عيون وآذان "الصحافة الأميركية حرة ثم تشكو"

الدار البيضاء اليوم  -

عيون وآذان الصحافة الأميركية حرة ثم تشكو

جهاد الخازن
بقلم : جهاد الخازن

عملت العمر كله في الصحافة، من رئيس نوبة في وكالة «رويترز» في بيروت، إلى رئيس تحرير «الديلي ستار» ثم «عرب نيوز» وبعدها «الشرق الأوسط» ثم «الحياة» التي لا أزال أكتب فيها.

أذكر وأنا أستعد لدخول الجامعة اغتيال الصحافي نسيب المتني، والحرب الأهلية في صيف 1958، وبعدها حرب أهلية بدأت مطلع العام 1975 واستمرت خمس عشرة سنة. كما أذكر خبر «انتحار» المشير عبدالحكيم عامر، وإعلان أنور السادات موت الرئيس جمال عبدالناصر عام 1970، وأذكر حرب 1973 وكل حرب تالية.

كانت هناك رقابة عسكرية على الصحافة أيام الأزمات، وكم منعت لنا أخبار في «الديلي ستار» عن الهجمات الإسرائيلية في العرقوب أو جنوب لبنان.

سرت مرة مع زملاء وراء رتل من الدبابات الإسرائيلية دخل قانا، وهم هددونا بالقتل إذا لم نبتعد عنهم.

الخبر الذي كتبته عن الموضوع منعته الرقابة العسكرية التي كانت تعمل من وزارة الإعلام قرب مبنى «النهار» القديم. حاولت أن أقنع الضابط المسؤول بأن يترك الخبر إلا أنه أصر على منعه، وفي النهاية ترك عنوان الخبر واسمي تحته على الصفحة الأولى وألغى الخبر وبقيّته في صفحة داخلية.كنت في لندن عندما قتل عدد من الزملاء الصحافيين في لبنان خلال السنوات الأخيرة، وقد آلمني جداً مقتل سمير قصير، فزوجته (أرملته الآن) جيزيل خوري صديقة عزيزة أحترم عملها.

كذلك آلمني ما أصاب أختنا مي شدياق في محاولة اغتيالها.ما سبق مقدمة ربما زادت على الموضوع الذي أوحاها إليّ، فقد قرأت كلمة ألقاها جون سوينتون، رئيس أركان «نيويورك تايمز» السابق في نادي الصحافة في نيويورك عام 1953. كلمته نكأت جراحاً كنت أعتقد أنها اندملت.

هو قال:لا يوجد في هذا الوقت في أميركا ما يسمى صحافة مستقلة. أنتم تعلمون هذا وأنا أعلمه. لا يوجد منكم واحد تجرأ على كتابة رأيه الصريح، وهو لو كتب فرأيه لن يطبع في الجريدة (إذا طبع سيفقد الكاتب عمله). أنا يدفع لي أسبوعياً ليبقى رأيي خارج صفحات الجريدة.

أنا على اتصال بكثيرين منكم وهم تدفع لهم مرتبات للسبب ذاته (عدم نشر ما يكتبون). وإذا كان بينكم أحمق يكتب رأياً صريحاً فسيكون في الشارع ويبحث عن وظيفة. لو سمحت لرأي صريح أن يصدر في الجريدة ففي أقل من 24 ساعة أفقد وظيفتي.ع

مل الصحافيين تدمير الحقيقة، أن يركعوا عند أقدام الآلهة (mammon). على الصحافي أن يبيع وطنه وشعبه من أجل خبزه اليومي. أنتم تعلمون هذا وأنا أعلمه. ما هذا الهراء عن صحافة مستقلة. نحن أدوات عند ناس أثرياء يقفون وراء الستار.

نحن مربوطون بحبال، ومواهبنا وإمكاناتنا وحياتنا هي ملك أشخاص آخرين.«نيويورك تايمز» هي أول جريدة في العالم كله، وقد وقفت ضد تجاوزات الرئيس دونالد ترامب يوماً بعد يوم، وكشفت الكذب في تصريحاته وتصريحات الناس حوله، وانتقدت تغريدات له تتجاوز الحقيقة.

إذا كان رئيس العمل في هذه الجريدة قال إن لا صحافة مستقلة في الولايات المتحدة فماذا يقول كاتب عربي مثلي في الصحافة في بلادنا. أين هي في سورية والعراق واليمن وليبيا وغيرها؟ كم عدد الصحافيين الذين كتبوا الحقيقة وقتلوا؟ التقرير السنوي عن حرية الصحافة حول العالم يتضمن دائماً أسماء صحافيين قتلى في هذا البلد العربي أو ذاك.

جون سوينتون تحدث عن بلاده إلا أن كلامه ينطبق على بلادنا أكثر من الولايات المتحدة، ففيها صحافة مستقلة ليس لها وجود في بلادنا إلا ضمن أضيق نطاق.

مع ذلك نأمل أن نرى يوماً صحافة حرة في كل بلد عربي لنلحق بركب صحافة أوروبا والولايات المتحدة.

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

المصدر: الوطن

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عيون وآذان الصحافة الأميركية حرة ثم تشكو عيون وآذان الصحافة الأميركية حرة ثم تشكو



GMT 15:52 2021 الثلاثاء ,16 آذار/ مارس

بايدن في البيت الأبيض

GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 05:07 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

خلطات سهلة من بودرة القرفة والألوفيرا لشعر صحيّ ولامع

GMT 18:13 2018 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

"حق الله على العباد" محاضرة بتعاوني جنوب حائل السبت

GMT 18:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 02:33 2018 الثلاثاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

زاهي حواس يكشف حقائق مُثيرة عن مقبرة "توت عنخ آمون"

GMT 08:52 2018 الثلاثاء ,27 شباط / فبراير

توقيف أحد اللصوص داخل مدرسة التقدم في أغادير

GMT 07:35 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

ريتا أورا تُناهض التحرّش وتثير الجدل بإطلالة مثيرة

GMT 01:09 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

مصادر تنفي خبر مقتل الفنان اللبناني فضل شاكر في غارة جوية

GMT 05:12 2016 الأربعاء ,07 كانون الأول / ديسمبر

تيريزا ماي تحضر قمة مجلس التعاون الخليجي

GMT 07:04 2016 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

حرباء متغيرة اللون يمتد لسانها لـ60 ميلًا لصيد فريستها

GMT 22:38 2014 الثلاثاء ,08 تموز / يوليو

قميص نيمار يظهر في الملعب قبل مواجهة ألمانيا

GMT 01:22 2015 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

المدافئ الكهربائية تتغلب على النمط التقليدي بأناقتها المميزة
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca