أردوغان يلعب بمصير تركيا

الدار البيضاء اليوم  -

أردوغان يلعب بمصير تركيا

بقلم : جهاد الخازن

الاستفتاء على التعديلات الدستورية في تركيا أطلق أزمة لم تنته بعد. أركان أحزاب المعارضة والمراقبون من الاتحاد الأوروبي يصرون على أن تزويراً أو تجاوزاً رافق الاستفتاء، وقد أعلنت المعارضة التركية أنها ستتحدى نتائج الاستفتاء في البرلمان أو في المحاكم، رغم إصرار لجنة الاستفتاء التابعة لأردوغان على صحة النتائج، وقول أردوغان إنه يثق بأن المحاكم ستؤيده.

نتيجة الاستفتاء الرسمية كانت موافقة 51.4 في المئة على التعديلات الدستورية ومعارضة 48.5 في المئة. الحكومة التركية أشرفت على إجراء الاستفتاء وتقرير المراقبين الدوليين قال إن فرص التصويت لم تكن متكافئة فجانب واحد طغى على الاستفتاء وفرض قيوداً على الميديا، وحدَّ من قدرة ناس كثيرين على الوصول الى مراكز الاقتراع. وقرأت أن نتيجة الاستفتاء قتلت الديموقراطية في تركيا وأعطت أردوغان صلاحيات ديكتاتورية، لذلك هو يعتقد أن من حقه البطش بالمعارضة.

أردوغان يقول إن 25 مليوناً صوتوا الى جانب التعديلات الدستورية، ويرى أنه يملك تصريحاً للسير بتركيا كما يريد، ومن ضمن هذا عودة عقوبة الإعدام رغم تهديد الاتحاد الأوروبي بأن عودتها ستُقابَل بإلغاء طلب تركيا الانضمام الى الاتحاد الأوروبي.

لاحظتُ أن دونالد ترامب كان الوحيد بين قادة العالم الغربي الذي أرسل تهنئة الى أردوغان على فوزه بالاستفتاء، وقد أعلن أن أردوغان سيزور واشنطن الشهر المقبل. الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أيضاً هنأ أردوغان.

أجد الحديث عن «قتل» الاستفتاء الديموقراطية في تركيا خطأ أو مبالغة. الديموقراطية في تركيا تعاني منذ مجيء أردوغان الى الحكم، وزادت معاناتها بعد محاولة الانقلاب الفاشل في 15/7/2016. هناك 113 ألف معتقل بينهم 2.575 من القضاة والمدعين العامين، وقد طرِد 125 ألفاً من وظائفهم، وأغلق 177 من أجهزة الميديا ثم أعيد فتح 11 منها، كذلك أغلقت ألفا مدرسة وجامعة وبيت طلبة، وسُجِن 131 صحافياً.

أردوغان يوصَف بأنه «سلطان» جديد. والتهمة ليست بعيدة من الواقع، فهو قرر أنه انتصر رغم تقارب النتيجة والمخالفات الكثيرة في عملية التصويت لتأتي بنعم. هو يتجاوز أن غالبية في إسطنبول وأنقرة وإزمير، أي أكبر الحواضر التركية، صوتت ضد التعديلات الدستورية، ومثلها فعلت بلدات وقرى في مناطق الأكراد.

أخشى أن يرتد تشدد أردوغان على الأتراك جميعاً، فالبلاد تعاني من موجة إرهاب مستمرة، وهي في حرب مع حزب العمال الكردستاني، وتوجد قوات تركية داخل سورية لمحاربة «داعش» والإرهابيين الآخرين. وهذا كله فيما الاقتصاد التركي يعاني بعد فترة ازدهار غير مسبوقة بدأت بفوز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات.

لا أرى أن أوروبا من أولويات أردوغان الآن. هو أعلن عن استفتاء لسحب طلب العضوية في الاتحاد الأوروبي، ويركز على إضعاف المعارضة. أساليبه تتجاوز القانون كما في الاستفتاء نفسه، ومشكلة المعارضة في مواجهة الرئيس التركي أنها ليست موحدة، والحزب الرئيسي فيها هو حزب الشعب الجمهوري الذي يقوده كمال كيليجدارأوغلو. أما حزب الشعب الديموقراطي، أو حزب الأكراد في تركيا، فقد سجن أردوغان اثنين من أبرز قادته.

تركيا كانت دولة شبه ديموقراطية حتى مجيء حزب العدالة والتنمية الى الحكم سنة 2002، وأردوغان عمل يوماً بعد يوم لانتزاع السلطات من البرلمان، ولإخضاع القضاء لإرادته، حتى لم يبقَ في تركيا شيء من مظاهر الديموقراطية السابقة.

ربما جاء يوم يكتشف فيه أردوغان أنه لا يستطيع أن «يُفصِّل» العالم على قياسه الشخصي، ولكن أخشى أن يدفع المواطن التركي ثمن طموح أردوغان، حتى لا أقول غروره، قبل أن يستفيق الرئيس أو يُعزَل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أردوغان يلعب بمصير تركيا أردوغان يلعب بمصير تركيا



GMT 13:53 2021 الثلاثاء ,08 حزيران / يونيو

أخبار من السعودية وفلسطين والصين

GMT 13:54 2021 السبت ,24 إبريل / نيسان

بوتين ضد خصومه في الداخل والخارج

GMT 14:20 2021 الثلاثاء ,20 إبريل / نيسان

من يخلف الرئيس محمود عباس؟

GMT 20:50 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

"عند جهينة الخبر اليقين" وغيره من الشعر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 12:41 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تبدو مرهف الحس فتتأثر بمشاعر المحيطين بك

GMT 09:52 2018 الإثنين ,13 آب / أغسطس

أمطار صيفية تعزل دواوير ضواحي تارودانت

GMT 07:59 2018 الأحد ,15 تموز / يوليو

"بورش" تحتفل بالذكرى الـ70 لسيارتها الأولى

GMT 16:15 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

سامح حسين يكشف عن الأفيش الأول لـ"الرجل الأخطر"

GMT 08:36 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

النفط ينخفض مع تهديد الصين برسوم جمركية على الخام

GMT 05:34 2018 الإثنين ,11 حزيران / يونيو

تعرف على أبرز علامات ظهور "ليلة القدر"

GMT 23:49 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

الليمون الحل النهائي للقضاء على "قشرة الشعر"

GMT 15:13 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

تغلبي على الخوف من عيوب جسدك مع ارتداء الحجاب
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca