املأ الفراغ بما تشاء…!

الدار البيضاء اليوم  -

املأ الفراغ بما تشاء…

بقلم : المختار الغزيوي

بعد أن تنتهي هاته الأزمة الحكومية، وهي ستنتهي إن آجلا أم عاجلا – بعودة ابن كيران إلى جادة صوابه، واقتناعه بأن الأصوات التي حصل عليها في الاقتراع البرلماني لاتسمح له بتشكيل الحكومة التي يتمناها، بل تفرض عليه حكومة ائتلافية وكفى –  سنكون مضطرين للانكباب على موضوع غاية في الأهمية: البحث على محللين ومعلقين سياسيين في هذا البلد قادرين على شرح السياسة للناس.
عندما تلتقي المواطن البسيط اليوم في الشارع وتسأله عن رأيه فيما يقع، تجده موزعا بين ضفتين من اثنتين: إما ضفة صحافة ابن كيران ومن معه، يردد الكلام الذي سمعه أو شاهده أو قرأه لديهم من أن الرجل «مسكين باغي يخدم، ولكن العرقلة والبلوكاج والتحكم ماخلاوهش، ولذلك لابد من مقاطعة محطات إفريقيا للوقود، والتلويح بشارة رابعة في كل مكان وانتظار الفرج»، وإما ضفة الجهل التام بمايقع والاكتفاء بعبارة «مالين البلاد راه قادين بشغالاتهم وكفى».
في الحالتين معا الأمر غير كاف، بل هو مقلق، ويطرح علينا جميعا السؤال: ما موقع كل هاته الجرائد والمواقع والتلفزيونات والإذاعات من هذا المواطن/المتلقي؟ كيف تصنعه؟ كيف تساعده على الفهم؟ كيف تشرح له بالمعلومة الذي يقع؟ كيف تصنع منه كائنا عاقلا راشدا قادرا عند اللجوء إليه في صناديق الاقتراع على الاختيار بين البرنامج الأفضل وبين المرشح الأكثر كفاءة؟
الأمر يزداد استفحالا مع الطفرة الرقمية، ومع توفر الأنترنيت للجميع، ومع تعزيز صفوف محللي السياسة التقليديين بمحللي سياسة جدد عبر مواقع التواصل الاجتماعي، يصنعون للناس ربيعهم والجو الماطر، ويقدمون لهم – بغض النظر عن المستوى المعرفي أو العلمي أو الأكاديمي أو ماشئت من تفاهات – قراءاتهم “العميقة” لما يقع في شأننا السياسي
لا غرابة إذن أن يصبح «مول العود» و«مول الترامواي» و«مول الطربوش» و«مول مانعرف شنو» و«ريشارد عزوز» وغيرهم – مع احترام كل تجربة من هاته التجارب شخصيا إن كان فيها مايستحق الاحترام – قادة الرأي العام الوطني، وحملة لواء التحليل والتحريم السياسيين، في ظل عزوف جزء من النخبة القديمة عن النزول إلى المعترك الجديد، واكتفائها بعبارة «تخلطات بكراع مش»، و«لن ننزل لهذا المستوى من النقاش»، وفي ظل  عدم قدرة النخبة الجديدة على تقديم خطاب يصل فعلا إلى الناس، وفي ظل ضعف بنيوي خطير تعاني منه وسائل الإعلام التقليدية يجعل مكتوبها يعاني فقط من أجل البقاء حيا، ومسموعها يبحث عن أكبر قدر ممكن من المنصتين بكل الوسائل، ومرئيها حائرا لا يعرف إن كان عليه أن يمارس الدور الدعائي أم عليه أن يبحث هو الآخر عن “البوز” أم عليه أن يذهب إلى المدرسة من جديد لكي يفهم أن التلفزيون مهنة، وأنه ليس هواية، وأنه من المستحيل لفاقده يوما من الأيام أن يعطيه.
لدينا مشكل وساطة أيها السادة بين الناس والناس، وعندما تكبر هاته الثغرة وتفتح فاها، تفتح أيضا المجال شاسعا لكل الفقاعات الممكن تصور وجودها على سطح الأرض لكي تملأ فراغا مستحيل البقاء.
لذلك وعندما نذهب إلى صناديق الاقتراع ونصوت دوما وأبدا على نفس الوجوه/ الكوارث، لا تستغربوا كثيرا.
بعضنا لا يقوم بعمله، وأغلبيتنا يسرها أن يعوضها الفراغ عن دورها، وأن تواصل في الوقت ذاته ادعاءها الخطير أنها هي التي تفعل كل شيء، رغم أنها في حقيقة الحقيقة، مجرد عاطلة عن العمل تمثل دور المشتغلة على الدوام
تأملوا جيدا في المسألة، ففي القضاء على تناقضاتها يكمن حل عديد الإشكالات، والله أعلم من قبل ومن بعد بطبيعة الحال

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

املأ الفراغ بما تشاء… املأ الفراغ بما تشاء…



GMT 04:18 2017 الجمعة ,04 آب / أغسطس

الملك والشعب…والآخرون !

GMT 04:27 2017 الجمعة ,28 تموز / يوليو

أطلقوا سراح العقل واعتقلوا كل الأغبياء !

GMT 06:11 2017 الخميس ,01 حزيران / يونيو

ولكنه ضحك كالبكا…

GMT 05:21 2017 الإثنين ,01 أيار / مايو

سبحان الذي جعلك وزيرا ياهذا!

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 12:41 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تبدو مرهف الحس فتتأثر بمشاعر المحيطين بك

GMT 09:52 2018 الإثنين ,13 آب / أغسطس

أمطار صيفية تعزل دواوير ضواحي تارودانت

GMT 07:59 2018 الأحد ,15 تموز / يوليو

"بورش" تحتفل بالذكرى الـ70 لسيارتها الأولى

GMT 16:15 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

سامح حسين يكشف عن الأفيش الأول لـ"الرجل الأخطر"

GMT 08:36 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

النفط ينخفض مع تهديد الصين برسوم جمركية على الخام
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca