دستوووور… ياسيادنا !

الدار البيضاء اليوم  -

دستوووور… ياسيادنا

بقلم : المختار الغزيوي

يقولها المصريون حين تصل بهم الحالة في رقصة الزار مراحلها الأخيرة، ويحسون بأسيادنا العفاريت وقد تملكوا منهم كل الحواس والمسام، واستطاعوا الحلول في أجسادهم، فلايبقى أي معني لأي كلام منطقي، وتصبح صرخة “دستور ياسيادنا” وحدها قادرة على التعبير عن حالة الصرع التي تنتاب المحيطين بحلقات الزار في ذلك البلد الجار..

في المغرب أيضا لدينا حلقات الجذبة الخاصة بنا، بل نستطيع أن ندعي أننا البلد الذي يتوفر على أكبر قدر ممكن من طقوس الجذبة، من “تعيساويت” إلى “تكناويت” مرورا بما تعرفونه ومالاتعرفونه أيضا من فنون الحال، التي يختصرها المغاربة بعبارتهم الخاصة بهم “الحال الحال ياأهل الحال”.

في علاقة العفاريت بالدستور، سياسيا هاته المرة، لا وجود لأي تناقض أو غرابة. ففي المغرب، ومنذ أصبح عبد الإله ابن كيران بعد الحراك الشهير لسنة 2011 رئيسا للحكومة، أدخل المغاربة إلى أذهانهم وإلى العقول منهم أن هناك عفاريت خفية تتحكم في المشهد السياسي المغربي كله..

قالها ابن كيران، وهو رجل ورع وتقي ويصلي ويضع المصحف أمامه في الصور ويمسك السبحة عادة، ومن كان بهاته الصفات فهو بالنسبة للمغاربة لا يكذب، لذلك صدقها الناس وكفى..

بعد ذلك قال لهم نفس “الإبن كيران” إن العفاريت قد تم صرفها دونما حاجة للزار أو لليلة أو لذبح أي “عتروس” من أى نوع، وأنه قد تم تعويضها في أفق الانتخابات بعفريت واحد يقوم مقامها يشبه ملك الجان شمهروش، يسمى “التحكم”.

مرة أخرى لم يناقش المغاربة ابن كيران فيما قاله لهم، وقالوا إنه من العيب أن تجادل رجلا بلحية خضبها شيب كثير، وبحساسية مفرطة في المشاعر تجعله يبكي كلما صعد إلى منصة لكي يعوض برنامجه السياسي والاجتماعي بدموع كثيرة بللت الحملة الانتخابية كلها، وعوضتنا خيرا عن مطر شحيح لم نره منذ ابتدأ الشتاء وحتى يوم الإثنين الفارط فقط بعد أن قررت رحمة الله التي وسعت كل شيء للمطر أن يزورنا..

بعد الانتخابات اعتقد المغاربة أن الرجل لن يجد أي عفريت آخر يعلق عليه تعثر الأمور لديه، وتصوروا أن مبرراته انتهت وأنه سيدخل الولاية الثانية مسلحا بالعمل وبالرغبة في العمل فقط لا غير مثلما يقول النشيد الذي يحفظه صغار التلاميذ في المدارس عن ظهر قلب.

كان المغاربة واهمين مرة أخرى، واتضح أنهم لا يعرفون ابن كيران حق المعرفة، وأنهم لا يفهمونه، لذلك يصر على مساءلتهم المرة بعد الأخرى بلازمته الشهيرة “فهمتيني ولا لا؟”

وجد الرجل مشجبا جديدا يحمل من الأسماء إسم الانقلاب دفعة واحدة على الدستور، وها نحن نعد الأيام والليالي معه ومع مشاوراته وجولاته ليلا ونهارا لتشكيل هاته الحكومة التي تظهر لنا وتختفي..

اليوم هناك عدد كبير جدا من “الخائفين على الدستور”، حد الخوف منهم حقا وحد جعل المغاربة يخشون أكثر من أن تكون حكاية القراءة التحريفية للدستور هاته مجرد وسيلة لإطالة أمد التجريب في الناس، وإخفاء حقيقة مريعة هي أن ابن كيران لم يستطع أن يحيط نفسه بوزراء / مسؤولين حقيقيين يستطيعون تدبير الشأن العام بدربة وكياسة ولا يكتفون بالشعارات يعلقون عليها خيبات أملهم والإخفاقات..

لاخوف على البلد من أي فراغ تسييري، نعرف ذلك، لكن نود من باب “دستور يا سيادنا” نحن أيضا، ومن باب الخوف والهلع والرعب على هذا الدستور المسكين أن نطلب من السيد الرئيس أن يستغل هاته العطالة القسرية أو الإرادية – الله أعلم – للبحث والتنقيب أكثر عن وزراء يستحقون صفة “توزاريت” هاته، لأنه سيشكل الحكومة، طال الزمن أم قصر، ولا بأس عوض الهروب إلى الأمام من انتهاز فرصة “البلوكاج” لمزيد من التدقيق في الأسماء المقترحة، عساها تكون أكثر نفعا للمغاربة في معيشهم اليومي..

نريد وزراء حقيقيين – سيد ابن كيران – ولا نريد تسويات مصالح فقط، تذكر ذلك وأنت في معتكفك تسب الإعلام الرسمي وتحرك السبحة بين يديك وتقرأ اللطيف. نريد من ينفعنا في الأرض، لا من يمضي بنا الوقت وهو يردد في وجهنا الشعارات دون أن يقوم لنا بأي شيء..

حتى وإن كان هذا الذي سينفعنا في الأرض غير موافق لهواك. نريده، فكر في الأمر مليا، ثم أطلب من عفاريتك أن يقولوا لنا في الختام علام استقرت كل الأمور…

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دستوووور… ياسيادنا دستوووور… ياسيادنا



GMT 04:18 2017 الجمعة ,04 آب / أغسطس

الملك والشعب…والآخرون !

GMT 04:27 2017 الجمعة ,28 تموز / يوليو

أطلقوا سراح العقل واعتقلوا كل الأغبياء !

GMT 06:11 2017 الخميس ,01 حزيران / يونيو

ولكنه ضحك كالبكا…

GMT 05:21 2017 الإثنين ,01 أيار / مايو

سبحان الذي جعلك وزيرا ياهذا!

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 12:41 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تبدو مرهف الحس فتتأثر بمشاعر المحيطين بك

GMT 09:52 2018 الإثنين ,13 آب / أغسطس

أمطار صيفية تعزل دواوير ضواحي تارودانت

GMT 07:59 2018 الأحد ,15 تموز / يوليو

"بورش" تحتفل بالذكرى الـ70 لسيارتها الأولى

GMT 16:15 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

سامح حسين يكشف عن الأفيش الأول لـ"الرجل الأخطر"

GMT 08:36 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

النفط ينخفض مع تهديد الصين برسوم جمركية على الخام
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca