الاحتلال وقتل الحقيقة

الدار البيضاء اليوم  -

الاحتلال وقتل الحقيقة

جبريل العبيدي
بقلم: د. جبريل العبيدي

قتل شهود الحقيقة، كمقتل الصحافية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، هو عبارة عن محاولة بائسة وفاشلة لإخفاء الحقيقة ولو لفترة من الزمن، بينما المنطق العقلاني يقول إن الحقيقة لا يمكن بالمطلق إخفاؤها، ولكن يمكن الإخفاء مؤقتاً.

وهذا المنطق يؤكد وجود العقلية التي تؤمن بالبروتوكول الثاني عشر من برتوكولات حكماء صهيون الذي يترجم معنى كلمة الحرية ومستقبل الصحافة في المفهومين الصهيوني والأصولي، في إشارة واضحة لقتل الحقيقة، فهما من اغتصب حرية الصحافة، وسيطر على الإعلام، وغيّب الحقيقة، وقتل الشهود، والتسلط على الحقيقة وتغييبها.
«لا تترك دليلاً خلفك أو أمامك». تلكم الحكمة التي سطّرتها هذه البرتوكولات ونفذها الجيش الأميركي في العراق إبان احتلال العراق مع مراسلي وكالات الأنباء التي تنشر الحقيقة، فكان قتل أيوب والخطيب دالاً على ذلك.

شيرين التي كانت تأتي بالخبر اليقين عن ممارسات الاحتلال الإسرائيلي كجهينة، أصبحت هي الخبر، قتلت في منطقة اقتحمتها قوات الجيش الإسرائيلي، ولم تكن منطقة تشابك وتقاطع نيران، لكون المغدورة كانت في جهة مرمى نيران قوات الجيش الإسرائيلي، التي كانت تطلق النار وفق تقارير وتصريح صحافيين مرافقين لشيرين، وكذلك بعض المسؤولين الفلسطينيين، الذين رفضوا طلباً إسرائيلياً للمشاركة في تحقيق مشترك، بعد أن باشرت السلطات الفلسطينية التحقيق؛ حيث أظهر تقرير الطب الشرعي أن المغدورة تلقت رصاصة في الرأس من سلاح فعال متطور، تسببت في تهشم بالدماغ، أدى إلى نزف حاد جداً، توفيت على إثره.
الرئيس الفلسطيني وجَّه الاتهام والمسؤولية لقوات الجيش الإسرائيلي، بينما النيابة العامة الفلسطينية قالت إنها باشرت إجراءات التحقيق في مقتل الصحافية شيرين في مخيم جنين، وأوضحت النيابة العامة في بيان أنها ستتابع القضية من خلال نيابة الجرائم الدولية المختصة بتوثيق الجرائم الداخلة في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، تمهيداً لإحالتها لمكتب المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية، ما يعني أن السلطة الفلسطينية سوف تصعّد الأمر، وتدعو إلى مشاركة دولية لضمان عدالة التحقيق، خاصة بعد محاولة الجيش الإسرائيلي اقتحام بيت العزاء في بيت عائلة شرين وتفريق المعزين، واعتباره تجمعاً «غير مرخص».
شيرين ليست أول شاهد للحقيقة يقتل، ولن تكون الأخير، فالقائمة طويلة جداً، خاصة في مهنة المتاعب الصحافة، وخاصة إذا مورست بمهنية وصدق، فشيرين لم تكن مجرد صحافية، بل كانت تمارس مهنتها كصاحبة قضية ووطن محتل، وشعب مضطهد في أرضه.
المطالبة بتحقيق دولي لم تقف عند الفلسطينيين، بل إن السفير الأميركي في إسرائيل، توم نيدز، طالب بإجراء تحقيق شامل في ملابسات مقتلها وإصابة صحافي آخر، وإن كانت مطالبة السفير جاءت لكون القتيلة تحمل الجنسية الأميركية إلى جانب الفلسطينية.
مقتل الصحافية الفلسطينية الأميركية شيرين أبو عاقلة هل سيفتح الباب أمام شرعنة قوانين تحمي الصحافيين والمراسلين في مناطق الصراع من أن يكونوا ضحية لإخفاء الحقيقة أو لتوظيف خبر أو صناعته بأي صيغة كانت، يكون ثمنها زهق روح بريئة لا ذنب لها سوى وجودها شاهداً على الحقيقة المغيبة.
وفي ظل تعنت قوات الاحتلال الإسرائيلي وتضييقها على الفلسطينيين، وسلبها حقوقهم، وتجريف أراضيهم وبيوتهم، واقتلاع أشجارهم، وحرمانهم من العيش الكريم، نرى أن أمد الصراع سيطول، وأنه ليست هناك بارقة أمل لإنهاء أعمال التقتيل والتنكيل التي تمارسها سلطات الاحتلال

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاحتلال وقتل الحقيقة الاحتلال وقتل الحقيقة



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 19:03 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تشعر بالإرهاق وتدرك أن الحلول يجب أن تأتي من داخلك

GMT 08:03 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

لن يصلك شيء على طبق من فضة هذا الشهر

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 02:15 2017 الأربعاء ,22 شباط / فبراير

نهان صيام تعرض أهم قطع الإكسسوار المحببة للمرأة

GMT 22:39 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

إيداع رئيس جماعة في تازة السجن بتهمة تبديد أموال عمومية

GMT 13:18 2015 الخميس ,26 آذار/ مارس

بغل يتسبب في بتر إصبعي صاحب عربة في مراكش

GMT 04:54 2016 الثلاثاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

ابنة كلينتون تظهر ابتسامة شماتة على فضيحة دونالد ترامب

GMT 03:18 2016 السبت ,09 كانون الثاني / يناير

أسماء الخمليشي تنشر صورة تعبر فيها عن رياضتها المفضلة

GMT 04:06 2017 الأربعاء ,07 حزيران / يونيو

رصد لأماكن التخييم الأكثر خطرًا حول العالم

GMT 06:41 2017 الإثنين ,30 كانون الثاني / يناير

نانسي عجرم ونادين نجيم تتنافسان في أسبوع موضة باريس
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca