شرف خدمة الحجاج...

الدار البيضاء اليوم  -

شرف خدمة الحجاج

جبريل العبيدي
بقلم : جبريل العبيدي

الحج لا مكان فيه إلا للدعوة إلى الله وحده بالتلبية «لبيك اللهم لبيك»، وكل ما تجاوزها باطل. وتأتي خدمة حجاج بيت الله الحرام شرفاً كبيراً لا يمنحه الله إلا لمستحقه، ففي ذلك فضل وخير كثير، وحتى عندما فتح رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مكة المكرمة لم يسلب من يخدم بيت الله الحرام حق الاحتفاظ بمفاتيح الكعبة المشرفة، فقد ذكر ابن سعد في «الطبقات» عن ابن طلحة، قال: «كُنا نَفْتَحُ الْكَعْبَة فِي الْجاهلية يَوْمَ الاثنين وَالْخَمِيسِ، فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ - صَلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلمَ - يَوْماً يُرِيدُ أَنْ يَدْخُلَ الْكَعْبَة مَعَ الناسِ، فَأَغْلَظْتُ لَهُ وَنِلْتُ مِنْهُ، فَحَلُمَ عَني، ثُم قَالَ: يَا عُثْمَانُ لَعَلك سَتَرَى هَذَا الْمِفْتَاحَ يَوْماً بِيَدِي أَضَعُهُ حَيْثُ شِئْت. فَقُلْتُ: لَقَدْ هَلَكَتْ قُرَيْشٌ يَوْمَئِذٍ وَذَلتْ. فَقَالَ: بَلْ عَمرَتْ وَعَزتْ يَوْمَئِذٍ. وَدَخَلَ الْكَعْبَة فَوَقَعَتْ كَلِمَتُهُ مِني مَوْقِعاً ظَنَنْتُ يَوْمَئِذٍ أَن الْأَمْرَ سَيَصِيرُ إلَى مَا قَالَ، فَلَما كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ قَالَ: يَا عُثْمَانُ ائْتِنِي بِالْمِفْتَاحِ. فَأَتَيْتُهُ بِهِ، فَأَخَذَهُ مِني ثُم دَفَعَهُ إليّ وَقَالَ: خُذُوهَا خَالِدَة تَالِدَة لَا يَنْزِعُهَا مِنْكُمْ إلا ظَالِمٌ».
تشرفت المملكة العربية السعودية بخدمة بيت الله الحرام، وتسمى ملوكها بـ«خادمي بيت الله الحرام»، وهذا شرف كبير مستحق، فأبلوا البلاء الحسن، وتنافس ملوك المملكة العربية السعودية منذ عهد المؤسس الملك عبد العزيز، طيب الله ثراه، إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، في البناء والتطوير، وكل عام هناك جديد وتطوير في مرافق الحج، بل وحتى في المرافق الخدمية واللوجيستية وحتى الأمنية لضيوف الرحمن.
استطاعت المملكة العربية السعودية استقبال ملايين الحجاج، واستطاعت باقتدار السلطات الصحية والشرطية المختلفة؛ من جوازات وجمارك ومطافئ وسلامة وشرطة مرور، تأمين الحج وحجاج بيت الله الحرام حتى في أصعب الظروف؛ كجائحة «كورونا».
النجاح ليس فقط في استقبال ملايين الحجاج، فقد يقول جاهل إن هناك دولاً تستقبل سياحاً ضعف هذا العدد، فتكون الإجابة: ولكن المملكة العربية السعودية تستقبل الملايين في مكان واحد، وهو جبل عرفة، ويتم تأمين تفويج الملايين بسلاسة ويسر جعل كثيراً من دول العالم المتطور تعجز أمام هذه القدرة المهنية في السيطرة والتفويج لجموع الملايين في مساحة محددة وزمن محدد، فالوقوف بعرفة يتطلب تفويج الحجاج خلال ساعات محددة ليكونوا في عرفة، ويتطلب مغادرتهم في زمن محدد، وهنا تكمن المعجزة البشرية.
الحج شعيرة إسلامية وركن مهم من أركان الإسلام، ولا يمكن خلطه بصراعات سياسية، أو رفع شعارات دنيوية باطلة، ولا يحق للحاج سوى التلبية لله وحده عز وجل، والوقوف بالتساوي مع باقي حجاج العالم الإسلامي، في أكبر تجمع ديني يشهده العالم كل عام؛ يجمع الفقير والغني والأسود والأبيض... جميعهم سواء أمام الله عز وجل، لا يستر أجسامهم سوى محارم الإحرام البيضاء، يرددون كلمة سواء: «لبيك اللهم لبيك»، يجمعهم الحب والتسامح فيما بينهم.
شرف خدمة ضيوف الرحمن تكفلت به المملكة العربية السعودية، وكانت خير كفيل؛ إذ استطاعت توفير خدمات ومرافق تحقق الراحة واليسر؛ سواء في التنقل مثل مترو وقطار الحج، وفي الأنفاق والكباري والجسور، التي مكنت من تسهيل الحركة وخففت الازدحام والتدافع في رمي الجمرات، فتمكن الحجاج من الدخول من جهة والخروج من جهة أخرى في جسور الجمرات، حتى يمنع التدافع والازدحام الذي كان يتسبب في موت البعض اختناقاً.
مليارات الدولارات صرفتها المملكة العربية السعودية لتسهيل مناسك الحج، حتى أصبح من اليسر والسهولة أداء الشعائر من دون الخوف من الازدحام والتدافع، بسبب تطوير وتحسين البنى التحتية والمرافق؛ بل المزيد من الرفاهية في رمضاء بطحاء مكة المكرمة؛ إذ جلبت المملكة مظلات شمسية عملاقة صنعت خصيصاً للحج، ناهيك بتوفير مكيفات التبريد للطقس حتى في الشوارع؛ بل وتحت أرجل الطائفين بالبيت العتيق.
طوبى لكل من بذل جهداً في تحقيق هذه الإنجازات والمرافق في بطحاء مكة المكرمة وجبالها وفي مسجد رسول الله، صلى الله عليه وسلم... طوبى لهم شرف خدمة الحجاج التي «لا يَنْزِعُهَا مِنْكُمْ إلا ظَالِمٌ».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شرف خدمة الحجاج شرف خدمة الحجاج



GMT 20:42 2025 الخميس ,07 آب / أغسطس

شاعر الأندلس لم يكن حزيناً

GMT 20:40 2025 الخميس ,07 آب / أغسطس

كي لا تسقط جريمة المرفأ بالتحايل

GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

جورجينا تثير اهتمام الجمهور بعد موافقتها على الزواج وتخطف الأنظار بأجمل إطلالاتها

الرياض - الدار البيضاء اليوم

GMT 08:00 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 19:28 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 18:18 2022 الجمعة ,14 تشرين الأول / أكتوبر

مدرب المنتخب المغربي يحسم اللائحة الأولية لمونديال قطر

GMT 07:55 2018 الخميس ,24 أيار / مايو

سمر مبروك تطلق مجموعة جديدة من أزياء رمضان

GMT 05:20 2017 الأحد ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فيصل فجر يؤكد أن كرسي الاحتياط لا يزعجه في خيتافي

GMT 16:10 2017 الجمعة ,22 أيلول / سبتمبر

وسائل إعلام إسبانية تكشف انفصال شاكيرا وبيكي

GMT 05:47 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

نفوق حيوان بحري من نوع الحوت الأحدب في شاطئ القحمة

GMT 00:16 2017 السبت ,02 أيلول / سبتمبر

صور صدام حسين تلهب مواقع التواصل الاجتماعي

GMT 14:36 2014 الأربعاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الأسرة الملكيّة تحتفل بذكرى ميلاد الأميرة للا حسناء الأربعاء

GMT 20:30 2018 الأربعاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وقفة احتجاجية لذوي الاحتياجات الخاصة فى مراكش

GMT 16:35 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

باوتيستا تتأهل إلى ثاني أدوار بطولة بازل للتنس

GMT 03:59 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

عناصر مهمة لديكورات حمامات فخمة تخطف الأنظار

GMT 19:58 2018 الأحد ,21 تشرين الأول / أكتوبر

عمرو سلامة يشكر إذاعة "إينرجي" بعد تتويج مسلسل "طايع"
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
RUE MOHAMED SMIHA,
ETG 6 APPT 602,
ANG DE TOURS,
CASABLANCA,
MOROCCO.
casablanca, Casablanca, Casablanca