نحن والمغرب.. المقاربة في الحياة السياسية والحزبية

الدار البيضاء اليوم  -

نحن والمغرب المقاربة في الحياة السياسية والحزبية

بقلم - أسامة الرنتيسي

تجلس في الدار البيضاء، عاصمة المملكة المغربية الاقتصادية، تراقب حركة مد وجزر مياه المحيط الأطلسي  فتسمع صوت أمواجه العالية من فندق كازبلانكا (دار السلام سابقا)، فتندهش من حالات المقاربة في الحياة السياسية والحزبية بين الأردن والمغرب.

في المغرب تتنوع التشكيلات السياسية وتتوزع الخريطة إلى ألوان وأحزاب بعضها قديم عاصَر استقلال البلاد وبعضها جديد تولد عن تطورات سياسية أو أفرزته عوامل اجتماعية أو انشقاقات حزبية.

معظم الأحزاب السياسية هي أحزاب علمانية، حيث يمنع قانون الأحزاب السياسية تأسيس الأحزاب على أسس دينية أو لغوية أو عرقية أو جهوية، وهذا ما يجعل القانون المغربي متقدما على قانون الاحزاب الأردني.

في الصالونات والجلسات السياسية، نسمع دائما وخاصة من المتطرفين الجدد، مقولة سياسية “يا حبذا لو نصل في الإصلاحات السياسية الى مستوى ما حصل في المغرب”.

التغييرات الهادئة التي حدثت في المغرب، وقادها العاهل المغربي الملك محمد السادس، تؤشر على تطورات مهمة في بنية التركيبة السياسية للمغرب الجديد، الذي ينتقل بسلاسة الى حكم يمكن ان يقال عنه إنه أقل من برلماني ملكي مثلما تطمح قوى المعارضة المغربية كلها.

ميزة الدستور  المغربي الجديد (وللعلم شارك في صياغته خبراء دستوريون أردنيون) تتمثل في إعادة الاعتبار للأحزاب السياسية ودورها. وكما توّج دستور عام 1996، الذي أفسح المجال أمام بناء الثقة بين القصر والمعارضة، بتشكيل ما يعرف بـ ‘حكومة التناوب’، التي حملت أحزاب المعارضة إلى الحكومة، فإن الميزة المفترضة لدستور 2011 هي إلغاء الضغوط والإكراهات التي كانت تسهم في صناعة ‘خريطة التحالفات’ على غير ما ينبثق من صناديق الاقتراع .

بالمقاربة مع الحالة الحزبية في الأردن، نجد أن الحديث يتركز فقط على العدد الكبير للأحزاب الأردنية، حيث وصلت الى 48 حزبا، وهناك نحو 30 حزبا تحت التأسيس.

في الأردن تستمع الى خطاب إيجابي بأن تطوير الحياة السياسية لا يمكن ان يتم من دون وجود أحزاب قوية، وهذا الخطاب لا يقدم ولا يؤخر إذا بقي بنوايا من دون تشريع يعزز الحياة الحزبية ويكرسها، مع قناعتي الشخصية أن عقل الدولة لا يؤمن بالحياة الحزبية، ولا يؤمن بالعمل المنظم، ولا بالتيارات، ولا التعددية.

الحياة السياسية تكون في أجواء إيجابية حين تتحرك الأحزاب وتتقدم المشهد، وتمنح البرلمان ملحوظات عميقة ومسؤولة في قوانين الإصلاح، ولا يمكن لعملية الإصلاح السياسي الانتقال نحو الأفضل من دون حياة حزبية، وتعددية فكرية، وعدم التفكير بإقصاء الآخرين، فالحياة الحزبية هي الحاضن الطبيعي لتطور المجتمع، وهي الوعاء الذي يتخرج  فيه السياسيون الذين يتبوؤون المناصب والمواقع القيادية، وهي المرجعية لهؤلاء، والجهة التي تحاسب أعضاءها على ما يقدمون، إيجابًا أو سلبًا.

لا أحد لديه أدنى علاقة بالإصلاح السياسي، ومؤمن، إيمانًا عميقًا، بالديمقراطية والتعددية واحترام الرأي الآخر، يضع الأحزاب السياسية خصمًا له، ويبدأ بتوجيه النقد، الموضوعي وغير الموضوعي للحياة الحزبية.

منذ سنوات، والمعادون للحياة الحزبية كلهم، يكررون اسوأ تعليق أدلى به مدير مخابرات سابق، ووزير داخلية سابق جرت في عهده أسوأ انتخابات نيابية، عندما قال باللهجة المحلية: “إن أحزابنا لا تملأ “بكم ديانا” والسائق من عندنا”، حيث أصبحت هذه العبارة دارجة على لسان كل من يريد أن يوجه سهامه إلى الأحزاب.

في نقد الأحزاب الأردنية، هناك الكثير من الملحوظات، ولا أعتقد أن القيادات الحزبية ذاتها تنكر هذه الملحوظات، بل تعترف بها وبأكثر منها، لكن لم لا ندع الحزبيين يقوّمون الحياة الحزبية، ولم لا نبذل جهدًا في الإسهام في إقرار قانون أحزاب عصري تقدمي، ولم نستكثر على الأحزاب الحصول على دعم مالي رسمي من الدولة للنهوض بعملها؟.

نعم؛ يوجد أحزاب ليس لديها برامج حقيقية، لا سياسية ولا اقتصادية ولا اجتماعية، لكن هناك أحزاب تمتلك برامج متكاملة، وهي أحزاب فكرية لا عقائدية، ولها في عمق النسيج الأردني عشرات السنين، بعضها بدأ في الخمسينيات، وبعضها الآخر تطور مع حركة القوميين العرب، ولها إسهامات لا يمكن لشخص موضوعي أن ينكرها، في تطوير الحياة الطلابية في الجامعات، وفي العمل النقابي والمهني.

للحديث عن المغرب بقية….

الدايم الله……

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نحن والمغرب المقاربة في الحياة السياسية والحزبية نحن والمغرب المقاربة في الحياة السياسية والحزبية



GMT 15:52 2021 الثلاثاء ,16 آذار/ مارس

بايدن في البيت الأبيض

GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 05:41 2015 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

صور لبومة تشبه مارلين مونرو عندما تفرّق ريشها بسبب العواصف

GMT 12:31 2015 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

7 مناورات مشتركة للقوات البرية الروسية في 2016

GMT 12:14 2016 الثلاثاء ,27 أيلول / سبتمبر

بدء أعمال المنتدى الدولي للطاقة في الجزائر

GMT 02:16 2017 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

فرحة عارمة تعم شوارع المغرب بعد فوز فريق الوداد البيضاوي

GMT 17:52 2016 الجمعة ,15 إبريل / نيسان

المجوهرات دليل على حب الرجل للمرأة

GMT 19:26 2017 السبت ,16 أيلول / سبتمبر

"إلعب إلعب" أغنية سناء محمد الجديدة على يوتيوب

GMT 12:50 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

وزارة التربية الوطنية المغربية تعلن عن 500 وظيفة جديدة

GMT 12:19 2018 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

هدم منزل عائلة الرئيس الجزائري بوتفليقة في مدينة وجدة

GMT 02:52 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

تجهيزات الفنادق لاستقبال موسم العطلات وعيد الميلاد المجيد

GMT 05:23 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

تخلي عن فرك المعصمين للحصول على عطر يدوم طويلًا
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca