مؤبد مرسي: الدروس !

الدار البيضاء اليوم  -

مؤبد مرسي الدروس

بقلم : المختار الغزيوي

عندما كان محمد مرسي يتكئ على عصا القرضاوي في ميدان التحرير ،في قلب القاهرة يوم الخطاب الشهير لزعيم علماء التنظيم العالمي للإخوان المسلمين، لم يكن يدور بخلده – ولو لوهلة واحدة – أنه سيجد نفسه بعد سنوات قليلة من لحظة المجد تلك وراء القضبان، يستمع لنص الحكم الصادر ضده السبت الماضي بالمؤبد بتهمة…التخابر مع قطر.
اعتلى مرسي عرش المحروسة في غفلة من الزمن، بعد حراك شبابي لازال علماء السياسة في المنطقة يبحثون عمن حركة بالتحديد، وعمن خطط له، وعمن رسم له المسار، وعن المراد الختامي منه، طالما أن النتيجة التي يراها الكل بأم عينيه في سوريا هي داعش، وفي العراق هي داعش، وفي مصر هي اللاأمن والهجمات الإرهابية، وفي اليمن هي الحرب، وفي تونس هي اللااستقرار، وفي ليبيا هي التقسيم، وفي بقية الأماكن التي عبرت منها “عاصفة الربيع العربي” هي كل هذا ويزيد.
بالنسبة لمرسي وللإخوان في مصر الحكاية لها بعض الخصوصية. يجب التذكير هنا أن الأمر يتعلق بموطن ميلاد جماعة الإخوان المسلمين، وبأن وصول هاته الجماعة التي أبلت بلاء حسنا في الوصول إلى الشعب المصري، مستغلة ضيق العيش والفقر وكثيرا من الأخطاء السياسية إلى أعلى منصب في مصر أي منصب الرئاسة، كان كالحلم وكالتجسيد الأمثل لحلم الجماعة التي صنعت  تنظيمات صغيرة تابعة للتنظيم الأم أو التنظيم العالمي في كل قطر من الأقطار العربية والإسلامية
ابتسم الكثيرون هنا وهناك، وقالوا بالتمكين، وأكدوا لكل من يريد سماع ذلك أن أي شيء يحدث في مصر الشقيقة الكبرى ينتقل بطريقة أوتوماتيكية إلى بقية الدول العربية التي يعتبرونها أخوات صغرى.
بهاته الطريقة يمكن فهم التجهم الذي لوحظ على وجوه وعلى خطاب حركات الإسلام السياسي في العالم العربي من أقصاه إلى أقصاه – وحتى في قلب دواوين وزارات مغربية – حين امتلك السيسي ومن معه ناصية القدرة على الفعل وأطاحوا بالتنظيم العالمي من سدة حكم مصر، قبل أن يشرع في مد أذرعه داخل أجهزة الدولة بشكل  لا يقبل التراجع فيما بعد.
اللعبة الخطيرة التي كان سيلعبها إخوانيو مصر كانت شبيهة إلى حد بعيد بما فعله الملالي في إيران بعد أن وصلوا إلى سدة حكمها بنضال شبابي يساري وقرروا فور الوصول إلى الحكم أن يطيحوا بالجميع وأن يمارسوا التقنية الوحيدة التي يؤمنون بها في الديمقراطية: المرة الواحدة والفريدة: أي المرة التي توصلهم إلى الحكم وكفى.
لذلك تحركت الأشياء في اتجاه غير الذي أرادوه، ولذلك وقع ماوقع في رابعة التي خرجت عن كل تحكم، وأعلنت الخلافة في الساحة والمناطق المحيطة بها.
الخطأ الأكبر الذي ارتكبه إخوانيو مصر هو أنهم اعتقدوا أنهم أقوى من الجميع. لم يتصوروا أنه من الممكن لمصر أن تحيا بعدهم أبدا، وأضحوا يعتقدون أنهم حماة الاستقرار الوحيدون في المكان. لذلك كشفوا عن وجههم الحقيقي مبكرا فكان العلاج بالصدمة عبارة عن تدخل عسكري لإنقاذ البلاد منهم.
في بلدان أخرى يتريث الإخوانيون في الكشف عن وجههم الحقيقي، وتلعب حركات الإسلام السياسي لعبة التقية بطريقة صبورة ومتأنية. نعم، بعض أخطائها تكشف حقيقتها بين الفينة والأخرى، لكنها تتريث.
خطأ مرسي ومن ورائه بديع المرشد ومن خلفهما معا القرضاوي وقيادة التنظيم العالمي أنهم اعتقدوا أن الضوء الأمريكي الأخضر بعد “الشرعية” وصعود مرسي رئيسا، يعني أنهم يمكن أن يفعلوا أي شيء لذلك تسرعوا، ولذلك أدوا ثمن تسرعهم سريعا
ترى لو لم يتسرع مرسي ولم يكشف عن وجهه الحقيقي هو والتنظيم بسرعة كيف سيكون المشهد اليوم؟
هذا السؤال ليس مهما. أهم منه سؤال آخر: ترى، هل استفاد إخوان مرسي في بقية الأقطار – وضمنها القطر المغربي – من درس مؤبده ودرس رابعة وبقية الدروس؟
غير مؤكد. قطعا غير مؤكد..سنواصل لاحقا، فالكلام في هذا الموضوع حقا ذو شجون..

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مؤبد مرسي الدروس مؤبد مرسي الدروس



GMT 04:18 2017 الجمعة ,04 آب / أغسطس

الملك والشعب…والآخرون !

GMT 04:27 2017 الجمعة ,28 تموز / يوليو

أطلقوا سراح العقل واعتقلوا كل الأغبياء !

GMT 06:11 2017 الخميس ,01 حزيران / يونيو

ولكنه ضحك كالبكا…

GMT 05:21 2017 الإثنين ,01 أيار / مايو

سبحان الذي جعلك وزيرا ياهذا!

GMT 11:50 2021 الثلاثاء ,26 تشرين الأول / أكتوبر

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 11:56 2021 الثلاثاء ,26 تشرين الأول / أكتوبر

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 13:15 2020 السبت ,16 أيار / مايو

بريشة : هارون

GMT 22:06 2018 الثلاثاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

كيفية التعامل مع الضرب والعض عند الطفل؟

GMT 00:54 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

"المغرب اليوم"يكشف تفاصيل أزمة محمد رشاد ومي حلمي كاملة

GMT 20:23 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مسرحية "ولاد البلد" تعرض في جامعة بني سويف

GMT 22:59 2017 الخميس ,12 تشرين الأول / أكتوبر

إتيكيت تزيين الطاولة للمزيد لتلبية رغبات ضيوفك

GMT 16:49 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

العراق يستلم من إيطاليا تمثال "الثور المجنح" بعد ترميمه رسميًا

GMT 08:07 2017 الأربعاء ,16 آب / أغسطس

شبكات التواصل بين السلبي والإيجابي

GMT 02:07 2017 الأربعاء ,10 أيار / مايو

كواليس عودة " عالم سمسم" على الشاشة في رمضان
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca