«خضراء يا أرض روحي»!

الدار البيضاء اليوم  -

«خضراء يا أرض روحي»

بقلم - حسن البطل

يرقص باروميتر درجة الحرارة: فوق المعدّل، تحت المعدّل. يرقص مقياس المطر: فوق المعدّل، تحت المعدّل.. لكنّ ساعتي التوقيت الصيفي والشتوي لا تبالي بالرقصتين، سوى أنها تعكر توقيت الساعة البيولوجية أياماً أو أسبوعاً.
بعد يوم من بدء التوقيت الصيفي، الجمعة المقبلة، سنحظى بثلاثة أيام ماطرة، لعلها ستكون المنخفض الأخير في شتاء طويل، دام قرابة نصف العام، كان فيه التهطال المطري فوق المعدّل السنوي المعتاد. فصل شتاء وافر المطر، شحيح الثلج، معتدل البرودة، يخلو كلياً من الكوارث الطبيعية.
عزّ مطر فصل الشتاء في «المربعانية»، التي استحقت هذه الشتوية عزّها، بعد أن مرت مربعانية، ذات شتاء كانت عجفاء من قطرة مطر. مرت علينا شتويات قليلة كانت أمطارها أوفر، لكن مرت أعوام لم يكن فيها توزيع التهطال مثل «رقصته» هذا العام.
حصلت وفيات بفعل السيول الجارفة في الأردن، ووفيات إسرائيلية أقل بفعل سيول داهمت متنزهين في منطقة البحر الميت، لكن أراضي السلطة الفلسطينية خلت من وفيات، وإن لم تخل من سيول. قياساً ببلدان أخرى، فأمطار بلادنا ليست جارفة، ولا التساقط المطري كان رتيباً ومملاً، حيث يقول الفرنسيون: «ممل كالمطر».
هل أن «سعد الخبايا» بعد «سعد السعود» و»سعد البلع» سيبدأ وفق بداية التوقيت الشتوي، أم سيتأخر؟ وهل سيكون صيف البلاد قائظاً، كردة فعل على شتاء طويل، لكن لا أذكر أن وفيات حصلت بفعل «ضربة شمس» ونادرة تحصل وفيات بفعل لدغة أفعى في بداية فصل الشتاء في بلادنا، توقع علماء أنواء إنكليز أكثر من «سبع ثلجات كبار»، لكن علماء الأنواء الإسرائيليين تحققت نبوءاتهم بفعل مطر وافر عموماً، يكون أوفر في شمال البلاد مما في جنوبها. معظم شمال الضفة تعدّى مقياس المطر معدّله السنوي المعتاد، وفي جنوبها قارب معدّله، أو أقل.
في الأساطير القديمة عن «بلاد بعل» أن «سبع سنوات سمان، تليها سبع سنوات عجاف»، وهذا قبل أن يتطرف مناخ الأرض بين محل وجفاف غير معتاد، وسيول وعواصف مطرية غير معتادة.
عندما قال الشاعر: «خضراء يا أرض روحي» كان يقصد الحنين إلى أرض البلاد، وها قد اكتست أرض البلاد ببساط أخضر، تزيده ألواناً زهور الربيع المعتادة، أو زهور تنام فصولاً ثم تستيقظ من سبات سنوات، إذا كان المطر فوق المعدّل.
هذه الضفة من فلسطين يمكن أن تصير جنّة خضراء لو خلت من تقسيمات «أ. ب. ج» التي تمنع علينا بناء سدود ركامية في وديانها بين جبالها الكثيرة، أو لو جعلنا سفوح جبالها وتلالها مدرّجات مشجّرة، تحول دون استفحال انجراف تربتها بفعل انسياب ماء المطر.
إلى الاحتلال الأمني والاقتصادي والديمغرافي، عداك عن الاحتلال التوراتي، هناك احتلال مائي، حيث تقام الكتل الاستيطانية فوق الأحواض المائية، وتقوم سلطة الاحتلال بتخريب حتى آبار جمع مياه الأمطار، وتعطيل «الحصاد المائي» وحتى السيطرة على 85% من مصادر المياه الجوفية أو الجارية، وحتى السيطرة على ما تستطيع من الينابيع، بحيث تبدو مستوطناتها أكثر خضرة وتشجيراً من جوارها الفلسطيني.
العام المنصرم، كان موسم الزيتون أقلّ من المعدّل، وفوق «الشلتوني» بقليل، وبفعل شتاء وفير المطر، قد نحصد موسماً زيتونياً فوق المعدّل، كثيراً أو قليلاً، إذا لم تعصف ريح ساخنة، أو مرض «عين الطاووس» بحبّات الزيتون.
يتذكر ناس بلادنا، وخاصة الفلاحين، أن معدّل التساقط المطري 1991 ـ 1992 كان فوق المعدّل بثلاث مرات، ومن ثم كان موسم الزيتون وافراً جداً، وأما التهطال المطري عامي 2002 ـ 2003 فكان ضعف المعدّل، لكن توزيع التساقط لم يكن متوازناً كما هذا الموسم.
هناك، أيضاً، ما يميز فصل شتاء هذا العام، وخاصة في شهوره الأخيرة، حيث لم يخل أسبوع عن سقوط شبان شهداء، خاصة في العقد الثاني أو الثالث من أعمارهم، ولا يخلو أسبوع من تشييع جنازات، سواء في الضفة أو في قطاع غزة.
قد يكون صيف هذا العام قائظاً أو معتدل الحرارة، لكن سيكون، من الناحية السياسية، شديد الحرارة، مع إعلان تفاصيل ما يدعى «صفقة القرن» في مطالع نيسان القريب، أو يتأخر الإعلان أسابيع وشهورا ريثما يتم تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة، سواء كانت ولاية خامسة لنتنياهو، أو ولاية أولى لحزب الجنرالات الثلاثة.
في التمهيد للضفة، تقول إسرائيل، إن احتلالها للجولان أطول من فترة سيادة سورية عليه. أما وزير الخارجية الأميركي فقال، إن الاحتلال صار شرعياً.. لأن إسرائيل ذات فرادة بين الدول، أو ذات شذوذ بين الدول، أو طفرة غير طبيعية.
في الاصطفاء الطبيعي البيولوجي، تقوم الطبيعة بحذف الطفرات غير الطبيعية و»الاستثنائية».

حسن البطل

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«خضراء يا أرض روحي» «خضراء يا أرض روحي»



GMT 11:31 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

كتب جديدة للقارئ في معرض الشارقة الدولي

GMT 11:26 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

كتب أخرى للقارئ العربي

GMT 05:03 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

دسائس البلاط

GMT 05:01 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

اللبنانيون يأملون.. لكن بخوف وحذر!

GMT 05:00 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

ثورة في لبنان في عهد "حزب الله"

GMT 19:15 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 16:52 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الإصابة تحرم الأهلي من رامي ربيعة في مباراة الإسماعيلي

GMT 23:44 2017 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

شمال الأطلنطي يحسم بطولة كأس الجامعات القطرية للرجال

GMT 15:27 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

التصميم المميز للزجاجة والروح الأنثوي سر الفخامة

GMT 08:49 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

أليساندرو سارتوري يسرق الأنظار إلى "زينيا" بابتكاراته

GMT 12:55 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

جزيرة منمبا في زنجبار تتمتع بمناظر طبيعية نادرة ورومانسية

GMT 04:30 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الإبلاغ عن العنف الجنسي يعصف بحياة السيدات في الهند

GMT 02:35 2017 الجمعة ,05 أيار / مايو

سيارة فيراري "275 غب" 1966 معروضة للبيع

GMT 05:29 2016 الأربعاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الصين تفتتح أفخم فندق سبع نجوم بتكلفة 515 مليون دولار

GMT 02:01 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

5 خطوات مميّزة للحصول على درجة علمية عبر الإنترنت
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca