«ادفنوها» .. قال !

الدار البيضاء اليوم  -

«ادفنوها»  قال

بقلم - حسن البطل

صاحبنا ـ صاحبي زياد أبو الهيجاء جال شوارع عمّان، ورصد في تقاطعاتها كيف صار باعة الصحف المتجوّلون يتسوّلون بيعها، كما يستعطي المتسوّلون، أو يتوسّل  باعة المحارم الورقية.. والخلاصة: ماتت الصحف الورقية و»ادفنوها» رحمةً بها!
واحد فقط من قرّاء «بوست» أبو الهيجاء خالفه رأيه، وأشار إلى أن صحيفة «الرأي» الأردنية رفعت توزيعها العام أكثر من 9%، من بينها 5% في العاصمة، و18% في محافظة ما، وعزا هذا إلى نجاحها في الهيكلة الإدارية والتحريرية.
حسب علمي، تلك الصحيفة اليومية تعد «رائدة» الصحف الأردنية، وربما أعرفها في الصدور، ولا أعرف حالاً عن توزيع رصيفاتها الأردنيات. أما الصحافة اليومية اللبنانية، وهي الرائدة في الصحافة العربية، وبخاصة منها «النهار» فقد كشّت مبيعاتها، وعدد صفحاتها، والمؤسف جودة تحريرها، وانضمت إلى ركب الصحافة الإلكترونية المدفوعة، غير أن بعض رصيفاتها كفّت عن الصدور الورقي، وسواها مثل «الأنوار» احتجبت عن الصدور، هي ومجلات «دار الصياد» بكّير على «ادفنوها» ففي الرُّوح  بقية قبل «دفنها» أو بالأحرى «وأدها».
كانت فيما مضى محطّات الإذاعة وسيلة التواصل، وجاء يُزاحمها هذا التلفاز، الذي واكبها دون أن يحدّ من انتشارها، ثم نافسها في حقبة الفضائيات، لكن منذ عقدين على الخصوص، ومع بدء حقبة الهاتف الذكي المحمول، صرت ترى في القطارات وغيرها قلة من الإنكليز تحمل صحيفة أو تقرأ ما فيها، بينما الغالبية الساحقة تنقر على الهاتف الذكي، أو تقلّب صفحات الصحف المجانية، وتتركها على مقاعد القطارات.
لا أعرف من ومتى صار للصحف اليومية، أو الأسبوعية، حجمها معروف القياسات طولاً وعرضاً، ومختلف عدد الصفحات، لكن الصحف مجانية التوزيع، وعمادها الإعلانات التجارية، تصدر غالباً بنصف حجم الصحف الكلاسيكي، الذي يساعد على التصفح السريع. أمهات الصحف، الرصينة والرائدة، لم تعد الأكثر توزيعاً، سواء على النطاق العالمي أو على النطاق المحلي، فقد حلّت مكانها الصحف «الشعبية» والمجانية من حجم (التابلويد) التي تنشر النزر اليسير من الأخبار السياسية، والكثير من أخبار وحواديث «المجتمع» من الجرائم إلى الفضائح والشائعات.
لعلّ عدد الفضائيات صار يفوق، في كل بلد، عدد الصحف الصادرة فيه، بعضها الأغلب مختص في مجال دون سواه، وبعضها إخبارية سياسية أساساً ومتنوعة المجالات، لكنها منحازة كثيراً أو قليلاً، مباشرة أو بذكاء، إلى سياسة معينة. في عالمنا العربي بدلاً من تنافس الإذاعات الرسمية، صار هناك من تنافس في الفضائيات أكثر ذكاء.
من طرائف الهاتف الذكي أن الأمن الأميركي صادر من الرئيس أوباما جهاز الاتصال «بلاك بيري»  لكن خلفه ترامب صار يُصبحنا ويُمسينا بتغريدات على «التويتر»، وكما تنافس الإذاعات والفضائيات، هناك تنافس في شبكات الهاتف الذكي، وقد لا يبقى «الفيس بوك» رائدها.
أزمة توزيع الصحف الورقية عالمية، ولعلّ بدايتها كانت في احتجاب المجلات الأسبوعية، أو تحولها إلى طبعة إلكترونية، وتلتها أزمة في توزيع الكتب على كثرة دور نشرها بين دفّتي كتاب أو ذات طبعة إلكترونية.
شبكات التواصل الاجتماعي غثّها أكثر من سمينها، ويحظى الغثّ منها بعدد من الإعجابات والتعقيبات يفوق السمين والمفيد منها، حتى أن صديقاً ما، له شعبية على «الفيس بوك»، بدل صورة «البروفايل» لصفحته بأخرى، فنال زهاء 650 تعقيباً بين ثناء وإعجاب، وهو ما يفوق ما تناله مقالة صحافية رصينة، سياسية كانت أم فكرية.
كانت وكالات «الأنباء» تنشر أخبارها عادية، أو «عاجل» «عاجل جداً»، و»فلاش» وتنشرها الصحف أحياناً، معنونة «آخر ساعة».. وأمّا محطات التلفزيون، فإن الشريط الإخباري المكرّر غالباً، تسبقه صورة الحدث حيّة.
لا أظنّ أنّ «دفن» و»وأد» الصحف اليومية قد حانت ساعتها، والأمر منوط بدرجة نجاح الشركات الصادرة عنها في إعادة هيكلتها، ولما كتبت مقالة عن درجة نجاح الصحف اليومية الثلاث في معركة البقاء والهيكلة، رأى رئيس التحرير أن الزمالة أولاً، وليس لصحافي في جريدة أن يكتب عن نجاح أو قصور في هيكلة صحيفة أخرى.. هذا صحيح.

«أساطير الأوّلين»
هذه العبارة ترد في القرآن الكريم. أخيراً نشر بعض أبرز علماء الآثار والأركيولوجيا الإسرائيليين نقداً لأساطير إسرائيلية حول خروج اليهود من ارض مصر، وقصة موسى، باعتبارها أسطورة من الأساطير المؤسّسة لليهودية، ومن ثم لدولة إسرائيل.
علماء الآثار مهتمّون بقوانين حمورابي، وعلماء الأديان بالوصايا العشر، ولعلماء الجيولوجيا والأحياء اهتماماتهم في تفسير: كيف كانت القارة القطبية الجنوبية ملأى بالغابات والديناصورات؟
أعادت الديانات التوحيدية كتابة أساطير الأوّلين، ثم أعادت الديانات اللاحقة إعادة كتابة ما ورد من قصص في ديانة سابقتها.
للقرآن أن يعيد كتابة ما ورد في قصة اليهود من أرض مصر من قصة يهودية إلى قصة رمزية. قلت لضابط إسرائيلي سابق: إن إمبراطوريات ودولاً احتلت يهود العالم، لكن دولة إسرائيل احتلت شعباً وأرضاً هو الفلسطينيون، متسلّحة بالقوة والدهاء وأساطير دينية.
الإسلام أخذ عن ديانات سماوية سبقت ما هو صالح في زمانه. المسألة أن إسرائيل قوية يمكن أن تنتقد أساطير يهودية، بينما «الإسلام السياسي» ضعيف، فالإسلام الأصولي عنيف، لذا فقصة موسى أسطورية، وفي القرآن رمزية، وخاضعة للتفسير وليس للنفي والنقد، ما دام القرآن «تنزيل من الرحمن الرحيم».
ولا بأس أن تتشابه قضايا النكاح والتحريم والزواج بين الديانات الثلاث، وأن تختلف عن «أساطير الأوّلين».
حسن البطل

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«ادفنوها»  قال «ادفنوها»  قال



GMT 11:31 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

كتب جديدة للقارئ في معرض الشارقة الدولي

GMT 11:26 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

كتب أخرى للقارئ العربي

GMT 05:03 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

دسائس البلاط

GMT 05:01 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

اللبنانيون يأملون.. لكن بخوف وحذر!

GMT 05:00 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

ثورة في لبنان في عهد "حزب الله"

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 12:41 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تبدو مرهف الحس فتتأثر بمشاعر المحيطين بك

GMT 09:52 2018 الإثنين ,13 آب / أغسطس

أمطار صيفية تعزل دواوير ضواحي تارودانت

GMT 07:59 2018 الأحد ,15 تموز / يوليو

"بورش" تحتفل بالذكرى الـ70 لسيارتها الأولى

GMT 16:15 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

سامح حسين يكشف عن الأفيش الأول لـ"الرجل الأخطر"

GMT 08:36 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

النفط ينخفض مع تهديد الصين برسوم جمركية على الخام

GMT 05:34 2018 الإثنين ,11 حزيران / يونيو

تعرف على أبرز علامات ظهور "ليلة القدر"

GMT 23:49 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

الليمون الحل النهائي للقضاء على "قشرة الشعر"

GMT 15:13 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

تغلبي على الخوف من عيوب جسدك مع ارتداء الحجاب
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca