لهذه الأسباب يستحق المغاربة احتضان كأس العالم

الدار البيضاء اليوم  -

لهذه الأسباب يستحق المغاربة احتضان كأس العالم

بقلم - نور الدين مفتاح

الغلاف المالي خيالي: 15 ألف مليار سنتيم! والخصم خارق: أمريكا وكندا والمكسيك، والحلم أكبر من الخيال والخوارق. إنه طموح أمة واختبار حضارة لنيل شرف تنظيم أكبر تظاهرة رياضية عالمية، وهي كأس العالم لكرة القدم. لقد جربنا الاختبار خمس مرات، وحالت بيننا وبين الحلم الرشاوى في منظمة  كروية دولية تدعى الفيفا، أصبحت حينها عصابة للمغانم قبل أن تنكشف كل أوراقها أمام العالم. واليوم نعيد الكرة بفريق جديد، وأسلوب جديد وبنفس الطموح والإصرار على الانتصار على أنفسنا ومواجهة العالم بحقيقة أننا أهل لها.

 صحيح أننا لسنا بلداً متقدما، ولكننا بلد قادر على رفع التحديات، وصحيح أننا لسنا بلداً غنيا، ولكن الغنى ليس بالموارد ولكن بالإنسان، ولهذا فإن المغربي قد يكون فقيرا ومتواضع الحال ولكنه معطاء ومضياف بالسليقة. إننا في مفترق طرق العالم، حيث تتعانق السهول والصحراء والثلوج في جو متوسطي دافئ يغري بالإقبال على الحياة، نحن بناة حضارة وورثة أنفة إمبراطورية رغم الوعكات التاريخية.

لكل هذا تجدنا في كل مرة نجمع الكثير من المتقابلات التي يقرأها من لا يعرفنا على أنها متناقضات، نجمع بين النمو واللاموارد طبيعية، ونجمع بين الخصاص وعزّة النفس، نجمع بين حب الوطن والقسوة عليه، نجمع بين الغضب الشعبي والاستقرار، نجمع بين الملكية والطموح الديموقراطي الهادر، نجمع بين الإسلام والعلمانية في تمظهرات الحياة اليومية، ننام محافظين ونستيقظ على ساعة الغرب، نحاول ردم الفوارق الاجتماعية المهولة ونسجل الريادة في استقبال المهاجرين جنوب الصحراء، نشكو تعثر الإصلاحات في البلاد ونحقق فتوحات في القارة السمراء، نعتبر بلداً صغيرا في الميزان السكاني والجغرافي ولكننا بلد وازن بنفوذه، وهذا ما يجعل نوعا من الافتخار الدفين يزداد مع كل مغربي ومغربية ليكون لحمة الجماعة بتنوعها الذي عبّر عنه الدستور الجديد أجمل تعبير، أي العربية الأمازيغية المتوسطية الإفريقية العبرية ويمكن أن نضيف إليها عنصرا مؤسسا لليومي لا يمكن أن يدستر، وهو الثقافة الفرنسية، وهذه الجماعة تستطيع في كل مرة أن تتجاوز ضعف الإمكانيات بقوة الإمكانات، وقد نظمنا تظاهرات عالمية وأصبحت مدن مغربية رمزا للضيافة الباذخة ومحجّا للمشاهير والنجوم. هذا هو المغرب الذي يستحق أن ينال شرف تنظيم تظاهرة عملاقة من مستوى كأس العالم لكرة القدم، فهنا ستكون الوجبة بتوابل نادرة هي مزيج من التاريخ والمستقبل على مائدة الحاضر، هنا سيكون السفر إلى العجائبي بدل النمطي والمنمق والمألوف. 

نقاط ضعفنا معروفة ولا يمكن أن نحجبها لأن السماء مفتوحة، ولكن في المغرب كانت نقاط الضعف عند الامتحان هي بالضبط نقاط القوة. نعم، يمكن أن نقسو على أنفسنا، ولكننا من النادل إلى سائق الطاكسي إلى المنظفة في الفندق إلى مضيفة الطائرة إلى المهندس إلى التاجر إلى رجل الأمن إلى رئيسة الجماعة إلى الوزيرة إلى الفنان إلى رجل الأعمال... نلتحم في الشدائد والرهانات، ولهذا كنا نستحق أن ننظم كأس العالم في 2010، ونستحق اليوم شرف تنظيمه في 2026.

إن لنا اليوم فريقين وطنيين يلعبان مبارتين حاسمتين: فريق كروي تحت إمرة هرفي رونار يحمل العلم الوطني إلى روسيا ومعه الأمل المتدرج، وأول الدرج هو الانتقال إلى الدور الثاني من المنافسات، وهناك فريق يقوده مولاي حفيظ العلمي، يلعب مباراة أقوى وأوعر، وهي المباراة ضد قارة تقريبا مشكلة من أقوى بلد في العالم زائد كندا والمكسيك. هذا الفريق اجتهد، وتابعناه، وحين تعثر قومناه، وبعنف أحيانا. فاليوم لم يعد الملعب يتسع للمسؤول وحفنة من النقاد الصحافيين، بل إنه ملعب مكشوف لخمسة عشر مليون مغربي في مواقع التواصل الاجتماعي، لهم منصات التعبير العابرة للحواجز التقليدية. لقد كان شعار ملفِّنا رمزيا أضعف من طموحنا، وكان الفيلم الترويجي لترشيحنا أقل بكثير من حقيقتنا تاريخا وحاضرا ومنجزات وتطلعات. صحيح أن هذه نقاط شكلية في ترشيحنا، ولكن الشكل كما يقول الفقهاء جزء من الجوهر، فنحن لنا الحق في أن يعكس الفريق الذي يقود حلمنا صورة المغربي بكل إمكاناته وموروثه وخيلائه وقدرته على تحقيق المعجزات، هذا ليس رجاء، ولكنه واجب ومسؤولية جسيمة لنقل المغرب والمغاربة إلى العالم على حقيقتهم بعيدا عن الكليشيهات أو الاستيهامات أو "الستيريوتايب". إننا نقدم اليوم وعودا بميزانيات وإنشاءات ستجعل المغرب ورشا كبيرا إذا انتصرنا في اختبار يونيو المقبل، فعلينا أن نفي بالوعود وألا نخون المغربي الأصيل الكامن فينا. هذه مباراة لا تدرج فيها، فإما الفوز بالكأس أو الهزيمة، فما على فريقنا إلا أن يشحذ العزيمة. ألم يقل المتنبي إنه: على قدر أهل العزم تأتي العزائم؟

هل نلتفت بعد كل هذا لما صدر عن شخص يدعى تركي آل الشيخ في تحقير غير مبرر للمغرب حين غرد (أو الأصح عوى) بكلمات بئيسة تقول:"هناك من أخطأ البوصلة، إذا أردتم الدعم فعرين الأسود في الرياض هو مكان الدعم، ما تقوم به هو إضاعة للوقت، دع الدويلة تنفعك، رسالة من المحيط إلى الخليج"، وهو تلميح أرعن للموقف الملكي المغربي المتوازن من النزاع الناشب بين قطر وبعض دول المشرق، وضمنهاالسعودية، والمراد به ابتزاز سياسي في قضية بعيدة عن التدافع السياسي. وبما أن تركي هو رئيس الاتحاد العربي لكرة القدم ورئيس الهيئة العامة للرياضة بالسعودية، فإنه استقوى علينا بصوت محتمل لبلده لصالح المغرب ضد الملف الأمريكي. والذي لا يعرفه تركي هو ما سبق أن كتبناه منذ بداية هذا المقال، فأنفتنا فوق كل الكؤوس والدروس التي تأتينا ممن يريد استصغارنا، ولهذا إذا كان تنظيم كأس العالم في المغرب متوقفا على عنجهية تركي وآله وصحبه من الشيوخ، فإننا لا نريدها والسلام.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لهذه الأسباب يستحق المغاربة احتضان كأس العالم لهذه الأسباب يستحق المغاربة احتضان كأس العالم



GMT 15:52 2021 الثلاثاء ,16 آذار/ مارس

بايدن في البيت الأبيض

GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 19:53 2019 الجمعة ,03 أيار / مايو

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 08:23 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجدي الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 18:03 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

تتخلص هذا اليوم من بعض القلق

GMT 18:00 2019 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

تشعر بالانسجام مع نفسك ومع محيطك المهني

GMT 15:27 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

توقيف فتاة كانت بصحبة شاب على متن سيارة في أغادير

GMT 03:00 2017 الإثنين ,02 كانون الثاني / يناير

أنطوان واتو يجسّد قيم السعادة في لوحاته الفنيّة

GMT 18:55 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

تمرّ بيوم من الأحداث المهمة التي تضطرك إلى الصبر

GMT 20:15 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

افتتاح المهرجان الدولي لمسرح الطفل في رومانيا

GMT 12:01 2018 الثلاثاء ,13 آذار/ مارس

وجهات منازل رائعة استوحي منها ما يناسبك

GMT 09:29 2018 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

أفكار مختلفة لترتيب حقيبة سفركِ لشهر العسل

GMT 08:44 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

منظمة "ميس أميركا" ترفع الحد الأقصى لسنّ المتسابقات

GMT 09:08 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

أفضل الطرق لتنسيق تنورة الميدي مع ملابسك في الشتاء

GMT 14:11 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

جمعية خيرية تنظيم حملة للتبرع بالدم في تاوريرت

GMT 09:22 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إيقاف وسيط في تجارة الممنوعات بالقصر الكبير

GMT 04:03 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

صدور كتاب تربوي جديد للدكتور جميل حمداوي

GMT 13:41 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ليلى أحمد زاهر تهنئ هبة مجدي بخطوبتها
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca