الإصلاحيون .. والانتخابات البرلمانية الإيرانية

الدار البيضاء اليوم  -

الإصلاحيون  والانتخابات البرلمانية الإيرانية

عبير بشير
بقلم : عبير بشير

بعد أربعين عاماً على الثورة الخمينية، من ضمنها ثلاثة عقود من السلطة المطلقة للمرشد علي خامنئي، فقدت الثورة زخمها، وتكفي قراءة الدعوات المتكررة من المرشد للشعب الإيراني، للنزول بكثافة للمشاركة بالاقتراع في 21 شباط الجاري في الانتخابات التشريعية. لكي يثبت للعالم بأنه بخير، وأنه صامد وثابت ويقاوم وسيقاوم، لكي تشعر بأن الأمور ليست على ما يرام.ويتقن نظام المرشد تغليف قراراته وخطواته الاقتصادية والسياسية بغطاء أيديولوجي، مزدان بالمصطلحات الثورية المتوهجة، فعندما اتخذت إدارة البيت الأبيض قرارها بتصفير صادرات إيران النفطية، أعلنت طهران عن انتقال المواجهة مع الولايات المتحدة إلى مرحلة جديدة أطلقت عليها شعار «الصبر الاستراتيجي» و»الاقتصاد المقاوم» القائم على معادلة تقطيع الوقت والالتفاف على تداعيات العقوبات حتى نهاية ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

ويمر النظام الإيراني بضائقة معنوية منذ رده الهزيل على مقتل الرجل الثاني في النظام «قاسم سليماني» فقد كشف حجم الرد عن عجزه البنيوي في الدفاع عن نفسه، وعن حجم العطب في هيكليته السياسية والعسكرية.
ويتسع القلق الإيراني الدائم في الدفاع عن الهوية والمكان، ويزداد عندما تصبح الهوية أوسع من الجغرافيا، فتفرض على مريديها الذهاب خارج الحدود.. لذلك لم يعد ممكنا فصل أزمة النظام الإيراني الداخلية عن أزمته الخارجية، حيث يتعرض النظام لضغوط داخلية وخارجية تهدف إلى إجباره على تغيير طبيعته في الداخل وتراجعه في الخارج، وعلى الرغم مما يتعرض له من تهديدات سيادية، وقيام الولايات المتحدة بتصفية مهندس مشروعه التوسعي «قاسم سليماني، إلا أن النظام فشل في إثارة الداخل ودفعه للتمترس خلف المشاعر القومية، لمواجهة مخاطر خارجية.. في الوقت الذي تمر البنية الاقتصادية لإيران بأزمة عميقة، نتيجة تمزيق ترامب للاتفاق النووي معها، وحجم الإنفاق العسكري الهائل، على أساس أن الدولة القوية تقوم فوق فوهة المدفع والصاروخ.

ويصر المرشد خامنئي على متابعة تنفيذ الاستراتيجية التي وضعها مع الجنرال قاسم سليماني رغم مقتله، وذلك بنقل الحروب بعيدا عن الحدود الإيرانية، وباسم القدس. ولعل أخطر ما حصل باسم القدس ان الجنرال سليماني وخامنئي حولا الطريق بعيداً جداً عن القدس باتجاه باب المندب، وسورية.غير أن اللكمات التي خلفتها الاحتجاجات الشعبية الأخيرة على وجه النظام الإيراني، لم يعد بالإمكان إخفاؤها، ورغم نجاح النظام في قمع الاحتجاجات، لكنه يدرك أن جذوتها ستبقى مستعرة.

وبعد شطب مجلس صيانة الدستور الذي يهيمن عليه رجال خامنئي لأوراق ترشح قائمة طويلة من المعتدلين والإصلاحيين، للانتخابات البرلمانية، الأمر الذي يبدو بأن هذه الانتخابات، مجرد توقيع شعبي على بياض، وباختصار شديد إنها كل شيء سوى أنها انتخابات. لذلك اتهم الرئيس الإيراني حسن روحاني ضمنیاً مجلس صيانة الدستور -المحسوب علی التيار المحافظ- بهندسة الانتخابات جراء تصفية الشخصيات الإصلاحية، محذراً من أنه لا يمكن إدارة البلاد علی يد تيار واحد .. هو تيار المرشد.

أما المرشد خامنئي الذي يبدو انه تلقى تقارير عن خطورة الوضع وإمكانية أن تتحول نتائج الانتخابات الى أكثر من عود ثقاب تشعل الشارع مع تعمق الأزمة الاقتصادية والمعيشية، فدعا إلى كثافة الاقتراع وقال: «ربما هناك من لا يحبني، لكن لو كان يحب إيران ويحرص على أمنها فيجب أن يأتي إلى صندوق الاقتراع.ويواجه الإصلاحيون الإيرانيون اليوم تقلصاً حاداً في رصيدهم الاجتماعي، بعد الأزمة الاقتصادية الحادة وموجة الاحتجاجات العنيفة التي هزت إيران، بسبب رفع حكومة حسن روحاني أسعار البنزين، الأمر الذي أدى إلى عزوف الكثير من الوجوه الإصلاحية المعروفة عن الترشح لهذه الدورة البرلمانية.

وقد دق الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي ناقوس الخطر، واعترف بأن التيار الإصلاحي خسر شارعه وبات من الصعوبة إقناعه المشاركة في أي انتخابات قادمة، والسبب بالنسبة إليه يعود إلى حالة الإحباط وإلى خيبة الأمل التي أصابت الجمهور، نتيجة فشل الحركة الإصلاحية في تحقيق الحد الأدنى من الشعارات الانتخابية التي رفعتها ودعت على أساسها الناخب الإيراني إلى منحها الثقة، وهي تحقيق الرفاهية والازدهار. وهذا سيرفع حظوظ المحافظين لاكتساح نتائج الانتخابات البرلمانية المقبلة، ليشكلوا برلماناً محافظاً بامتياز، ليس لأن الأصوات المؤيدة للإصلاحيين ستذهب في سلّتهم الانتخابية، بل لأن لديهم شريحة انتخابية ثابتة، تصوت لصالحهم أياً كانت الظروف.

وثمة أسباب ممتدة تقف خلف عزوف الإصلاحيين عن الدفع بقوة باتجاه الترشح لهذه الدورة من الانتخابات البرلمانية، هي عدم قدرة الإصلاحيين أنفسهم على إنتاج كوادر شابة مؤثرة منتمية إلى هذا التيار، ومؤمنة في الوقت ذاته بعملية الإصلاح «قلباً وقالباً»، وكذلك إلى انعدام منهج واضح في جبهة الإصلاحات.أما بالنسبة للأسباب العاجلة، فهي ترتبط بتداعيات الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي، وما تبعه من تأثير فرض عقوبات شاملة على الوضع الداخلي في إيران سياسياً واقتصادياً، إذ إنها وضعت حكومة روحاني، والإصلاحيين الداعمين لها، في وضع محرج أمام جماهيرهم والقوى المنافسة لهم، كون ترامب أطاح بأهم إنجاز للحكومة المدعومة من الإصلاحيين في السياسة الخارجية، أي الاتفاق النووي. وكان روحاني وعد الإيرانيين حين جرى التوصل إلى الاتفاق عام 2015 بأنه سيكون بداية مرحلة ازدهار اقتصادي في البلاد، لكن عودة العقوبات الأميركية قضت على هذا الحلم. واستهدفت هذه العقوبات كل مفاصل الاقتصاد الإيراني.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإصلاحيون  والانتخابات البرلمانية الإيرانية الإصلاحيون  والانتخابات البرلمانية الإيرانية



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 08:13 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العقرب الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 17:59 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء محبطة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 02:12 2018 السبت ,07 تموز / يوليو

قطار ينهي حياة شيخ ثمانيني في سيدي العايدي

GMT 10:19 2018 الثلاثاء ,17 إبريل / نيسان

"خلطات فيتامين سي" لشعر جذاب بلا مشاكل

GMT 13:54 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

نصائح مهمة لتجنب الأخطاء عند غسل الشعر

GMT 13:08 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

اختتام فعاليات "ملتقى الشبحة الشبابي الأول " في أملج

GMT 16:52 2015 الثلاثاء ,14 تموز / يوليو

كمبوديا تستخدم الجرذان في البحث عن الألغام

GMT 04:44 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

تصميم مجمع مباني "سيوون سانغا" في عاصمة كوريا الجنوبية

GMT 06:28 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

خبير إتيكيت يقدم نصائحه لرحله ممتعة إلى عالم ديزني

GMT 12:22 2016 الأربعاء ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مقتل 7 على الأقل في قصف جوي ومدفعي على حي الفردوس في حلب

GMT 04:48 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمير الوليد بن طلال يؤكد بيع أسهمه في "فوكس 21"

GMT 22:13 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

منتخب غانا يهزم نظيره المصري في بطولة الهوكي للسيدات
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca