ناجي العلي وتحقيق جديد في اغتياله

الدار البيضاء اليوم  -

ناجي العلي وتحقيق جديد في اغتياله

جهاد الخازن

ذات يوم من سنة 1987 وصلت الى بيتي في لندن (وكان في سلون أفينيو) ووجدت أمي، رحمها الله، تقف عند الباب والقلق بادٍ على وجهها. لم تتحْ لي فرصة وإنما قالت إن رجلاً قتِل قرب نهاية الشارع الذي يربط بين شارعي كنغز وفولام.
تركت أوراقي على الباب، وسرت الى حيث أشارت الوالدة، ووجدت رجال شرطة وسيارات رسمية. عندما بدأت أسأل ماذا حدث، استوقفني شرطي وسألني هل كنت موجوداً عندما قتِل الرجل. قلت له إنني كنت عائداً من العمل، وأمي نبهتني الى الحادث لكثرة الناس المتدافعين، إلا أن بيتنا يبعد حوالى مئة متر قرب الطرف الآخر للشارع.
القتيل -أو الضحية- كان ناجي العلي، أشهر رسام كاريكاتور عربي في حياته. وهناك محاولة بريطانية الآن لفتح تحقيق جديد في الحادث. لا أعرف ما إذا كان هذا التحقيق سيبدأ، وما إذا كان سينتهي الى شيء لا نعرفه. لكن أقول إن الاستخبارات الاسرائيلية قتلت ابن فلسطين، لأن الكاريكاتور الذي كانت تنشر له جريدة «القبس» الكويتية الرصينة يعادل فرقة من العسكر، أو أكثر من ألف فدائي. وهو نشر قبل ذلك كاريكاتوره في «السفير» اللبنانية.
الشرطة البريطانية قررت إعادة فتح التحقيق في اغتيال ناجي العلي، ولا أعرف ما إذا كانت عندها أسباب جديدة، أو مادة تبرر العودة الى تلك الجريمة. ما أعرف هو أن سكوتلانديارد نشرت صورة تشبه السلاح الذي استُعمِل في الاغتيال (مسدس) ورسماً تقريبياً للقاتل وأيضاً للشارع حيث قتل، شارع بيتي القديم. المسدس الذي قتله ضُبِط وموجود لدى الشرطة.
ناجي العلي اغتيل قبل 30 سنة، ودين هايدون، رئيس قسم مكافحة الإرهاب في الشرطة، قال قبل أيام إن أشياء كثيرة تتغير في 30 سنة، بما في ذلك ولاء أفراد رأوا عندما قتِل الرسام الفلسطيني أن كتم ما يعرفون يحفظ سلامتهم، واليوم ربما كانوا يرون أنهم أصبحوا أكثر استعداداً لتقديم ما عندهم من معلومات عمّا رأوا أثناء تنفيذ الاغتيال.
كم كنت أتمنى لو أن جميع الرسوم الكاريكاتورية لناجي العلي تُجمع في كتاب مع مقدمة وافية تشرح خلفية الرسام، ومناسبة بعض الرسوم. كان ناجي العلي اختار الطفل حنظلة لكثير من رسومه، وهو قال للكاتبة المصرية رضوى عاشور سنة 1985 إنه كان في عمر حنظلة عندما هاجر الى لبنان من فلسطين بعد قيام اسرائيل سنة 1948، وشخصية الطفل لا تمثل فلسطين الجغرافية فقط، وإنما هي رمز أيضاً للجانب الإنساني، سواء في فلسطين أو فيتنام أو جنوب افريقيا.
ناجي العلي أصيب في 22/7/1987 وهو في طريقه الى مكتب «القبس» في لندن. الرصاصة أصابته في صدغه، وهو نقل الى المستشفى وتوفي فيه قبل أن يبلغ الخمسين من العمر في 29/8 من السنة ذاتها. الشرطة البريطانية اعتقلت اسماعيل صوان وكان باحثاً فلسطينياً من القدس عمره 28 سنة ويعمل في جامعة هَلْ. الشرطة وجدت في شقة صوان أسلحة ومتفجرات للقيام بأعمال إرهابية، إلا أنها لم تستطع ربطه باغتيال ناجي العلي، ووجهت اليه تهمة امتلاك أسلحة. وجدت الشرطة بعد ذلك أن الاستخبارات الاسرائيلية، الموساد، كان لها عميلان مزدوجان في بريطانيا يعملان أيضاً لمنظمة التحرير الفلسطينية. الشرطة البريطانية لم تثبت علاقة الموساد المباشرة بالاغتيال، ولكن حكومة مارغريت ثاتشر كانت غاضبة وطردت ثلاثة دبلوماسيين اسرائيليّين كانوا يعملون في السفارة، بينهم ملحق عسكري اعتُبِر مسؤولاً عن العميلَيْن المزدوجين.
رأيت ناجي العلي في بدء عمله في بيروت وأنا طالب جامعي، ولن أزعم اليوم أنني أعرفه معرفة وثيقة. ما أقول إنني كنت أنتظر رسومه الكاريكاتورية يوماً بعد يوم لأنها كانت تعبر عن رأيي الشخصي في السياسات العربية، خصوصاً الفلسطينية منها.
لا أجد اليوم ما أفعل سوى إدانة الإرهاب الاسرائيلي والترحم على ذكرى أعظم رسام كاريكاتور أنجبته فلسطين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ناجي العلي وتحقيق جديد في اغتياله ناجي العلي وتحقيق جديد في اغتياله



GMT 08:07 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أخبار مهمة أمام القارئ

GMT 08:04 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الإمارات والأردن.. توافق لأمن المنطقة

GMT 08:01 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أسوأ عقاب أوروبى لأردوغان

GMT 07:59 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لهذا تقود أمريكا العالم!

GMT 07:57 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كسر الحلقة المقفلة في اليمن

GMT 19:15 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 16:52 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الإصابة تحرم الأهلي من رامي ربيعة في مباراة الإسماعيلي

GMT 23:44 2017 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

شمال الأطلنطي يحسم بطولة كأس الجامعات القطرية للرجال

GMT 15:27 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

التصميم المميز للزجاجة والروح الأنثوي سر الفخامة

GMT 08:49 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

أليساندرو سارتوري يسرق الأنظار إلى "زينيا" بابتكاراته

GMT 12:55 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

جزيرة منمبا في زنجبار تتمتع بمناظر طبيعية نادرة ورومانسية

GMT 04:30 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الإبلاغ عن العنف الجنسي يعصف بحياة السيدات في الهند

GMT 02:35 2017 الجمعة ,05 أيار / مايو

سيارة فيراري "275 غب" 1966 معروضة للبيع

GMT 05:29 2016 الأربعاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الصين تفتتح أفخم فندق سبع نجوم بتكلفة 515 مليون دولار

GMT 02:01 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

5 خطوات مميّزة للحصول على درجة علمية عبر الإنترنت
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca