بين كرسيين: ماذا بعد العودة؟

الدار البيضاء اليوم  -

بين كرسيين ماذا بعد العودة

بقلم : عبد الحميد الجماهري

بين كرسيين، كرسي الغياب 
وكرسي الحضور
بين كرسي الماضي، الذي لن نندم عليه 
سواء لما كان فيه 
أو لما فعلناه..
ولا نندم بسببه
وكرسي المستقبل …
الذي نتجه نحوه..
سنختار طبعا كرسي الحضور..ونحن نتابع السؤال :ماذا بعد انضمام المغرب إلى الاتحاد الإفريقي؟
1- قضية عودة بلا شروط: لابد من تفكيك الأسطورة الجديدة التي روجت لها كتائب الانفصال والدولة الجزائرية، من أن الانضمام انتصار للقضية الصحراوية! واعتراف بدولة مقامة فوق التراب الجزائري باسم شعب لا وجود له..وسيادة في الورق.
هذا التفكيك الذي يجب أن يطال حديثا ينبني على مقولة مغلوطة تفيد بأن المغرب »عاد بلا شروط»، والحقيقة أن ما يجب شرحه هو أن دول المناهضة، وضعت شروطا عريضة طويلة، في وجه المغرب:بدءا من تردد الرئيس التشادي في قمة كيغالي، مرورا بالتأويل الذي دعت إليه الرئيسة السابقة للمفوضية الإفريقية دلاميني زوما بخصوص المادة التاسعة، ووصولا إلى طلب المغرب « الاعتراف بالحدود الموروثة عن الاستعمار» ووجود «الدولة في تندوف..ثم محاولة التمطيط في رجوع المغرب عبر إحالة الملف» على القضاء الإفريقي، وتعطيل دخول ملك البلاد إلى الحرم الإفريقي. …
وفي ذلك أيضا ضربة قوية، فقد كانت المشورة القانونية المطلوبة تريد جوابا عن السؤال التالي: هل يحق لدولة «تحتل» تراب دولة عضو أن تلتحق بالاتحاد، وهو سؤال يكرس المغرب كدولة احتلال، ضمنيا، من خلال فرض السؤال والجواب عليه كيفما كان، ولم يحصل ما أرادت الجزائر ودعامتها بريتوريا..
وهي كلها شروط لم يرضخ لها المغرب، بل عاد كما أرادت الإرادة الإفريقية المساندة له . 
وفي السياق ذاته، يحاول الخطاب المعادي أن يقدم العودة .. انتصارا للانفصال!
ورغم تفاهته، فقد وجد في بعض المنابر من يروج له، وعلى الديبلوماسية، بكل روافدها، أن تعطي القضية ما تستحقه من الشرح والإعلام..
2- تحريك حدود الفصل الجيوستراتيجي : وذلك بالاستمرار في توسيع دائرة النفوذ والتعاون المغربي مع القارة، ليس فقط بالنسبة للدولة التي وضع المغرب فيها حجر الأساس لعلاقات ستستمر في الزمن والمكان، للعشرية القادمة، بل في الأوساط التي كانت قريبة من دول المناهضة، من قبيل رواندا وأوغاندا وزامبيا..بل السعي إلى اختراق دول المحور المعادي والدول السائرة في فلكها عبر عروض مماثلة لما تعهدنا به مع دول الشراكة الدائمة..
فقد حقق المغرب في الآونة الأخيرة، تحولا استراتيجيا كبيرا عندما لم يعد يقتصر على الدول الفرنكوفونية المساندة لنا ولا دول غرب إفريقيا الشريكة لنا، بل تعداها إلى شرق إفريقيا ثم الدول الانكلوساكسونية، وهو ما اعتبر بحد ذاته قطيعة مع «حدود الفصل الاستراتيجي الذي كان قائما..والذي أدى إلى ضرب الحلقة الوسطى في محور الجزائر أبوجا بريتوريا، بالتقارب مع نيجيريا..
3- الاستناد إلى شرعيات البناء المؤسساتي للدول : توطيد العلاقات بناء على القاعدة الجديدة، المسنودة بشرعيات جديدة، أهمها شرعية الاقتراع والمفاهيم الديمقراطية، والتي جعلت رئيس الجلسة يحسم لفائدة المغرب عندما قال:إذا كنتم تريدون الديمقراطية، فإن الأغلبية الساحقة مع المغرب.
وما كان لهكذا خطاب أن يكون مقنعا لولا تحولات أساسية في النخب الإفريقية، والتي لم تعد تقبل بمسوغات الجزائر أو جنوب إفريقيا..في شراء الدول والقادة!
4- الجبهة الداخلية والنموذج الديموقراطي: لقد أبان المغرب بأنه كتلة وكيان متراص، بدون أن يكون ذلك مبررا للجمود السياسي والإصلاحي، كما هو حال دول قريبة منا مازالت عاجزة عن مغامرة« الانتقال الديموقراطي..وليس صدفة أن دول المناهضة رافعت .. بدستور المملكة ضد المملكة. كيف ذلك؟
فقد قالت الدول 15 المناهضة بقيادة جنوب إفريقيا والجزائر إن المغرب قدم طلب الانضمام ليس بناء على القانون الأساسي للاتحاد، بل بناء على دستوره«!
يجدر بنا في هذا السياق أن نعود إلى فترة الانسحاب، في ثمانينيات القرن الماضي،. 
فقد كان المغرب يعيش على إيقاع توتر كبير، حول الوطن ، بعد القول بالاستفتاء، وحول الديموقراطية، بسبب الصراع الداخلي. وبالرغم من وحدة المغاربة حول قضيتهم الأولى، فإن الجبهة الداخلية كانت تؤثر في تسويق صورة المغرب وحظه من الحريات، والديمقراطية وحقوق الإنسان، ولم يعد للمغرب صوت مسموع إلا بعد أن زاد منسوب الديموقراطية في النصوص والواقع.
قد يبدو للبعض أن الحديث عن الجبهة الداخلية نوع من الحنين إلى اليوتوبيا المشفوعة بالستالينية » حول الوطن، وهو وهم ربما كان بسبب التجاوز الذي أصاب الوطنيات في مرحلة من مراحل العولمة، غير أن هذا الطلب ثابت رئيس في كل تحرك ناجح، يحفز على النقاش والمتابعة والنقد والتجاوز والإقناع، لا سيما بالنسبة لمن جعل من القضية الحقوقية حصان طروادة لدخول أراضينا!
5 - عودة الجيوستراتيجية .. والأوطان: نحن نعيش في فترة، تتميز أصلا، على المستوى الدولي بعودة الجيوستراتيجية، والدليل في ذلك ما يحدث في شرق أوروبا، وفي الشرق الأوسط، من تزايد نفوذ روسيا التي دخلت البيات الشتوي منذ انهيار جدار برلين وتفكك الاتحاد السوفياتي، كما يمكن الانتباه الى أن القوة المتصاعدة للصين ، من مظاهر عودة الجيواستراتيجية ونهاية القطب الوحيد ، كما أن هناك عودة للأوطان بسبب تفكك الكيانات الاقليمية ـ المغاربية، والعربية والاسلامية في محيطنا ( والقارية ( كما هو حال الاتحاد الاوروبي ) وتنامي الكيانات الهوياتية. وهو ما يدفع الى التضامن الداخلي وتقوية المناعة والنموذج الوطني …
من المحقق أن ما ينتظرنا أقوى بكثير مما قمنا به، لاسيما داخل أروقة الاتحاد الإفريقي الذي كبر وترعرع في غيابنا وبنى آلياته وكرس العديد من تقاليده ومسلكياته، ونحن في كرسي الغياب..وقد بينت لنا محطات عديدة، أن مؤسسة مثل الأمم المتحدة والأمانة العامة فيه، قابلة للشراء، وللتأثير وللتوجيه، فبالأحرى منظمة قارية مثل الاتحاد الافريقي حيث الدول المناهضة لا تتورع عن توظيف وتسخير كل الوسائل، بما فيها الوسائل المشروعة للاستفادة من البيروقراطية الاتحادية لإفريقيا !!!

المصدر : صحيفة الاتحاد الإشتراكي

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بين كرسيين ماذا بعد العودة بين كرسيين ماذا بعد العودة



GMT 19:53 2019 الجمعة ,03 أيار / مايو

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 08:23 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجدي الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 18:03 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

تتخلص هذا اليوم من بعض القلق

GMT 18:00 2019 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

تشعر بالانسجام مع نفسك ومع محيطك المهني

GMT 15:27 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

توقيف فتاة كانت بصحبة شاب على متن سيارة في أغادير

GMT 03:00 2017 الإثنين ,02 كانون الثاني / يناير

أنطوان واتو يجسّد قيم السعادة في لوحاته الفنيّة

GMT 18:55 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

تمرّ بيوم من الأحداث المهمة التي تضطرك إلى الصبر

GMT 20:15 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

افتتاح المهرجان الدولي لمسرح الطفل في رومانيا

GMT 12:01 2018 الثلاثاء ,13 آذار/ مارس

وجهات منازل رائعة استوحي منها ما يناسبك

GMT 09:29 2018 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

أفكار مختلفة لترتيب حقيبة سفركِ لشهر العسل

GMT 08:44 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

منظمة "ميس أميركا" ترفع الحد الأقصى لسنّ المتسابقات

GMT 09:08 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

أفضل الطرق لتنسيق تنورة الميدي مع ملابسك في الشتاء

GMT 14:11 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

جمعية خيرية تنظيم حملة للتبرع بالدم في تاوريرت

GMT 09:22 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إيقاف وسيط في تجارة الممنوعات بالقصر الكبير

GMT 04:03 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

صدور كتاب تربوي جديد للدكتور جميل حمداوي

GMT 13:41 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ليلى أحمد زاهر تهنئ هبة مجدي بخطوبتها
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca