زمن “الهاربات”

الدار البيضاء اليوم  -

زمن “الهاربات”

المختار الغزيوي

اغتاظ منا من ألفوا الغيظ ولا نأمل لهم منه شفاء، لأننا في موقع الجريدة على الأنترنيت كتبنا خبرا عن فرار ثلاثة من أعضاء جمعية تسمى جمعية صحافة التحقيق (تحقيق المآرب ربما) إلى الخارج طمعا في الحصول على اللجوء السياسي.
وقال الغاضبون منا والملدوغون وكل من يحس بضيق لأسباب لا نتمنى زوالها على كل حال إن الجريدة كتبت بأن الثلاثة فروا وهذا أمر غير معقول، علما أن الخبر الحقيقي يقول إن الثلاثة فروا فعلا وأنهم استغلوا مرورهم من دولة أوربية لكي يبقوا فيها مما يسميه المغاربة بدارجتهم إلى حدود اليوم “الحريك”
وحقيقة لا نعرف ما المصطلح الذي كانت السنافير الغاضبة والمناضلة تتمنى منا أن نستعمله في نازلة مثل هاته، علما أننا لا نرى لها وصفا إلا الفرار،
والفارون والفارات في دارجتنا المغربية العظيمة يسمون الهاربون والهاربات. ولفظة الهاربات هاته يطلقها المغاربة على من ضاق بها القيد الاجتماعي، فقررت الالتحاق بالمحبوب أو العشيق أو بجماعة من المحبوبين والعشاق أو بجماعة من الرفيقات من أجل الاشتغال في أقدم مهنة في التاريخ
وأقدم مهنة في التاريخ وإنجاز فيلم عنها كانا سببا في بزوغ ظاهرة تشبه تماما ظاهرة رفاقنا في جمعية صحافة التحقيق تسمى لبنى أبيضار، لا يكاد يمر يوم واحد إلا ونراها في تلفزيون فرنسي ما، بل وامتد بها الخيال وشطح بها الطموح حتى وصلت أعمدة العريقة “نيويرك تايمز” ووجدناها تقول إنها تريد نهضة المرأة المغربية وتريد من نساء الوطن أن يستفقن..” إلى آخر ما يشبه هذا الكلام، مما لايمكن لك إلا أن تصفق عليه وعلى العقلية الإخراجية التي أنتجته والتي توسطت للبنى لكي تمر في كل هذا الكم  الكبير من القنوات الأجنبية وفي كل هاته الصحف ذات السمعة الكبرى على كل حال
وعندما تسأل نفسك “كيف تم الأمر؟” تجد نفسك ملزما بالفعل بمساءلة اليد التي وقعت قرار منع فيلم لم تره هو فيلم “الزين اللي فيك”، رغم التحذيرات التي أطلقناها منذ البدء والتي كنا نقول فيها إن فيلما لن يشاهده إلا بعض الأنفار سيصبح إذا ما تم منعه، شهيد حرية التعبير والفن وسيشاهده الملايين وكذلك كان.
ولبنى التي استغلت غباء الفاعل السياسي أصبحت الآن أشهر من نار على علم، حد تفكير أصدقائنا في الصحافة الغربية وهم أناس “إيكزوتيكيون” يروننا دائما من منظور غرائبي للغاية أو أناس منفعيون يروننا من منطق أظرفتهم والمال (لايجب أن نسى أبدا إيريك لوران وكاترين غراسيي) يفكرون في ترميز لبنى وجعلها رمزا للمرأة العربية المسلمة الأمازيغية التي تكافح ضد كل أشكال القهر والتمييز في بلدها
لبنى كانت هنا تدافع عن نفسها في وجه قهر واحد هو القهر المادي، واستطاعت الآن أن تعثر لها على منفذ تعيش به ومن خلاله مما يسميه المغاربة بعبارة واحدة “صوفات راسها”. وشبابنا من مناضلي الربع ساعة الأخيرة في صحافة التحقيق وفي غيرها من أوجه تحقيق المآرب هم الآخرون وجدوا طريقة تعفيهم شر البحث عن عمل حقيقي في أرض الوطن، وقرروا أن هذا النضال يتيح لهم فرصة العيش في الخارج وتلقي مساعدة شهرية دونما حاجة للاستيقاظ باكرا وفي الليل طبعا سيجلسون في مقاهيهم والبارات وسيكتبون الستاتوهات الغاضبة والمناضلة التي تتمنى الحرية للوطن الذي فروا منه
قديما، وعندما كان النضال نضالا، وكانت سنوات الرصاص سنوات رصاص فعلا كان القادة الكبار حقا يرفضون مغادرة البلد وإن ذهبوا إلى السجن، بل كانوا في فرنسا واختاروا عمدا العودة إلى الوطن، وقالوا إن “النضال من أجل المغرب يكون في المغرب أولا يكون”
هذا فيما يخص القادة الكبار،  أما مع هاته الخشيبات من قبيلة “الهاربات” التي ابتلانا الله والزمن بها، فلاحل سوى الفرجة وترديد أغنية الدون بيغ الجميلة “حيت اللي كتبات كتبقا ديما كتبات واخا تتزوجها وتجيب ليها جوج حاجات”
إنه زمن الهاربات للأسف الشديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زمن “الهاربات” زمن “الهاربات”



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:21 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

متى وأين المصالحة التالية؟

GMT 18:16 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

درس للمرشحين الأميركيين

GMT 18:08 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

التيه السياسي وتسييس النفط

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 12:41 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تبدو مرهف الحس فتتأثر بمشاعر المحيطين بك

GMT 09:52 2018 الإثنين ,13 آب / أغسطس

أمطار صيفية تعزل دواوير ضواحي تارودانت

GMT 07:59 2018 الأحد ,15 تموز / يوليو

"بورش" تحتفل بالذكرى الـ70 لسيارتها الأولى

GMT 16:15 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

سامح حسين يكشف عن الأفيش الأول لـ"الرجل الأخطر"

GMT 08:36 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

النفط ينخفض مع تهديد الصين برسوم جمركية على الخام
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca