لنتحدث أكثر عن تغييرات المناخ

الدار البيضاء اليوم  -

لنتحدث أكثر عن تغييرات المناخ

آمال موسى
بقلم - آمال موسى

لقد أصبحت ظاهرة تغييرات المناخ بنداً قاراً في المؤتمرات الدولية وتمثل موضوعاً رئيسياً في السياسات والمخططات وحتى في المضامين التربوية، في حين أن الوضع في العالم العربي ما زال لم يعرف الاهتمام اللازم باستثناء بعض الدول التي أعلنت عن اهتمام مخصوص مثل تونس والمملكة العربية السعودية ومصر.
ولا تفوتنا الإشارة إلى أن هذه الظاهرة التي تتصل بالوجود الإنساني أصلاً تستحق أن تحظى بالأهمية وأن يتم الانتباه إلى أنها ليست مسألة علمية مناخية محضة، بل إنه منذ أكثر عشرين عاماً أصبح العالم يتعاطى مع التغييرات المناخية من منظور تداعياتها على النساء والأطفال والطبقات الفقيرة وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، إضافة إلى المقاربة الحقوقية للظاهرة لأنها تمس حقوق الإنسان.
أيضاً فإن التغييرات المناخية تحولت إلى موضوع سياسي بامتياز لأن تداعيات تغير المناخ على الاقتصاد والتنمية وميزانية الدولة، كبيرة، الأمر الذي جعل من الكوارث البيئية والمناخية عامل ضغط سياسي مهماً يخطئ من يستهين به.
لذلك فإن التحديات المرتبطة بالتصدي للتغييرات المناخية هي المحرك الاقتصادي لرسم سياسات تنموية جديدة وطموحة تأخذ في عين الاعتبار ضرورة التكيف مع التغيرات المناخية والحد من انبعاثات الغازات الدفيئة من أجل إنجاح التحولات الاقتصاديّة.
في الواقع، كان التقرير الأخير للفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ الذي أنشأته المنظمة العالمية للأرصاد الجوية قاطعاً في استنتاجه، إذ اعتبر أن تغير المناخ ظاهرة حقيقية ترجع إلى الغازات الملوثة من احتراق الوقود، والمتسبب الرئيسي في هذه الانبعاثات هو النشاط البشري.
وأيضا حسب المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO)، فإن متوسط درجة الحرارة العالمية في سنة 2019 كان أعلى بمقدار 1.1 درجة مئوية عما كان عليه في فترات ما قبل الثورة الصناعية، بحيث انتهى سنة 2019 بحرارة عالية استثنائية وذوبان الجليد وارتفاع مستويات سطح البحر بصفة عامّة. ولعل من النقاط المهمة تحميل مسؤولية تغير المناخ للإنسان، حيث أقرت المادة الأولى من اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ أن «النشاط البشـري يفضي بصورة مباشرة وغير مباشرة إلى تغير في تكوين الغلاف الجوي العالمي، بالإضافة إلى التقلب الطبيعي للمناخ، على مدى فترات زمنية متماثلة».
يمثل هذا الاعتراف القانوني مدخلاً من أجل الإقرار بالأبعاد الاجتماعية لظاهرة التغيرات المناخية وعدم الاقتصار على المناهج التي تدرس هذه الظاهرة في جوانبها البيئية، ويمثل دافعاً من أجل قياس درجات تأثر مختلف الفئات الاجتماعية وما ينجر عنها من مساس بالحقوق الاقتصادية ومن تفاقم للفقر واللامساواة ومن هجرة قصرية للسكان. لذلك فإنه من الضروري التفكير في السياسات التنموية البديلة التي تعزز النهج المتكامل والترابط بين مختلف المجالات التخصصية التي تعنى بالقضايا الاجتماعية وبالمسألة المناخية...
أيضاً منذ سنة 2001 جرى دمج النوع الاجتماعي في مسار المفاوضات الدولية لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ بدعم من الحركات النسوية، وأصبح النوع الاجتماعي بنداً دائماً في جدول أعمال مؤتمرات الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ. كما استأثر الجانب الهيكلي بالاهتمام، وذلك لضمان التوازن بين عدد النساء والرجال في الهيئات المنشئة لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ وفي الوفود الرسمية وغير الرسمية ومجموعات التفاوض أو تيسير عملهم المتعلق بالاتفاقية.
وفي هذا السياق ليس خافياً الربط اليوم بين برنامج التنمية المستدامة لسنة 2030 الدافع الحقيقي وراء هذه الإلزامية القانونية لانتهاج مقاربة شاملة تدمج المقاربة الاجتماعية مع التذكير بالمبدأ الذي أقره البرنامج حول «عدم ترك أحد يتخلف عن الركب»، بالإضافة لخطة «سينداي 2015 - 2030» للحد من مخاطر الكوارث، التي شددت على أهمية اتباع نهج وقائي أوسع يركز بشكل أكبر على الناس.
وتجدر الإشارة هنا إلى قرارات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، والتي تسلط الضوء على الروابط بين تغير المناخ وحقوق الإنسان وتدعو إلى اتباع نهج قائم على الحقوق لتوجيه السياسات والإجراءات المتخذة لمجابهة تغير المناخ. وتؤكد الأرقام والإحصائيات أن النساء والفتيات على مستوى عالمي في الخطوط الأمامية للفئات الضعيفة لمجابهة التغيرات المناخية، حيث تتعرض النساء، وفقاً لاتجاهات عدم المساواة العالمية، لتأثيرات تتجلى في شكل قواعد نمطية وعادات ومعايير تؤدي إلى العديد من القيود القانونية والسياسية والاقتصادية التي تعيق تقدم المرأة في التكيف مع تغير المناخ والتخفيف من حدته.
بيت القصيد: نحن لم نستوعب بعد خطورة التغييرات المناخية وكيف أنها مسألة لا بد من أن تكون حاضرة اليوم بقوة في سياساتنا وخططنا الوطنية، حيث إنها تخضع إلى تعامل مزدوج يجمع بين البعدين الوقائي والحمائي، بل إن حتى معظم وسائل الإعلام ما زالت لا تعير هذه القضية ما يلزمها من التوعية والمناصرة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لنتحدث أكثر عن تغييرات المناخ لنتحدث أكثر عن تغييرات المناخ



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 12:18 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف لقاءً مهماً أو معاودة لقاء يترك أثراً لديك

GMT 19:14 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

يبدأ الشهر بالتخلص من بعض الحساسيات والنعرات

GMT 11:40 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 17:27 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 20:11 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تجنب الخيبات والارتباك وحافظ على رباطة جأشك

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 17:59 2019 الثلاثاء ,23 تموز / يوليو

تستاء من عدم تجاوب شخص تصبو إليه

GMT 11:31 2019 الجمعة ,29 آذار/ مارس

منع جمهور الرجاء من رفع "تيفو" أمام الترجي

GMT 08:41 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة وصادمة في حادث قتل الطفلة "إخلاص" في ميضار

GMT 06:39 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"بيكوربونات الصودا" حل طبيعي للتخفيف من كابوس الشعر الدهني

GMT 00:42 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

تعرف على أبرز صفات "أهل النار"

GMT 15:58 2018 الأحد ,08 إبريل / نيسان

"القرفة" لشعر صحي بلا مشاكل ولعلاج الصلع

GMT 11:49 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

توقيف صاحب ملهى ليلي معروف لإهانته رجل أمن

GMT 11:52 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

"زيت الخردل" لشعر صحي ناعم بلا مشاكل
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca