باروميتر!

الدار البيضاء اليوم  -

باروميتر

بقلم - حسن البطل

أخيراً، مال الطقس إلى اعتدال، بعد شتاء ماطر وطويل، معه بدأت بشارة «ربيع فلسطيني» في غزة؛ حراك شبابي يرفع شعار «بدنا ـ نعيش» بعد 12 عاماً من سيطرة حركة حماس على قطاع غزة.
كتب واحد على صفحته: «ضعنا بين حماس وسلطة عباس»، وكتبتُ في ذيل مقالة الثلاثاء: «أرى كل موازنة حالية بين سلطتي فتح وحماس.. موازنة عرجاء». عقّبت قارئة: «معك جزئياً. لا يجري قياسها بشكل يومي، مثل درجة الحرارة». كتَبَ زميلي حسن خضر مطلع هذا «البوست»: «مفهومان مغلوطان أفسدا حقلنا السياسي: الوحدة الوطنية، ووحدة القوى الوطنية والإسلامية» وختامه علينا أن نكفّ «.. عن مضغ الوهم، وطحن الماء». زميلي المحرّر الاقتصادي جعفر صدقة كتب عن استشهاد الفتى الشجاع عمر أبو ليلى، وقبله أربعة شباب من «الذئاب المنفردة» باعتباره «دليل مأسسة الخيانة» لأن على الجمهور والشعب أن يكونوا حاضنة الحماية لشبّان فدائيين فعلاً، عملوا في المنطقة (ج) واستشهدوا على سلاحهم فيها.
هل أقول لزميلي جعفر، إن «الجيش الذي لا يُقهر» أسطورة، وأما الواقع فهو أن الشبان (والشعب والسلطة) يقاومون ويتصدون لحقيقة أن إسرائيل هي «دولة الأمن» الأولى في العالم؟
هل حقاً ضعنا بين «حماس» وسلطة عباس، أم زَغْلَلَتْ منّا العيون والعقول بين فصيلين وسلطتين ومشروعين: «فتح» وسلطتها ومنظمة التحرير هي مشروع التحرير الوطني، و»حماس» وسلطتها هي مشروع إسلامي، بدلالة حوار فصائلي (يسمى وطني) أخير دار في موسكو لرأب الانقسام، رفضت فيه حركتا «حماس» و»الجهاد الإسلامي» الاعتراف بأن منظمة التحرير هي مشروع التحرير الوطني؛ وأنها الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني، المعترف به عالمياً وعربياً.. وحتى إسرائيلياً وفق مبادئ أوسلو، وغير المعترف به من فصيلين «جهاديين» إسلاميين، يشكلان المعارضة السياسية والأيديولوجية، حتى للهدف السياسي للمشروع الوطني، الذي هو دولة فلسطينية على حدود ما قبل حزيران 1967.
درجة حرارة الجو تميل نحو الاعتدال الربيعي، ودرجة حرارة المزاج تميل، كما في المقتطفات السابقة، إلى التطرف والخلط بين سلطتين ومشروعين، وحتى بين القمع في رام الله وفي غزة، كما تخلط سلطة «حماس» بين الحصار الإسرائيلي للقطاع، وحصار سلطة رام الله المالي؟
رفعت «حماس» و»الجهاد» راية المقاومة المسلحة، ومنذ عام رفعتا إلى جانبه شعار «كسر الحصار» بمقاومة سلمية وشعبية. لا بأس بالمزج بين الأسلوبين، ولكن ربيع «الحراك الشبابي في غزة اندلع تمرُّداً على واقع معيشي وبطالة صعبة، وضرائب باهظة فوق هذا وذاك.
تقول «حماس»، إن الشعار المطلبي له «أجندة سياسية» تديرها وتدبّرها سلطة «فتح» في رام الله. يمكن أن يتطوّر شعار «بدنا ـ نعيش» إلى شعار «كفى للانقسام» و»ارحلوا» إذا استمر القمع وتكسير أطراف المحتجين.
إن «المقاومة» على اختلافها هي شكل من أشكال الصمود. لكن آخر استطلاع لرأي الجمهور أشار إلى أن 43% من أناس غزة يرغبون بالهجرة، مقابل 20% في الضفة. هذا قبل بشائر ربيع غزة وشعار «بدنا ـ نعيش». مع ذلك، فإن 66% يريدون أن تشارك «حماس» في الانتخابات، مقابل 26% لا يريدون من «حماس» المشاركة فيها. الفوارق ضئيلة بين قوائم ترشحها «حماس» أو «فتح» وهي 39% لـ»فتح» مقابل 32% لـ»حماس».
ربما لو أُجري الاستطلاع بعد هبّة ربيع «بدنا ـ نعيش» لتغيّرت مؤشرات «الباروميتر» قليلاً أو كثيراً، لكنها تشير إلى أن «فتح» و»حماس» تظلان قطبين متنافرين في الساحة والسياسة واتجاهات الرأي العام.
الحرية نسبية.. والقمع كذلك، وظروف الضفة الغربية غير ظروف قطاع غزة، بدليل أن سلطة «فتح» استجابت لأسابيع من الاحتجاج الشعبي على مشروع «الضمان الاجتماعي» دون أي قمع كان، لكن سلطة غزة قمعت وكسّرت أطراف شبّان الاحتجاج خلال ثلاثة أيام.
ما هو القياس الصحيح للباروميتر السياسي بين السلطتين والمشروعين، تحاول أميركا ترويض الرفض البات والفوري للسلطة الوطنية لمشروع «صفقة القرن»، ثم اختارت سلطة رام الله رفض الاقتطاعات الإسرائيلية من ضريبة المقاصّة، بينما لا ترفض إسرائيل أي طريقة لتحويل ميزانية «حماس» لأن ذلك سيؤدي إلى تكريس الانقسام إلى انفصال بين جناحي مشروع الاستقلال والدولة الفلسطينية، كما اعترف بذلك نتنياهو.
إسرائيل لا تضيع البوصلة «بين حماس وسلطة عباس» لا في زمن الاحتلال، حيث دعمت منافساً إسلامياً لمنظمة التحرير، ولا في زمن الانتفاضة الأولى، ثم الانتفاضة الثانية، ثم زمن فك الارتباط الإسرائيلي بقطاع غزة.
إسرائيل لا تريد غزة؛ وتريد الضفة الغربية، وترى الخطر في المشروع الوطني الفلسطيني، وليس في المشروع الإسلامي. الباروميتر السياسي الإسرائيلي غير متقلب، لكن الباروميتر الشعبي الفلسطيني لا ينفك عن التقلب، والخلط الأعرج بين فصيلين وسلطتين ومشروعين!

حكي ومعلومات!
في افتتاح مشروع تأهيل النظام المائي لقرى مدينة جنين، تحدث مسؤولون فلسطينيون بالشكر عن دعم الوكالة الفرنسية للتنمية وعن «المياه أساس الحياة».. إلخ، لكن متحدثا باسم الوكالة الفرنسية تحدث بلغة المعلومات: سوف يستفيد 70 ألف نسمة من المشروع في مراقبة فاقد المياه، «وهو نظام متطوّر يعدّ الأول من نوعه على مستوى دول الإقليم»!

حسن البطل

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

باروميتر باروميتر



GMT 11:31 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

كتب جديدة للقارئ في معرض الشارقة الدولي

GMT 11:26 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

كتب أخرى للقارئ العربي

GMT 05:03 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

دسائس البلاط

GMT 05:01 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

اللبنانيون يأملون.. لكن بخوف وحذر!

GMT 05:00 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

ثورة في لبنان في عهد "حزب الله"

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 12:41 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تبدو مرهف الحس فتتأثر بمشاعر المحيطين بك

GMT 09:52 2018 الإثنين ,13 آب / أغسطس

أمطار صيفية تعزل دواوير ضواحي تارودانت

GMT 07:59 2018 الأحد ,15 تموز / يوليو

"بورش" تحتفل بالذكرى الـ70 لسيارتها الأولى

GMT 16:15 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

سامح حسين يكشف عن الأفيش الأول لـ"الرجل الأخطر"

GMT 08:36 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

النفط ينخفض مع تهديد الصين برسوم جمركية على الخام

GMT 05:34 2018 الإثنين ,11 حزيران / يونيو

تعرف على أبرز علامات ظهور "ليلة القدر"

GMT 23:49 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

الليمون الحل النهائي للقضاء على "قشرة الشعر"

GMT 15:13 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

تغلبي على الخوف من عيوب جسدك مع ارتداء الحجاب
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca