لماذا سيصوّت سمير جريس لـ«ميرتس»؟

الدار البيضاء اليوم  -

لماذا سيصوّت سمير جريس لـ«ميرتس»

بقلم - حسن البطل

أمس، ولأوّل مرة منذ هذه الأوسلو، تواصلت مع ابن فسّوطة سمير جريس، وسألته رأيه في الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية.. سمير جريس هو شقيق صبري جريس، مدير مركز الأبحاث في بيروت ثم قبرص، الذي تواصلتُ معه بعد أوسلو في رام الله، وأقرأ له.
الأخوان سمير وصبري التحقا بمؤسسات (م.ت.ف)، كما ابن سخنين عماد شقور، مستشار سابق لعرفات، الذي أتواصل معه وأقرأ له ما يكتبه في «القدس العربي».
توقفت «فلسطين الثورة» بعد أوسلو، وكذلك مركز الأبحاث وأوقف سمير جريس نشرة «الملف» الشهرية في الشؤون العبرية. حكى لي طُرفة عن قهوة لا يحبها كانت تعدّها له موظفة قبرصية، فسألها: كيف تحرّكين القهوة بالملعقة؟ ليس من اليمين لليسار، بل بالعكس؟!
أنا اللاجئ من طيرة حيفا عدتُ إلى رام الله، والثلاثة عادوا إلى بلداتهم الأصلية. لا أعرف كيف سيصوّت صبري وعماد، لكن سمير استجاب سريعاً، وكتب أسبابه للتصويت إلى قائمة «ميرتس»، التي كانت أدخلت إلى الكنيست، لأول مرة امرأة فلسطينية على قائمتها في انتخابات سبقت. هاكم رأي سمير جريس. أحترم رأيه، ولا أتّفق معه: 
في ظل التراجع، بل الفشل الذريع للمشروع الفلسطيني، ولكل سياسات واستراتيجيات إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة (الكفاح المسلّح، الحلّ السلمي، الانتفاضات الشعبية). وبعد اضمحلال خيار انخراط فلسطينيي 48 في كيان فلسطيني موحّد، أو في الدولة الفلسطينية العتيدة؛ وفي مواجهة الهجمة العنصرية الشرسة، التي تتوّجت مؤخراً بإقرار قانون القومية العنصري الفاشي، الهادف إلى حماية «النقاء» العرقي للدولة اليهودية، عن طريق تجريد الفلسطينيين فيها من حقوق المواطنة، وتحويلهم إلى مقيمين بدلاً من مواطنين، تمهيداً لتحقيق حلم «الترانسفير» الطوعي أو القسري عندما تسنح الظروف لذلك، فإن أقصى ما يستطيعون القيام به لحماية مصيرهم ووجودهم وبقائهم وخدمة لقضيتهم ومصلحة إخوانهم خلف «الخط الأخضر» هو محاربة العنصرية الصهيونية من الداخل، عن طريق دعم أكثر الأحزاب الإسرائيلية ليبرالية، وأقلّها عنصرية وتطرُّفاً، والتي تعمل على حماية الديمقراطية وحقوق المواطنة، وتقليص الفوارق الطبقية والإثنية داخلياً، وعلى الدفع باتجاه «حل الدولتين» خارجياً ـ إذا بقي لهذا الحلّ من مقوّمات.
ولا شكّ أن المواطنين العرب داخل إسرائيل، كأكثر الفئات غبناً، سيكونون على رأس المستفيدين من برامج وسياسات هذه الأحزاب، التي ستضطر إلى تبنّي الدفاع عن المزيد من حقوقهم لتأمين دعمهم وكسب أصواتهم، وبالتالي حماية وجودهم وتقليص عنصرية الكيان وخلخلة نقائه العرقي والديني، تمهيداً للحل الأمثل الذي لا بديل له وهو تخليص إسرائيل من عنصريتها وتحويلها إلى دولة علمانية ديمقراطية كنتيجة حتمية لتطوُّر الديمقراطيات في العالم، وتراجع الفكر الفاشي والعنصري والديني.
من الجهة الأخرى، فإن انضواء فلسطينيي 48 في أحزاب وقوائم انتخابية على قاعدة النقاء العرقي ليس إلا الوجه الآخر للعنصرية الصهيونية، ويوفر لها مبرر التمسك بأيديولوجيتها وسياساتها، ويصب في مصلحة برامجها، وعلى رأسها الفصل العنصري. ناهيك أن هذه الأحزاب والقوائم ليست أكثر من خليط عجيب غريب من الماركسية والقومية والدينية والمحلية على غرار النظام القبلي أو نظام المخاتير: لا قاعدة ولا برنامج ولا قاسم مشترك ولا هدف لها سوى ضمان تجاوز نسبة الحسم للفوز بالمقاعد والمناصب والمنافع الفئوية والشخصية الضيقة، واضعة نفسها على هامش النظام لا دور لها في أي تشكيل حكومي سوى الاحتجاج والصراخ والعويل.
رأيي الشخصي من رأي محمد بكري، الذي سيصوّت لقائمة عربية، ولا يخوّن من يدعو للمقاطعة: «في الوقت الراهن يجب أن تصوّت ريثما تجد برنامجاً مسؤولاً ومدروساً من وراء المقاطعة».
لا أحفل كثيراً باستطلاعات يومية لتوزيع مقاعد الأحزاب الإسرائيلية، لكن أحفل بأن انقسام القائمة المشتركة، رباعية الأحزاب، إلى قائمتين سوف يقلّل مجموعة مقاعدهما مقعدين عن انتخابات 2015، حيث صوّت 64% من الفلسطينيين، بينما سيصوّت 25 ـ 30% إلى الأحزاب الصهيونية في انتخابات الكنيست الـ 20، التي ستجري يوم الثلاثاء، مقابل 15 ـ 16% ذهبت قبلاً إلى هذه الأحزاب.
ما الذي يخشاه نتنياهو في حملة موتورة ضد حزب الجنرالات الثلاثة؟ ليس أن يحتاج لأصوات الحزبين العربيين، بل لأن رئيس الدولة، رؤوبين ريفلين له خياران: إمّا يكلّف القائمة اليمينية ذات المقاعد الأكثر، أو يكلف حزب الجنرالات إذا أحرز مقاعد أكبر، أو يضطرّ لتشكيل حكومته معها.
من سيشرب القهوة، مُرّة أو حُلوة، يوم الأربعاء؟
حسن البطل

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا سيصوّت سمير جريس لـ«ميرتس» لماذا سيصوّت سمير جريس لـ«ميرتس»



GMT 11:31 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

كتب جديدة للقارئ في معرض الشارقة الدولي

GMT 11:26 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

كتب أخرى للقارئ العربي

GMT 05:03 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

دسائس البلاط

GMT 05:01 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

اللبنانيون يأملون.. لكن بخوف وحذر!

GMT 05:00 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

ثورة في لبنان في عهد "حزب الله"

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 12:41 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تبدو مرهف الحس فتتأثر بمشاعر المحيطين بك

GMT 09:52 2018 الإثنين ,13 آب / أغسطس

أمطار صيفية تعزل دواوير ضواحي تارودانت

GMT 07:59 2018 الأحد ,15 تموز / يوليو

"بورش" تحتفل بالذكرى الـ70 لسيارتها الأولى

GMT 16:15 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

سامح حسين يكشف عن الأفيش الأول لـ"الرجل الأخطر"

GMT 08:36 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

النفط ينخفض مع تهديد الصين برسوم جمركية على الخام

GMT 05:34 2018 الإثنين ,11 حزيران / يونيو

تعرف على أبرز علامات ظهور "ليلة القدر"

GMT 23:49 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

الليمون الحل النهائي للقضاء على "قشرة الشعر"

GMT 15:13 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

تغلبي على الخوف من عيوب جسدك مع ارتداء الحجاب
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca