أكراد العراق وحلم الاستقلال

الدار البيضاء اليوم  -

أكراد العراق وحلم الاستقلال

بقلم - جهاد الخازن

الأكراد في العراق صوتوا تأييداً لاستقلال منطقتهم بغالبية ساحقة ومتوقعة، فقد عانوا من وطأة الحكومة المركزية عقوداً، وبعد سقوط صدام حسين أصبح لهم حكم ذاتي في منطقة غنية بالنفط.
أريد قبل أن أكمل أن أعيد رواية قصة سمعتها من الأخ مسعود بارزاني، رئيس كردستان العراق، قبل سنوات. هو قال لي إن الزعيم العراقي الوحيد الذي عامل الأكراد بعدل واحترام كان عبدالكريم قاسم، أو «الزعيم الأوحد». الأخ مسعود حكى لي كيف زار برفقة والده مصطفى بارزاني قاسم في رئاسة الوزارة، وكيف قال له هذا إنه يستطيع أن يزوره متى يريد. كان أخونا مسعود في تلك الأيام في المدرسة الثانوية، وعندما روى قصة لقاء عبدالكريم قاسم لم يصدقه أحد من زملائه، فأخذ بعضهم إلى مقر رئيس الوزراء، وبعد وقفة على الباب سمح للأولاد بالدخول، و «الزعيم الأوحد» استقبلهم.
أعود إلى الاستفتاء فالنتيجة كانت أكثر من 90 في المئة مع الاستقلال، مع أن هذا لا يعني أن الأكراد في العراق سيستقلون عن بقية العراق غداً. الحكومة المركزية في بغداد تهدد باجتياح شمال العراق، وهي وإيران وتركيا أجرت مناورات عسكرية على حدود كردستان العراق.
تركيا وإيران تشعران بأن خطر الأكراد يحيق بهما أيضاً، ففي شمال إيران على الحدود مع العراق هناك جالية كردية كبيرة، وشرق تركيا منطقة تاريخية يسكنها الأكراد. البلدان يخشيان أن يصاب الأكراد فيهما بعدوى طلب الاستقلال، فإذا زدنا أكراد سورية نجد أن هناك مجالاً لقيام دولة كردية كبرى تضم مساحات شاسعة من إيران مروراً بالعراق وسورية حتى تركيا.
الرئيس رجب طيب أردوغان يخوض حرباً مع حزب العمال الكردستاني الذي يمارس الإرهاب. هو هدّد بعد الاستفتاء بعمل عسكري من نوع ما تمارس تركيا في سورية منذ أكثر من سنة. هو هدّد أيضاً بإغلاق خط الأنابيب من كردستان العراق إلى البحر الأبيض المتوسط. الخط هذا ينقل 550 ألف برميل من النفط الخام كل يوم ويدرّ على حكومة كردستان العراق أكثر من ثمانية بلايين دولار في السنة، أي أعلى نسبة من دخلها المحلي. الرئيس أردوغان قال إن القوات التركية قد تدخل ليلاً من دون إنذار.
الأكراد في العراق تحدّوا العالم كله وهم يمضون في إجراء الاستفتاء على الاستقلال، فدول غرب أوروبا عارضت الاستفتاء، وكذلك الولايات المتحدة، وروسيا، التي تحارب الدولة الإسلامية المزعومة في سورية ولا تستطيع أن تغضب إيران وتركيا، وربما لا تريد ذلك، فهي معهما ضد الأكراد في سورية وفي إيران وتركيا أيضاً إذا اختاروا بدء تحرك يشابه ما فعل أكراد العراق.
هل ينفصل أكراد العراق في منطقتهم؟ لا أجد هذا ممكناً غداً أو بعد غد، فدول الجوار ستغلق الأجواء عليهم، وقد تتدخل عسكرياً، والأكراد العراقيون لا منفذ لهم على الخارج إلا عبر دول الجوار التي تعاديهم.
أيّدت استقلال أكراد العراق والشرق الأوسط كله في السابق ولا أزال عند رأيي، فهم منذ صلاح الدين الأيوبي لم يروا يوم خير من الأنظمة الحاكمة قديماً أو اليوم.
بسبب صدام حسين وقراري الشخصي الابتعاد عن نظامه لم أكن أعرف من العراق سوى بعض القيادات الكردية مثل الأخ مسعود بارزاني، والأخ جلال طالباني الذي أتمنى له الصحة. كان طالباني رئيس العراق ولا أذكر أن أحداً شكا من عمله الرسمي. عرفته إنساناً نبيلاً مثقفاً ثقافة عالية بالكردية والعربية، ومع هذا وذاك خفيف الدم جداً، لم أره مرة إلا وروى لي طرفة (نكتة) عادة ما تكون عنه.
استقلال أكراد العراق ثم المنطقة صعب إلى مستحيل، ولكن أتمنى أن أعيش لأراه، فهو حقّ لهم وأرى أن الوقت حان لنرى والعالم دولة كردية مستقلة لها أفضل العلاقات مع جاراتها، خصوصاً من الدول العربية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أكراد العراق وحلم الاستقلال أكراد العراق وحلم الاستقلال



GMT 15:52 2021 الثلاثاء ,16 آذار/ مارس

بايدن في البيت الأبيض

GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 19:15 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 16:52 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الإصابة تحرم الأهلي من رامي ربيعة في مباراة الإسماعيلي

GMT 23:44 2017 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

شمال الأطلنطي يحسم بطولة كأس الجامعات القطرية للرجال

GMT 15:27 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

التصميم المميز للزجاجة والروح الأنثوي سر الفخامة

GMT 08:49 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

أليساندرو سارتوري يسرق الأنظار إلى "زينيا" بابتكاراته

GMT 12:55 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

جزيرة منمبا في زنجبار تتمتع بمناظر طبيعية نادرة ورومانسية

GMT 04:30 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الإبلاغ عن العنف الجنسي يعصف بحياة السيدات في الهند

GMT 02:35 2017 الجمعة ,05 أيار / مايو

سيارة فيراري "275 غب" 1966 معروضة للبيع

GMT 05:29 2016 الأربعاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الصين تفتتح أفخم فندق سبع نجوم بتكلفة 515 مليون دولار

GMT 02:01 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

5 خطوات مميّزة للحصول على درجة علمية عبر الإنترنت
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca