إذا خرجت «السلطنة» من قوقعتها !

الدار البيضاء اليوم  -

إذا خرجت «السلطنة» من قوقعتها

بقلم : حسن البطل
بقلم : حسن البطل

لا أذكر، إن لم تخني ذاكرتي، أن السلطان قابوس كانت له وقفة بروتوكولية في الصورة الجماعية لأي قمة عربية، بما فيها قمم ثلاث مغربية حول فلسطين: قمة الرباط الشهيرة، وقمتا فاس.

كما لا أعرف متى اعترفت هذه السلطنة الفريدة سياسياً عربياً، بمنظمة التحرير الفلسطينية، إذ حتى العام 1983، انسحب وفد عُماني من احتفالات ثورة 26 أيلول اليمنية، احتجاجاً على مشاركة فرقة رقص شعبي فلسطيني فيها.
هذه السلطنة، وهي ركن قديم في دول شبه الجزيرة العربية، مع السعودية واليمن والكويت تمارس، سياسياً، موقف الحياد الإيجابي من نزاعات دول الخليج؛ وموقف الحياد السلبي من المحاور السياسية العربية «المتشقلبة»!
زيارتان رسميتان للسلطنة، فلسطينية أولاً تبعتها إسرائيلية، أحدثت ضجة في بيانات الفصائل الفلسطينية، و«جعجعة» فيسبوكية.. ولكن مع صمت رسمي فلسطيني.. حتى أن وكالة «وفا» لم تنشر بياناً منسوباً لحركة «فتح».
سيؤكد بيان المجلس المركزي الفلسطيني على رفض الصفقة الترامبية من جديد، وسيلوّح بسحب الاعتراف الفلسطيني بإسرائيل حتى تعترف هذه بدولة فلسطين، ولكن لن يشير إلى انهيار مدماك عربي آخر في جدار تطبيع العلاقات مع إسرائيل، ولا إلى موقف دول خليجية في التعامل الإيجابي مع «صفقة القرن».
خلال قمة أمنية في البحرين، شاركت فيها السعودية وأميركا (وإيطاليا وألمانيا)، قال وزير الشؤون الخارجية العُمانية، إن بلاده تنظر، إيجاباً، إلى «صفقة القرن»، ولكن شدّد على أن قيام دولة فلسطينية أمر استراتيجي، وبدونه لن يتحقق الاستقرار في الشرق الأوسط.. مطلقاً.
لمصر أن تلعب دور «وساطة» بين حماس وإسرائيل؛ وبين حماس والسلطة.. لكن لا موقف سلبياً لها من «الصفقة»، ولها موقف إيجابي منها إن أدت إلى «حل الدولتين»، وهو موقف السعودية والأردن المعلن، أيضاً.
يقول الوزير العُماني المشارك إن بلاده، بعد الزيارتين الرسميتين الفلسطينية والإسرائيلية، تطرح «افكاراً» لمساعدة الجانبين.. ولا تلعب دور «الوساطة»، بل دور «ناقل» لأفكار ترامب من جهة، وناقل لأفكار إسرائيل من أفكار ترامب إلى السلطة؟
لم يبلور فريق ترامب أفكاراً نهائية، لكن نتنياهو فعل وقال: لا دولة فلسطينية مستقلة، بل حكم ذاتي زائد، أو حكم ذاتي زائد ـ زائد، وهي فكرة «الشريك» رابين بعد أوسلو، وطوّرها قبل اغتياله بقليل إلى «كيان» أقلّ من دولة مع ضم 12% من مساحة الضفة.
عُمان أخذت موقف الحياد السلبي من النزاع القطري ـ السعودي، والكويت فشلت في موقف الحياد الإيجابي من هذا النزاع، وحتى من «التحالف العربي» في «حرب اليمن»، فكيف لها أن تتخذ موقفاً إيجابياً من «صفقة القرن» ومنحازاً لقيام دولة فلسطينية، علماً أن جناح الصفقة الآخر هو قيادة تحالف عربي سني وإسرائيلي ضد إيران، بينما للسلطنة علاقات حسنة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية. المذهب الإباضي قريب من الشيعي.
تقول السعودية، أو ولي عهدها، المجروحة بعمق بقضية خاشقجي، والضجة الأميركية ـ الأوروبية على إثرها، إنها تعرف الآن الأصدقاء من الأعداء، فهل تنسحب الرياض من مشروع التحالف ضد إيران، ومن الحرب العبثية ضد اليمن؟
السلطة الفلسطينية انسحبت من محاور الخلافات العربية، ومن التدخل في الشؤون الداخلية العربية، وهي لا تقطع ما هو أغلظ من «شعرة معاوية» مع أي دولة عربية، بما فيها خلافها غير المعلن رسمياً مع موقف قطر من الشقاق الفلسطيني.
المسألة ليست في زيارتين، ولا خروج السلطنة من قوقعتها السياسية العربية، إذ سبق ذلك زيارات إسرائيلية إلى مسقط، لكن المسألة في تطبيع رياضي قطري وإماراتي، شمل رفع علم إسرائيل، ونشيد «هاتكفاه» الذي يقول: «النفس اليهودية بمائة نفس»، ومشاركة وزيرة الثقافة الإسرائيلية المتطرفة، ميري ريغيف، مغربية الأصل وصاحبة مشروع «الولاء الثقافي» ضد الثقافة الفلسطينية واليسارية في إسرائيل.
هناك فلسطينيون يلومون «أوسلو» هذه بانهيار مداميك اللاتطبيع العربي الرسمي مع إسرائيل، لكن شروط الحال الفلسطينية المتداخلة مع إسرائيل غير شروط الحال العربية مع دول لا علاقة حدودية لها مع إسرائيل، خلاف حالة مصر والأردن مع «سلام بارد» بينهما وبين إسرائيل.
يقول الوزير العُماني يوسف بن علوي إن التوراة ولدت في هذه المنطقة واليهود كانوا جزءاً من سكانها، هذه حقيقة تاريخية، لكن التوراتيين الجدد يحاولون إلغاء الوجود السياسي الفلسطيني. خلافنا مع إسرائيل سياسي لا دينياً.
.. ويقول الوزير: حان الوقت للتسليم بوجود إسرائيل دولة من دول المنطقة.. السلطة سلّمت بذلك، والمشكلة هي في تسليم إسرائيل بوجود دولة فلسطينية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إذا خرجت «السلطنة» من قوقعتها إذا خرجت «السلطنة» من قوقعتها



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 08:13 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العقرب الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 17:59 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء محبطة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 02:12 2018 السبت ,07 تموز / يوليو

قطار ينهي حياة شيخ ثمانيني في سيدي العايدي

GMT 10:19 2018 الثلاثاء ,17 إبريل / نيسان

"خلطات فيتامين سي" لشعر جذاب بلا مشاكل

GMT 13:54 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

نصائح مهمة لتجنب الأخطاء عند غسل الشعر

GMT 13:08 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

اختتام فعاليات "ملتقى الشبحة الشبابي الأول " في أملج
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca