ثورة الابتسامة فى الجزائر

الدار البيضاء اليوم  -

ثورة الابتسامة فى الجزائر

بقلم - مكرم محمد أحمد

لم تفلح رسالة الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة التى كتبها وهو يُغادر المسئولية يلتمس الصفح ممن قصر فى حقهم فى وقف تظاهرات الجزائريين، الذين يواصلون الخروج إلى الشوارع احتجاجاً على بقاء رموز النظام بمن فيهم حاشية بوتفليقة، ومطالبتهم بالانسحاب من وظائفهم، وقال خبراء فى القانون الدستورى إن البرلمان بغرفتيه الشيوخ والنواب بات مُلزماً بالاجتماع، والتصويت خلال جلسة علنية وفقاً لنص المادة 16 من الدستور على تولى رئيس مجلس الأمة مهام رئيس الدولة لمدة أقصاها 90 يوماً، تنظم بعدها انتخابات رئاسية جديدة، غير أن الرفض الشعبى لتولى رئيس مجلس الأمة عبدالقادر بن صالح مهام رئاسة الدولة باعتباره من رموز نظام بوتفليقة يطرح عقبات أمام هذا المخرج الدستورى الذى يدافع عنه الجيش الجزائري، كما يرفض الشارع الجزائرى الحكومة التى عينها بوتفليقة قبل أيام ورئيسها نورالدين بدوي، باعتباره من رجال بوتفليقة، ويقترح البعض مخرجاً من هذه الأزمة الذهاب إلى إعلان دستورى مؤقت يتضمن تعيين مجلس رئاسى من شخصيات وطنية وحكومة انتقالية من أجل الذهاب إلى انتخابات رئاسية جديدة فى مناخ أكثر هدوءاً، وقد برز اسم أحمد بن بيتور كخليفة محتمل لبوتفليقة الذى شغل منصب رئيس الوزراء فى عهد بوتفليقة قبل أن يستقيل بسبب عدم تحقيق تقدم فى مجال الإصلاحات، وحظى باحترام واسع الذى يتمتع به فى أوساط جزائرية عديدة لكنه فى السبعينيات من عمره، ويعتقد كثير من المعلقين الجزائريين أن الفريق قايد صالح الذى اقترح فى 26 مارس الماضى اللجوء إلى المادة 102 من الدستور لديه طموحات مؤكدة لتولى الرئاسة، ويرى نفسه الخليفة المرجح لبوتفليقة، ويرشح آخرون شكيب خليل رئيس شركة سونا طراك النفطية العملاقة والذى ظل هارباً وملاحقاً بتهم الفساد لمدة 6 سنوات عاد بعدها إلى الجزائر من دون أن يتعرض للاعتقال، وعلى رأس الطامعين فى المنصب يأتى سعيد بوتفليقة الشقيق الأصغر لبوتفليقة والحاكم الفعلى للبلاد منذ مرض بوتفليقة 2013، ويوصف فى الجزائر بأنه حارس البوابة الرئاسية الذى يحمى مصالح عائلة بوتفليقة، كما يظهر مرشحون آخرون عملوا فى أجهزة الدولة الجزائرية من أمثال مولود حمروش وعلى بن فليس، وكليهما رئيس وزراء سابق ومن الداعين إلى الإصلاح داخلياً، وهناك أيضاً أحمد بويحيى الذى تولى رئاسة الوزراء 3 مرات ويرأس الآن حزب التجمع الديمقراطى الشريك فى التحالف الحاكم، وهناك أيضاً الأخضر الإبراهيمى أحد أبرز الدبلوماسيين الجزائريين المخضرمين الذين يحظون باحترام عالمى واسع. وتعانى الجزائر انخفاض احتياطياتها النقدية التى هبطت أخيراً من 177 مليار دولار عام 2014 إلى 67 مليار دولار وفقاً لتقارير صندوق النقد الدولي، كما تواجه سونا طراك شركة النفط المملوكة للدولة تحقيقات متعددة للفساد، والجزائر تضخ مليون برميل يومياً من النفط، كما توفر أكثر من 10% من الغاز الطبيعى لأوروبا بما يجعلها ثالث أكبر مورد للغاز بعد روسيا والنرويج، ومع الأسف تتقدم الجزائر التصنيف الدولى فى مجال انتشار الفساد الذى يفوق حجمه 60 مليار دولار، وخلال عامين فقط عالج القضاء الجزائرى أكثر من 2725 قضية فساد، جعلت الجزائر تحتل المراكز الأولى فى الدول الأكثر فساداً حسب تقرير منظمة الشفافية الدولية، وترتفع نسبة البطالة إلى حدود 12% إضافة إلى 15 مليون جزائرى يعيشون تحت خط الفقر، فى حين أكد البنك الدولى أن القدرة الشرائية فى الجزائر هبطت خلال السنوات الثلاث الأخيرة إلى أكثر من 37%، وبرغم تجدد تظاهرات الجزائريين بهدف الخلاص من كل رموز الفساد يدرك الشارع الجزائرى جيداً مخاطر التحول إلى الضبابية والفوضي، كما حدث فى سوريا وليبيا، ويحافظون على سلمية الحراك، وحملت مظاهراتهم اسم ثورة الابتسامة تعبيراً عن احترامهم لسلطات الأمن والجيش، كما يدرك المتظاهرون أهمية عدم الانزلاق إلى العنف، وتحمل ذاكرتهم ذكرى العشرية السوداء التى راح ضحيتها 200 ألف جزائري، وتصل رسائلهم القوية إلى الجميع تؤكد رفض العنف والفوضى والحرص على أمن وحياة كل مواطن، وتجنب أى شعارات تقسم الشارع الجزائري، ومن المؤكد أن أقوى رسائلهم التى وصلت بالفعل إلى الجميع أن السلطة الحقيقية هى سلطة الشعب.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثورة الابتسامة فى الجزائر ثورة الابتسامة فى الجزائر



GMT 11:31 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

كتب جديدة للقارئ في معرض الشارقة الدولي

GMT 11:26 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

كتب أخرى للقارئ العربي

GMT 05:03 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

دسائس البلاط

GMT 05:01 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

اللبنانيون يأملون.. لكن بخوف وحذر!

GMT 05:00 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

ثورة في لبنان في عهد "حزب الله"

GMT 19:15 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 16:52 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الإصابة تحرم الأهلي من رامي ربيعة في مباراة الإسماعيلي

GMT 23:44 2017 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

شمال الأطلنطي يحسم بطولة كأس الجامعات القطرية للرجال

GMT 15:27 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

التصميم المميز للزجاجة والروح الأنثوي سر الفخامة

GMT 08:49 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

أليساندرو سارتوري يسرق الأنظار إلى "زينيا" بابتكاراته

GMT 12:55 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

جزيرة منمبا في زنجبار تتمتع بمناظر طبيعية نادرة ورومانسية

GMT 04:30 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الإبلاغ عن العنف الجنسي يعصف بحياة السيدات في الهند

GMT 02:35 2017 الجمعة ,05 أيار / مايو

سيارة فيراري "275 غب" 1966 معروضة للبيع

GMT 05:29 2016 الأربعاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الصين تفتتح أفخم فندق سبع نجوم بتكلفة 515 مليون دولار

GMT 02:01 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

5 خطوات مميّزة للحصول على درجة علمية عبر الإنترنت
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca