتفاقات او تفاهمات، فهو إذ يلبس اليوم قبل الانتخابات فروة الحمل فإنه سرعان ما أن يستبدله بجلد الذئب بعد الانتخابات.ولكن على المقلب الآخر، فإن مسارعة السفير القطري محمد العمادي، بالوصول إلى غزة، لاستئناف ما تقدمه قطر، من أموال لتغطية الرواتب، ودعم بعض المشاريع، وتقديم المساعدة الاجتماعية، كل هذا يفضح الدور السياسي القطري.مشكورة قطر طبعاً على ما قدمت وتقدم من مشاريع وأموال ومساعدات لقطاع غزة، لكن هذه المساعدات لا تنطلق من مبدأ دعم القضية الفلسطينية، ومساعدة الفلسطينيين على مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، أو في مواجهة صفقة القرن.

قطر من أوائل الدول العربية التي أقامت علاقات مع إسرائيل وفتحت مكتباً تجارياً لها في الدوحة، وكان ذلك قبل موجة الانهيارات العربية التي ظهرت مؤخراً بكثير، وقبل أن تفتح أبواب العواصم العربية أمام رياح التطبيع مع إسرائيل.أغلقت قطر المكتب، ولكنها أبقت الأبواب مفتوحة، يشهد عليها، وصول العمادي وفريقه، عن طريق مطار بن غوريون، وتحريك الأموال والمساعدات بالتنسيق والتوافق مع إسرائيل.لقد لعب ولا يزال المال العربي يلعب أدواراً، سوداء في مختلف أنحاء الوطن العربي، فالمال يمول الإرهاب لإثارة وتأجيج الصراعات الداخلية في بعض الدول العربية، وبالمال العربي يجري شراء الأسلحة والمرتزقة، انتقاماً من بعض الأنظمة، أو لخدمة السيد الأميركي الإسرائيلي.

المال العربي أمام امتحانات صعبة، فالشعب الفلسطيني بحاجة الى المال الوطني القومي، الذي يمكن الفلسطينيين من تعزيز صمودهم وتعزيز قدرتهم على مواجهة السياسة الأميركية الاسرائيلية. يحتاج الفلسطينيون الى المال، العربي الصافي النقي الذي يمكنهم من إنهاء انقسامهم وتجاوز نقاط ضعفهم، وحاجتهم للمساعدة، بعد ان قامت الولايات المتحدة بالضغط عليهم وابتزازهم من باب الحاجة للمال. المال العربي مرحب به حين يكون بقرار عربي، ولمصلحة العرب، وليس بما يخدم المخططات المعادية للشعب الفلسطيني والأمة العربية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أيّ مـال عـربـي نـحـتـاج أيّ مـال عـربـي نـحـتـاج



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 08:13 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العقرب الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 17:59 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء محبطة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 02:12 2018 السبت ,07 تموز / يوليو

قطار ينهي حياة شيخ ثمانيني في سيدي العايدي

GMT 10:19 2018 الثلاثاء ,17 إبريل / نيسان

"خلطات فيتامين سي" لشعر جذاب بلا مشاكل

GMT 13:54 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

نصائح مهمة لتجنب الأخطاء عند غسل الشعر

GMT 13:08 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

اختتام فعاليات "ملتقى الشبحة الشبابي الأول " في أملج

GMT 16:52 2015 الثلاثاء ,14 تموز / يوليو

كمبوديا تستخدم الجرذان في البحث عن الألغام

GMT 04:44 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

تصميم مجمع مباني "سيوون سانغا" في عاصمة كوريا الجنوبية

GMT 06:28 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

خبير إتيكيت يقدم نصائحه لرحله ممتعة إلى عالم ديزني

GMT 12:22 2016 الأربعاء ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مقتل 7 على الأقل في قصف جوي ومدفعي على حي الفردوس في حلب

GMT 04:48 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمير الوليد بن طلال يؤكد بيع أسهمه في "فوكس 21"

GMT 22:13 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

منتخب غانا يهزم نظيره المصري في بطولة الهوكي للسيدات
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca