لا وقيعة بين أردوغان والإخوان!

الدار البيضاء اليوم  -

لا وقيعة بين أردوغان والإخوان

بقلم : مكرم محمد أحمد

هل صحيح أن الرئيس التركى أردوغان ضاق ذرعاً بجماعة الإخوان لفشلها المتكرر فى مصر وعجزها عن القيام بأى عمل مؤثر على امتداد 6 سنوات من وجود الجماعة فى تركيا، وأن جماعة الإخوان أصبحت عبئاً على تركيا فى ظروفها الاقتصادية الصعبة الراهنة، حيث يتعرض الاقتصاد التركى لضغوط أمريكية غير مسبوقة أدت إلى أن تفقد الليرة التركية أكثر من 30% من قيمتها وإفلاس آلاف الشركات التجارية والصناعية الكبرى لأن من بين أسباب التوتر التركى الأمريكى احتضان الرئيس التركى أردوغان جماعة الإخوان؟!، وهل صحيح أن تركيا بدأت أخيراً تسليم أفراد من جماعة الإخوان إلى مصر، أولهم محمد عبدالحفيظ الإخوانى المحكوم عليه بالإعدام فى جريمة اغتيال النائب العام هشام بركات؟.

 ورغم أن السلطات التركية رحلت بالفعل محمد عبدالحفيظ إلى مصر ربما نتيجة خطأ إدارى غير مقصود، فإن الأمر المؤكد أن الرئيس أردوغان لا يزال على موقفه من جماعة الإخوان، يحتضن أفرادها ونشاطها، ويعتبرها أداته الأساسية لتحقيق أمانيه فى عودة الخلافة العثمانية كى يصبح سلطاناً على مصر والعالم العربى، وليس صحيحاً بالمرة أن أردوغان ضاق ذرعاً بجماعة الإخوان، أو أنه يفكر فى التخلص منها لأن الجماعة تمثل أهم أدواته رغم فشلها المتكرر فى مصر، وربما يكون ترحيل محمد عبدالحفيظ إلى مصر قد أشاع موجة من التساؤلات أو أثار الذعر وسط أفراد الجماعة المذعورة أصلاً، لكن المؤكد أن أردوغان لايزال على موقفه، يدعم جماعة الإخوان ويساندها، وقبل أيام محدودة كانت إحدى الجامعات التركية المهمة تحتفل بأوامر مباشرة من أردوغان ومعاونيه بذكرى سيد قطب إمام التكفيريين وقطب جماعة الإخوان، وتدعو إلى إحياء فكره وتعميم دعوته إلى إعلان الجهاد.

والواضح للجميع أن الرئيس التركى أردوغان يعيش فى عالم افتراضى غير موجود، وأنه فقد القدرة على فهم روح العصر، أو حُسن التعايش مع المتغيرات الجديدة التى تفرض على الجميع الإيمان بحرية الاعتقاد والاعتراف بحقوق الآخر، وإدراك ضرورات تعايش الحضارات والديانات، وإلا ما هدف أردوغان فى إحياء فكر سيد قطب التكفيرى ونشر دعوته إلى الجهاد المسلح من جديد، والأمر المؤكد أن الخلاف التركى الأمريكى يتعلق بتناقض رؤية ترامب ورؤية أردوغان وفهمهما المختلف لمعنى الإرهاب بأكثر مما يتعلق بجماعة الإخوان لأن الرئيس الأمريكى ومعه الحق فى هذه النقطة يرى أن داعش يمثل الخطر الحقيقى على أمن الشرق الأوسط واستقراره ولهذا ينبغى دحره وهزيمته، أما الأكراد السوريون فقد كانوا حلفاء الولايات المتحدة فى الحرب على داعش وليس من حق أردوغان أن يحاربهم، بينما يرى أردوغان أنهم مجرد جماعات إرهابية لا تختلف عن داعش ينبغى قتالهم حفاظاً على أمن تركيا!.

وربما يكون الأقرب إلى الحقيقة ما ذكره مركز أبحاث جيت شوف الأمريكى فى 7 فبراير الماضى عندما أكد فى تقرير مهم أن مجرد التفكير فى حدوث شرخ بين أردوغان وجماعة الإخوان أمر ساذج لأربعة أسباب مهمة، أولها أن شخص أردوغان متعصب أيديولوجياً بما يكفى لعدم كسر علاقته بالإسلام السياسى، وثانيها أن أردوغان يتجه إلى انتخابات بلدية مهمة فى مارس المقبل ولن يخاطر بخسارة مؤيديه من جماعة الإخوان أو القاعدة الشعبية الإسلامية، وثالثها أن أردوغان لن يخاطر أيضاً بعلاقته مع قطر التى تحتضن الإخوان، ورابعها ًأن من المرجح أن ضباط الهجرة الأتراك كانوا مشوشين حول ما إذا كان محمد عبدالحفيظ قاتل النائب العام هشام بركات عضواً فى جماعة الإخوان أو فى تنظيم داعش فى ظل عدم امتلاكه أوراقا صالحة للدخول إلى تركيا فاختاروا عدم المخاطرة وعملوا على ترحيله إلى مصر، كما أكد مصدر روسى أن ترحيل محمد عبدالحفيظ جاء سهواً نظراً لأنه ليس من قادة أو أعضاء جماعة الإخوان المعروفين، والواضح أخيراً أن ترحيل محمد عبدالحفيظ أثار ذعر عناصر عديدة من جماعة الإخوان الموجودين فى تركيا، الأمر الذى دفع السلطات التركية إلى فتح تحقيق فى القضية ترتب عليه إيقاف 8 من عناصر الأمن فى مطار أتاتورك، مما يؤكد أن العلاقة بين أردوغان وجماعة الإخوان لا تزال وثيقة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا وقيعة بين أردوغان والإخوان لا وقيعة بين أردوغان والإخوان



GMT 11:31 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

كتب جديدة للقارئ في معرض الشارقة الدولي

GMT 11:26 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

كتب أخرى للقارئ العربي

GMT 05:03 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

دسائس البلاط

GMT 05:01 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

اللبنانيون يأملون.. لكن بخوف وحذر!

GMT 05:00 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

ثورة في لبنان في عهد "حزب الله"

GMT 08:13 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العقرب الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 17:59 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء محبطة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 02:12 2018 السبت ,07 تموز / يوليو

قطار ينهي حياة شيخ ثمانيني في سيدي العايدي

GMT 10:19 2018 الثلاثاء ,17 إبريل / نيسان

"خلطات فيتامين سي" لشعر جذاب بلا مشاكل

GMT 13:54 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

نصائح مهمة لتجنب الأخطاء عند غسل الشعر

GMT 13:08 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

اختتام فعاليات "ملتقى الشبحة الشبابي الأول " في أملج

GMT 16:52 2015 الثلاثاء ,14 تموز / يوليو

كمبوديا تستخدم الجرذان في البحث عن الألغام

GMT 04:44 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

تصميم مجمع مباني "سيوون سانغا" في عاصمة كوريا الجنوبية

GMT 06:28 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

خبير إتيكيت يقدم نصائحه لرحله ممتعة إلى عالم ديزني

GMT 12:22 2016 الأربعاء ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مقتل 7 على الأقل في قصف جوي ومدفعي على حي الفردوس في حلب

GMT 04:48 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمير الوليد بن طلال يؤكد بيع أسهمه في "فوكس 21"

GMT 22:13 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

منتخب غانا يهزم نظيره المصري في بطولة الهوكي للسيدات
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca