كلام في الوقت بدل الضائع للسيد وزير العدل . ....لله وللتاريخ

الدار البيضاء اليوم  -

كلام في الوقت بدل الضائع للسيد وزير العدل  لله وللتاريخ

عبداللطيف الشنتوف

قبل أربعة  أعوام من الآن، التقى المكتب التنفيذي لنادي قضاة المغرب في نسخته الأولى السيد وزير العدل الأستاذ مصطفى الرميد بعد ثلاثة أيام من تنصيبه وزيرا للعدل في ظل حالة من الارتياح بسبب هذا التعيين بعد الأخبار التي تسربت عن الاعتراض عليه كوزير للعدل وفي ظل مستوى مرتفع جدا من الطموحات والآمال التي كنا نعول على الرجل إن لم يكن في تحقيقها فعلى الأقل فتح الطريق لتحقيقها في المستقبل، وصراحة قام أعضاء  المكتب التنفيذي إذ داك برئاسة الأستاذ ياسين مخلي بالحديث بشكل صريح وواضح إلى درجة جعلت المحيطين بالسيد الوزير مشدوهين لأنهم لم يألفوا مخاطبة وزير بهذا الوضوح، وأذكر أنه مما قاله الأستاذ ياسين للسيد الوزير –مع اعتذاري عن إفشاء سر المجالس –أن هذه التحديات الكبيرة تحتم عليكم وكان الله في عونكم الاشتغال بطرق مختلفة، وبأشخاص مختلفين في إشارة إلى الطاقم المكون للديوان وباقي مناصب الواجهة في الوزارة، وهو طبعا ليس انتقاصا من قيمة أحد وإنما القصد كان هو التنبه إلى ضرورة التناغم مع سقف التطلعات ووسائل العمل حتى يكون السير بسرعة واحدة.

وكان فرحنا أكبر من هذا عندما أبدى السيد الوزير انفتاحه على هذه الرغبة الجامحة لدينا في تغيير الواقع وطلب منا مساعدته بالنصح والأفكار، ورأينا أن من حقنا أن نفرح أليس السيد الوزير نفسه من دبج بيانا تضامنيا مع النادي غداة تأسيسه في الهواء الطلق؟ على كل حال افترقنا وفي جعبتنا آمال عريضة، والتي وإن لم يتمكن السيد الوزير من تحقيقها كاملة بفعل الإكراه التي لا تخطئها العين فإننا على الأقل جمعويا، وفي ظل وزير من هذه الطينة النادرة سوف نؤسس لعمل جمعوي يقتلع جذور ثقافة الخوف من الجسم القضائي وهي مع الوقت كافية لأن تجعل القاضي يدافع عن استقلاله ونفسه في مواجهة الظلام الدامس للواقع القضائي الذي تم تكريسه منذ عقود.

لكن، وبعد أقل من شهر على هذا اللقاء لم تجر الرياح وفق ما تأمله سفن الطموحات والآمال العريضة، فكانت واقعة تاونات التي تم تضخيمها بشكل كبير وأعطيت لها حجما أكبر منها إلى درجة أن تحدثوا عن وقفة بالشارع العام ولافتات ومكبرات صوت ووجود شرطة ...، بينما واقع الأمر كان بسيط جدا لم ينتبه إليه حتى الموظفين بذات المحكمة بحيث إن الأمر يتعلق فقط بتجمع لقضاة داخل المحكمة الابتدائية بالقرب من مكاتبتهم للتعبير عن سخطهم بسبب كلام ناب قيل في حق زميل لهم لا أقل ولا أكثر (...) وبعد دعوة رئيس النادي إلى الوزارة من أجل لقاء السيد الوزير وذهابي معه بصفتي كاتبا عاما للنادي، وبمجرد دخولي مكتب السيد الوزير عرفت أن الأمور تسير ضدنا بل وضد رغبة السيد الوزير في الانفتاح على رغباتنا فتذكرت كلمة الأستاذ ياسين في أول لقاء بالسيد الوزير عندما نبه من محيط الاشتغال، بحيث وجدنا داخل مكتب الوزير جميع المسؤولين بالوزارة يحيطون بالسيد الوزير التي أتى لتوه من جنيف مباشرة إلى مكتبه ووجه مكفهر إلى درجة كبيرة وهم يردون كلمة وحيدة بدون نقاش مفادها ومضمونها أن هؤلاء أخطئوا ويجب محاسبتهم.

ويحسب هنا للسيد الوزير كذلك أنه لم يأخذ بهذا الإجماع المنقطع النظير من طرف هؤلاء المسؤولين فيما لاحظته على الأقل لعدة أسباب (...).

وهنا لا بد من التذكير ببعض المقالات التي قامت بتوجيه بعض نصائح للسيد الوزير عن طريق الإعلام، واكتفي بالاستشهاد بمقالة الأستاذ محمد علي الهيشو الموسومة بـ: " تاريخكم سيدي الوزير لا يناسبه سيف الحجاج ".

ولكن للأسف هذا الجو وبوجود نغمة واحدة في الوزارة تقريبا بدأت الفجوة تتسع شيئا فشيئا بين ما نريد تحقيقه، وبين ما تريده وزارة العدل خاصة مع ممارسة الكثير من أعضائنا لحريتهم في التعبير، وكذلك مواقفنا المعبر عنها في تصريحات أو بيانات للمكتب التنفيذي أو المجلس الوطني أو المكاتب الجهوية ومع مجيئ الحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة وأقصاء النادي من لجنته العليا التي عينها الملك ازدادت الهوة أكثر فأكثر، وقاطع الوزير ندوة النادي التي نظمها في غضون سنة 2012 دون إعلام سابق وبقي مقعده فارغا وسط ذهول الضيوف خاصة وأنه حضر قبل أسبوع من ذاك الموعد ندوة لجمعية مهنية أخرى، فما كان منا إلا مقاطعته بدورنا في عدة اجتماعات بقرارات للمجلس الوطني والاكتفاء بتقديم مذكرات كتابية (...) وحتى بعض الحوارات القطاعية التي جرت هي حوارات رغم أهميتها، لم تكن في يوم من الأيام الهدف الأسمى للنادي .

على كل حال فالوقائع طويلة جدا، وربما تكون لنا فرصة لكتابتها بعد التفرغ لها إن جادت بذلك الاستطاعة والمنة، فإننا  الآن وبعد كل هذا المسار الصراع الطويل الممتد لأربع سنوات بين طرفين يفترض أنهما يحملان نفس الفكرة، ما الذي يمكن فعله؟ وهل الوقت ما زال لفعل أي شيئ؟

لا إجابة لدي، لكنني أذكر السيد الوزير المحترم باستحضار بعض النقاط علها تكون مفيدة للتأمل والتفكير ولكم واسع النظر والتقدير :

النقطة الأولى : استحضار تاريخكم الذي بنيتموه في سنين إن لم يكن في عقود والذي كان ملهما لنا في جانبه النضالي ونحن طلبة بالجامعات.

النقطة الثانية : استحضار أن مرحلة الوجود بالسلطة هي مرحلة استثنائية في عمر الإنسان وليست دائمة.

النقطة الثالثة : استحضار أن الإصلاح لا يكون بآليات فكرية وبشرية سبق وأن جربت (بضم الجيم)، بل وربما قد تكون مسؤولة أدبيا عن الوضع الذي يعشيه القضاء المغربي. 

النقطة الرابعة : استحضار أن الحراك الذي يقوم به النادي المكون في جزء كبير منه من الشباب وهم شئنا أم أبينا عمود أي إصلاح، لعدة اعتبارات منها سهولة استيعابهم لبرامج الإصلاح الحقيقية وامتلاك الشجاعة والنزاهة المترفعة في صفوفهم، وهي أهم محاور الإصلاح على الإطلاق –لا نتهم غيرهم –والتكوين وإمكانية تطويره.

النقطة الخامسة : استحضار نزعة الشباب في الوصول إلى الهدف بسرعة، وبالتالي ينبغي وضع سلوكهم في هذا الإطار ولربما كنتم في مرحلة شبابكم أكبر من هذا واعتبار أن أي (تجاوز) –وفق نظرتكم للأمور- لا ينبغي معالجتها بالسيف، وأقصد الآليات التقليدية كالمجالس التأديبية وغيرها وإنما بطرق أخرى تجعل الكل مقتنعا بها من قبيل فتح نقاش حول السلوك القضائي وحدود حرية التعبير، وغير ذلك حتى تكون الالتزامات نابعة من الجسم القضائي نفسه كما هو معمول به في الكثير من المهن القانونية، أما آليات التأديب وغيرها فقد تأتي بنتائج عكسية وهو ما نراه في واقع الحال.

النقطة الأخيرة : بخصوص النصوص التنظيمية، يؤسفني السيد الوزير المحترم أن أقول لكم وبكل صدق وإخلاص أن هذه القوانين وبقدر ما نصارع نحن في نادي قضاة المغرب الزمن لكي لا تخرج بهذا الشكل بقدر ما ينتظرها بشغف كبير من لا يريد خيرا لهذه العدالة من داخل الجسم وخارجه للقضاء نهائيا على استقلالية القرار القضائي، وذلك بفعل وجود عدة آليات للتحكم الواقعي اليومي بالمحاكم من شأنها أن تحي هذا التحكم في  شخص القاضي بعد أن استطعنا بعد تأسيس جمعيتنا إقامة توازن بين سلطة المؤسسات، ووضعية القاضي الهشة أصلا بالمحاكم، وتعرفون السيد الوزير هذا أكثر مني وسيكون أول ضحية له هو المواطن ولا أقصد هنا القضايا البسيطة فأنتم تعرفون ما أقصد، لذلك أطلب منكم السيد الوزير ربما للمرة الأخيرة أن تستحضروا مصلحة هذا الوطن وأحد العبرة من الماضي القريب والبعيد وان تصلحوا ما يمكن إصلاحه بطرق التي ترونها مناسبة بغض النظر عن مطالبنا وحراكنا، ولقد وعدتنا بحضور أعضاء المكتب التنفيذي  للنادي والسيد الكاتب العام للوزارة، ومدير الشؤون الجنائية والعفو والمتفش العام وأمين سر المجلس  يوم أن اجتمعنا بك بداية شهر غشت من هذه السنة بأنك سوف تعمل جهدك في سبيل ذلك بما يغنينا كجمعية عن الذهاب إلى أي جهة أخرى كالبرلمان وغيره وتقبلنا نصائحك وأوقفنا نشاطنا في هذا الاتجاه لمدة شهرين، لكننا أصبنا بخيبة أمل كبيرة عندما سمعنا في برنامج تلفزي وبالصدفة بداية أكتوبر 2015 بأن النصوص التنظيمية سوف يصادق عليها مجلس النواب في الأسبوع الأول دون حتى أن تكلفوا نفسكم كإدارة إخبارنا ووضعتمونا في موقف محرج مع منخرطينا الذين كنا نبرر سكوتنا بوعودكم لنا.

لكن، ومع ذلك لازلنا نأمل الخير منكم ومن المسؤولين في هذا البلد العزيز فيما تبقى من الوقت ولأجهزتنا -وفق تقديري -كامل الاستعداد لطي كل خلاف والاستعداد لخدمة المصلحة العامة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كلام في الوقت بدل الضائع للسيد وزير العدل  لله وللتاريخ كلام في الوقت بدل الضائع للسيد وزير العدل  لله وللتاريخ



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:21 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

متى وأين المصالحة التالية؟

GMT 18:16 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

درس للمرشحين الأميركيين

GMT 18:08 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

التيه السياسي وتسييس النفط

GMT 08:13 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العقرب الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 17:59 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء محبطة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 02:12 2018 السبت ,07 تموز / يوليو

قطار ينهي حياة شيخ ثمانيني في سيدي العايدي

GMT 10:19 2018 الثلاثاء ,17 إبريل / نيسان

"خلطات فيتامين سي" لشعر جذاب بلا مشاكل

GMT 13:54 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

نصائح مهمة لتجنب الأخطاء عند غسل الشعر

GMT 13:08 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

اختتام فعاليات "ملتقى الشبحة الشبابي الأول " في أملج
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca