الأردنيون بين بدعة الدولة المدنية وخرافة العقد الاجتماعي

الدار البيضاء اليوم  -

الأردنيون بين بدعة الدولة المدنية وخرافة العقد الاجتماعي

بقلم :شهاب المكاحله

لو سألت من يدافعون عن الدولة المدنية بل يستميتون في الدفاع عنها اليوم في عدد لا بأس به من دول الشرق الأوسط ومنها الأردن لوجدت أنهم كالآنية الفارغة لا معلومات لديهم ولا عِلم عن ماهيِة تعريف الدولة المدنية أو ما هي مدلولاتها ومُقوماتها؟  تلك النخب الإعلامية والسياسية مُبرمجة لتقول ما يريده الآخر في الخارج وهو سيِد هؤلاء ومن هم على شاكلتهم. وأنا هنا لا أقول إن هذا يندرج ضمن سياق نظرية المؤامرة. ولكن حين تعيش في الغرب دهراً أو في الشرق أعواماً تُدرك أنك أمام خيارين لا ثالث لهما: أن تكون ممن يتأمر ضد بلدك (يعني أن تضع رأسك بين الرؤوس وتقول يا قطاع الرؤوس) أو تكون مع وطنك وتناضل من أجل ذلك ما أُوتيتَ من قوة وهنا ستشن عليك حرب شعواء لا هوادة فيها.

قصة الدولة المدنية “الحديثة” بدأت في الأردن منذ العام 1990 مع عودة بعض من “رجالات الأردن” من الغرب الأميركي ومن دول أوروبية وحتى من الاتحاد السوفييتي قبل انهياره. وكان شغل هؤلاء الشاغل السيطرة على مفاصل الدولة الأردنية بالطبع مدعومين من الخارج وهذا للأسف ما تم اكتشافه لاحقاً ولكن في وقت متأخر. المهم هنا أن معظم هؤلاء تعاطو في الإعلام والسياسة وعلم الاجتماع والبزنس وتمكنوا عبر شلليتهم من الوصول إلى ما وصلوا إليه اليوم وبدأت عملية تهيئة الأردنيين لقبول ما لا يمكن قبوله والتنازل عما لا يمكن التنازل عنه.

بدأ هؤلاء عملية غسل الأدمغة: تارة بالعقد الاجتماعي وتارة بالمدنية الحديثة وتارة بالديمقراطية وتارة بالحريات وتارة بالدولة المدنية. أكاد أجزم هنا أن من يُطلق شعارات هذا المبدأ لا يعرف ما هو العقد الاجتماعي وما هي شروطه وما التزامات الدولة تجاه أبنائها بحكم أن العقد بين السلطة والشعب. وفي المحصلة، تمكَن هؤلاء من الوصول إلى مفاصل الدولة وبدأت سياسة الحرب الناعمة على كل ما هو وطني ويحمل الهوية الوطنية الأردنية أو حتى الفلسطينية وكل ما هو شريف ويسعى لإعمار الوطن والحفاظ على التاريخ والمكتسبات.

ما كان بإمكان هذه الفئة من السيطرة بذلك الشكل لولا الدعم الخارجي أو حتى التمويل الذي يتقاضونه. والغريب كل الغرابة أن من كان مسؤولاً في السابق يشتم الحكومات المتعاقبة لتغييبها للشعب وعدم التفاتها لأولوياته التي كفلها الدستور وهي التعليم، والمأكل والملبس والمسكن والعمل والأمن (أي متطلبات العيش الكريم).فأين كان هو ولفيفه حين كان وزيرا أو مسؤولا رفيعا؟ وما هي الخدمات التي قدمها للشعب حتى يذكره بالخير؟! والسبب معروف لماذا يشتم هؤلاء الآن لأن مهمتهم التي أُوكلت اليهم من الخارج اننتهت وتم الإيعاز لطاقم آخر لتنفيذ الجزء الآخر من الأجندة.

إن صيغة العقد الاجتماعي بين الأفراد وحكوماتهم تشبه إلى حد كبير عائلة مكونة من أب وأم وأبناء. يقوم الوالدان بحماية الأبناء وتوفير كل ما يلزم لهم من عيش كريم وتعليم ومسكن ومأكل ورعاية صحية مجانية مقابل تسليم الأبناء للوالدين تلك المسؤوليات. فهل يمكن لحكومات العالم الثالث ومنها الأردن توفير ذلك؟ ولماذا المنادة بالدولة المدنية؟

الدولة المدنية باختصار تعني غياب الهوية الوطنية أو تغييبها وتسيير الأمور وفق أجندات خارجية لا تراعي مصلحة الوطن والمواطن الذي يدافع عن بلده وقيادته. وحين يتم التخلص من عائق مهم أمام الأجندات الخارجية لتنفيذ المؤامرة يتم اللجوء الى طمس الهوية وقتلها وبرمجة السكان الأصليين للبلد لأن هذا المصطلح وُلد في أميركا وهو يعني برمجة السكان الأصليين بعد نزع قدراتهم ومقوماتهم للانخراط في المجتمع المدني الحديث. فلا يعود لهم قضية يطالبون بها ولا حق يكافحون لأجله.

في الأردن تحول الشعار في العقد الأخير من القرن العشرين إلى واقع ملموس في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين وفي العقد الثاني من القرن الحالي بات الشعار فلسفة مدنية سياسية هدفها الأول نشر الفوضى بين الشعب حتى لا يعرف أين قِبلته. فهل سينجح هؤلاء في مؤامرتهم على الوطن والشعب؟ حما الله الشعب الأردني من نير هؤلاء ومن هول ما يخططون له لأنه لا يخدم إلا مصلحة أربابهم خارج الحدود الأردنية. فهم ليسوا أردنيين وإن حملوا أرقاماً وطنية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأردنيون بين بدعة الدولة المدنية وخرافة العقد الاجتماعي الأردنيون بين بدعة الدولة المدنية وخرافة العقد الاجتماعي



GMT 15:52 2021 الثلاثاء ,16 آذار/ مارس

بايدن في البيت الأبيض

GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 08:13 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العقرب الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 17:59 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء محبطة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 02:12 2018 السبت ,07 تموز / يوليو

قطار ينهي حياة شيخ ثمانيني في سيدي العايدي

GMT 10:19 2018 الثلاثاء ,17 إبريل / نيسان

"خلطات فيتامين سي" لشعر جذاب بلا مشاكل

GMT 13:54 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

نصائح مهمة لتجنب الأخطاء عند غسل الشعر

GMT 13:08 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

اختتام فعاليات "ملتقى الشبحة الشبابي الأول " في أملج

GMT 16:52 2015 الثلاثاء ,14 تموز / يوليو

كمبوديا تستخدم الجرذان في البحث عن الألغام

GMT 04:44 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

تصميم مجمع مباني "سيوون سانغا" في عاصمة كوريا الجنوبية

GMT 06:28 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

خبير إتيكيت يقدم نصائحه لرحله ممتعة إلى عالم ديزني

GMT 12:22 2016 الأربعاء ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مقتل 7 على الأقل في قصف جوي ومدفعي على حي الفردوس في حلب

GMT 04:48 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمير الوليد بن طلال يؤكد بيع أسهمه في "فوكس 21"

GMT 22:13 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

منتخب غانا يهزم نظيره المصري في بطولة الهوكي للسيدات
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca