#محسن ـ فكري

الدار البيضاء اليوم  -

محسن ـ فكري

بقلم : المختار الغزيوي

لهذا الريف فينا طعم للفجيعة لا تخطؤه العين المرة بعد الأخرى..
تسأل سعيدة جباله “علاش تكذبي؟” فلاترد عليها. تبقى صامتة صمت حكماء الحزن الراسخين في الألم.
نتأمل مشهد عبد الكريم يوما في المعارك ضد الإسبان، ثم نراه في الصورة الأخرى في مكان ما في القاهرة، ثم لا نعود لكي نراه أبدا إلي آخر الأيام.
يبقى الريف هناك، وحيدا غير قادر إلا على إعلان تميز بطعم جد مر المرة بعد الأخرى، مقتربا منا، مبتعدا عنا،  جميلا أكثر من اللازم، بعينين خضراوين، ولكنة حديث تضغط على نفسها بكل العصبية، وبرغبة في إعلان هذا التميز انتماء لهذا الوطن باستمرار، وأملا في انتهاء المشاهد الموجعة القادمة منه
ثم يأتينا يوم الجمعة ليلا بما لم نتحمل رؤيته إطلاقا : شاب من الحسيمة، مطحونا بين فكي شاحنة لجمع الأزبال بعد أن صودر السمك الذي يبيعه، وبعد أن تذكر مليا أن قطع الأعناق مسبق على قطع الأرزاق فقرر أن ينهي كل شيء في لحظة غضب وتبرم وملل وضيق وغيظ وقنوط من كل شيء
مات محسن فكري بين كماشة شاحنة الأزبال معطيا لهذا الجمعة كل حزنه، ومحييا فينا جميعا لواعج مساءلة الوطن: “علاش كتقتل وليداتك البسطاء بهاته البساطة أيها الجارح؟”
نعم فتح تحقيق، نعم التزمت السلطات العمومية بأن تصل إلى حقيقة ماوقع وأن تعاقب المتسببين فيه، نعم كان لخروج الناس في الحسيمة غاضبين أثر سريع في ألا يذهب دم محسن فكري هباء منثورا، وإن كان في الحقيقة قد ذهب ولن يعود، لكننا يجب أن نطرح السؤال على هذا البلد مرة بعد الأخرى: لماذا تستسهل قتل الفقراء منا دون أي تفكير فيهم بهاته الفداحة الجارحة؟
أعترف بها : ليلة الجمعة حتى صبيحة السبت، وحتى لحظات كتابة هذا الكلام، لم أستطع إزالة صورة محسن من عيني
لا أعرفه، قرابتي الوحيدة معه أنني مغربي مثلما هو مغربي، وأنه كان من الممكن أن أكون مكانه، أو أن يكون أخي أو أن يكون إبن عمي أو صديقي أو أي قريب لي في نفس المكان من تلك الحاوية الحزينة، وهي تقتله بعد أن قرر الارتماء فيها، وقررت هي ألا تقف
مات محسن بين النفايات أنقى بكثير ممن يتصورون أنفسهم بروائح زكية
مات محسن لكي يقول لنا مرة أخرى وأخيرة إنه من غير المقبول أن تكون الحياة عندنا بهذا الرخص، وأنه من الضروري الوصول إلى من تسبب في الجريمة، ومعاقبته أشد العقاب عساها تكون آخر جرائم الحكرة في هذا الوطن الجميل، لكن الحزين

عساها تكون آخر جرائم الحكرة في هذا الوطن الحزين…صدقا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محسن ـ فكري محسن ـ فكري



GMT 04:18 2017 الجمعة ,04 آب / أغسطس

الملك والشعب…والآخرون !

GMT 04:27 2017 الجمعة ,28 تموز / يوليو

أطلقوا سراح العقل واعتقلوا كل الأغبياء !

GMT 06:11 2017 الخميس ,01 حزيران / يونيو

ولكنه ضحك كالبكا…

GMT 05:21 2017 الإثنين ,01 أيار / مايو

سبحان الذي جعلك وزيرا ياهذا!

GMT 11:40 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تتمتع بسرعة البديهة وبالقدرة على مناقشة أصعب المواضيع

GMT 18:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 12:24 2017 الثلاثاء ,22 آب / أغسطس

عودة الإلترات

GMT 07:22 2018 الثلاثاء ,24 تموز / يوليو

زوري أيسلندا للتمتع بمغامرة فريدة من نوعها

GMT 01:38 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

ميغان ماركل تنوي شكر صديقاتها في حفلة زفافها الثانية

GMT 06:54 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

رائد محسن يوضّح كيفية تربية الأطفال بالطرق الصحيحة

GMT 05:59 2016 الأحد ,07 شباط / فبراير

5 حيل ذكية لتهدئة بكاء الطفل سريعًا

GMT 12:20 2016 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

حسين فهمي وشيري عادل يفضلان الرسم ومحمد رمضان يعشق الرياضة

GMT 00:17 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

جامعة بريطانية تتيح درجة البكالوريوس في "البلايستيشن"
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca