وفي الغوطة دارت حروب .. بوظة!

الدار البيضاء اليوم  -

وفي الغوطة دارت حروب  بوظة

بقلم : حسن البطل

 راح أحيّد عن دوشة الورشة، المتفرعة عن «صفقة/ صفعة/ فرصة القرن». المهم: ثلثا أعضاء الجمعية العامة زائد السلطة الفلسطينية تحت وطأة العقوبات الأميركية، المتفرعة عن الحروب التجارية، وأساسها الرئيس أسعار البضائع ثم جودتها. فش اقتصاد بلا سياسة، ولا سياسة بلا مصالح تجارية.
***
كان يا ما كان. غوطة دمشق غوطتان. في خمسينيات القرن المنصرم كانت دوما عاصمة الغوطة الشرقية، حيث معمل قرون/ قراطيس أسكا. المعمل يحمل اسم صاحبه «أبو حمار»، وصاحبه لا يزعل من مناداته باسم معمله، ربما لأن حرثه ونسله انقطع دابره. على أطراف الغوطة الغربية، قرية كفر سوسة، وفيها معمل أسكا/ أسكيمو       لـ»بوظة السندباد» العجيبة. في قلب دمشق العاصمة معمل ثالث لـ»بوظة أميّة» الأكثر منهما شهرة تاريخية، عدا جودتها.
ليس للمعمل الأول طاقة أن ينافس في الجودة المعملين الآخرين خارج الغوطة الشرقية، لكن لهما أن ينافساه في معقله، لكنه ينافسهما في سعر القرطوس الواحد البالغ نصف فرنك «مبخوش» في منتصفه، وبشبكة توزيع على الأقدام عمادها الأولاد وتصل أبعد بيت في أبعد حارة، بينما يجرّ بائع «بوظة السندباد» عربة وحيدة بعجلات في الشوارع الرئيسية، ويبيع القرن اللذيذ بفرنك واحد، وينادي على بضاعته بـ»أسكا العجيبة!» وينغّم النداء «العا/جيبي!» لماذا؟ لأنها مضلعة الشكل، خلاف الشكل التقليدي لمستطيل مثل شكل علبة السكائر.
.. أما قراطيس عربة «بوظة أمية» الأطيب من الاثنين، وأساسها الحليب المغطّى بالشيكولاتة، فهي كانت تباع بسعر فرنك ونصف في حينه الغابر!
معمل السندباد في كفر سوسة، قرّر غزو حياض معمل أبو حمار بحرب أسعار، أي بيع كل ثلاثة قراطيس بفرنك واحد، فدافع معمل دوما عن حياضه بذكاء تجاري (مركنتلي) وأوعز إلى باعة شبكته المتشعبة بشراء بضاعة منافسه، ثم بيع كل واحدة بفرنك واحد. إلى ذلك كان صبيانه من الباعة في أعماق الحارات القصيّة يقلدون صوت وتنغيم صوت بائع «السندباد.. أسكا العجيبة».. العا/جيبي!
في جلسة صبحية أمام الجمع في بوظة ركب، بعد فنجان القهوة، أو البوظة، أو قرطوس «راس العبد» الذي يذكّر بقرطوس «بوظة أميّة» يحلو للبعض تناول قرطوس أسكا، بسعر شيكل للعموم، وبالبلاش لزبائن المحل.
قراطيس أسكا معمل دوما ومعمل ركب ذات ألوان ونكهات عدة، لكن تمتاز الثانية عن الأولى بأنك «تقضقضها»، والأولى «تمصمصها»، وبوظة الحليب لمعمل أمية «تلحوسها».
لماذا؟
كانت لأسكا معمل دوما ثلاث نكهات: إما «على ليمون» أو «ماورد» أو «توت شامي» وجميعها نكهات صناعية. أمّا نكهات أسكا السندباد فكانت أكثر ثباتاً ونتناولها قضمة تلو قضمة، وبوظة الحليب لحسة بعد أخرى.
كيف صمد معمل أسكا «أبو حمار» في منافسة الأسعار والجودة؟ كان المعمل الوحيد في الغوطة الشرقية الذي يصنّع الماء على شكل مستطيلات من ألواح الجليد الكبيرة لا مكعباته، وكسراته وبرشه يضاف إلى مشاريب اللموناده والتمر هندي وسواهما، كماء يغطيه باعة ثمار الصبر بكيس من الخيش وفوقه الثمار مبرّدة.
***
كثرت التعقيبات على «ورشة البحرين» في وسائط التواصل، وأوجزها شاعر فلسطيني سوري كتب: «يشتري من لا يملك حقوق العرب بمال العرب». أما عميرة هاس في «هآرتس» فكتبت: «هذا تمويل الاحتلال بأموال عربية»!
حتى الآن، يبدو أن «الأونروا» الخاضعة للعقوبات المالية ـ السياسية الأميركية، أسعد حالاً من تدبير السلطة الفلسطينية لميزانية التقشف.
سويّة مع «ورشة المنامة» عُقد مؤتمر في مقر الأمم المتحدة لجمع تمويل وتبرعات طارئة. السلطة قاطعت «ورشة المنامة»، وأميركا قاطعت «مؤتمر الأونروا»، التي نجحت في جمع مبلغ 110 ملايين دولار مقارنة بمبلغ 40 مليون خلال مؤتمر الدول المانحة العام الماضي.. ولكن حالة العجز باقية في ميزانية «الأونروا»، بينما حالة العجز في ميزانية السلطة تجعلها على حافة خطر الانهيار في غضون شهور قليلة، مداها خريف العام الجاري. حيث يزمع فريق «الصفقة ـ الصفعة ـ الفرصة» على نشر الشق السياسي، وهو مزيج من أشياء في مبادرة السلام العربية، وأشياء من التطبيع، وأخرى أساسية من أمن دولة إسرائيل، على أمل أميركي أن تُعطي السلطة ضوءاً أصفر متقطعاً للشق السياسي، بعدما أعطت ضوءا أحمر للمشروع لدى إعلان أولى خطواته السياسية.
أقرّ كوشنير في افتتاح مشهدي للورشة الاقتصادية بضرورة شق سياسي للاقتصادي، لكنه تجاهل حق تقرير المصير الفلسطيني، وتحدث عن «الفلسطينيين»، والشعب الفلسطيني، لا عن السلطة الفلسطينية (قال: السلطات الفلسطينية) وعن حفظ كرامة الفلسطينيين!
***
أشار رئيس الوزراء إلى أن الأزمة الاقتصادية سببها الاحتلال، والحرب الاقتصادية الأميركية، لكن لها سببا سياسيا، أيضاً، هو الانقسام الفلسطيني!
مرّة أخرى، أعلنت لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية عن جاهزيتها لإجراء انتخابات تنهي حالة الانقسام، وجاهزية قرار السلطة لإجراء الانتخابات يتعلق بقبول «حماس» إجراء انتخابات في غزة، وقبول إسرائيل إجراء انتخابات في مقرات الأمم المتحدة في القدس.

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وفي الغوطة دارت حروب  بوظة وفي الغوطة دارت حروب  بوظة



GMT 11:31 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

كتب جديدة للقارئ في معرض الشارقة الدولي

GMT 11:26 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

كتب أخرى للقارئ العربي

GMT 05:03 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

دسائس البلاط

GMT 05:01 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

اللبنانيون يأملون.. لكن بخوف وحذر!

GMT 05:00 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

ثورة في لبنان في عهد "حزب الله"

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 12:41 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تبدو مرهف الحس فتتأثر بمشاعر المحيطين بك

GMT 09:52 2018 الإثنين ,13 آب / أغسطس

أمطار صيفية تعزل دواوير ضواحي تارودانت

GMT 07:59 2018 الأحد ,15 تموز / يوليو

"بورش" تحتفل بالذكرى الـ70 لسيارتها الأولى

GMT 16:15 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

سامح حسين يكشف عن الأفيش الأول لـ"الرجل الأخطر"

GMT 08:36 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

النفط ينخفض مع تهديد الصين برسوم جمركية على الخام

GMT 05:34 2018 الإثنين ,11 حزيران / يونيو

تعرف على أبرز علامات ظهور "ليلة القدر"

GMT 23:49 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

الليمون الحل النهائي للقضاء على "قشرة الشعر"

GMT 15:13 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

تغلبي على الخوف من عيوب جسدك مع ارتداء الحجاب
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca