إفريقيا في التنشئة السياسية الجديدة للمغرب!

الدار البيضاء اليوم  -

إفريقيا في التنشئة السياسية الجديدة للمغرب

بقلم : عبد الحميد الجماهري

ذكرتنا الزميلة الفرنسية «ليبراسيون» أن الملك قام بـ40 جولة في إفريقيا في الفترة ما بين 2001 و2016، لتعطي بذلك لإفريقيا كل حجمها في الحياة السياسية..الداخلية.
* إفريقيا أولا هي استثمار في الزمن الديبلوماسي والسياسي بشكل غير مسبوق، إذ لم يسبق لملك مغربي، أو حتى رئيس دولة آخر فوق الرقعة السمراء، أن تحرك بهذا القدر في القارة بمعدل يفوق زيارتين في السنة، قد يكون المغرب، في سنواته الافريقية كان قبلة للزيارات الإفريقية، وقد يكون زاره رؤساء بهذا القدر أو ذاك، لكن التكثيف الشديد للتحرك الإفريقي، أو المجرة الإفريقية للملك محمد السادس، تفوق في كثافتها ما سبق أن كان..
** إفريقيا… ثانيا تعني الاتحاد الإفريقي، كهدف ديبلوماسي تمليه القضية الوطنية… وكذلك كمجال حيوي لسياسة القرب القارية.، منذ أن وجه الملك رسالة الانضمام إلى الاتحاد الإفريقي ..
وقد يكون التحليل الذي تقدمت به خديجة محسن فنان، كخبيرة سياسية بالسوربون له معنى ، باستحضار التاريخ. وقد قالت بأن المغرب، سبق له أن جرب الحل الإفريقي من خلال حرب الرمال، والتي تم حل تبعاتها في مالي، بتدخل من منظمة الوحدة الافريقية آنذاك..
بل ذهبت في الاستنتاج إلى حد القول إن «الرباط طالما اعتقدت بأن رهانها على فرنسا وأمريكا يكفي، لكن ذلك كان خطأ استراتيجيا».
وتسعفنا حوليات التوتر مع أمريكا ومع فرنسا في دعم مثل هذا الاستنتاج في الواقع، لأن العلاقة ما بين المغرب وأمريكا عرفت لحظات توتر شديدة، لعلها مرت بأقسى لحظاتها إبان تقديم ملتمس أمريكي بتوسيع صلاحيات المينورسو ، ثم التقارير التي كانت الخارجية الأمريكية تدافع عنها ضد المغرب.…
فجمهورية الوهم لا وجود لها لا في الأمم المتحدة
ولا في الاتحاد الأوروبي. 
ولا من طرف أي دولة من دول مجلس الأمن، 
وهي لا توجد ، باعتراف سياسي ديبلوماسي سوى في الاتحاد الإفريقي، لهذا لا بد من فهم ما تمثله القارة، وتعبيرها الأممي أي الاتحاد بالنسبة للمغرب..
والديبلوماسية التي دشنها الملك بأفق جديد لم تستبعد حتى الدول التي كانت تساند الجمهورية الوهمية، وتحتضن تمثيليتها..
لقد كان نبيها الإشارة إلى أن زيارة الملك، بعيدا عن مجال النفوذ التقليدي للمغرب أي إفريقيا الغربية، هي خطوة للقطع مع «خطوط الفصل الجيوستراتيجي الدفينة للاتحاد الإفريقي»، بحيث أن الدول الانجلوفونية كلها تقريبا مساندة لدولة الوهم في تندوف..
وفي هذا الملف بالذات ، علينا أن ندرك، كما يدعونا إلى ذلك سيليان ماصي في ليبراسيون الفرنسية، أن عودة المغرب ستحيي الملف داخل أروقة الاتحاد الإفريقي، وهو ما سيزيد من حرارة التقاطب، وإعادة النظر في صفوف المتنافسين..
ولربما أن منحنى التطور الحاصل في إفريقيا يؤكد أن التاريخ المناهض للاستعمار كما استغلته الجزائر، والمناهض للأبرتايد كما استغلته جنوب إفريقيا، لم يعد له الحضور الذي كان، لاسيما بالنسبة لنخبة مسيرة جديدة في العديد من العواصم..
** إفريقيا ثالثا، هي الاقتصاد النامي والأسواق المفتوحة ، بعد الأزمات التي أصابت الشريك الأوروبي.. إلى جانبه هناك الدين والبيئة.. وهو ما جعل المغرب يجعل من إفريقيا التزاما من ضمن التزاماته إزاء العالم( ضد الإرهاب أولا ثم ضد اختلالات المناخ).
والعالم اليوم يعيش ما بعد صدمة هبوط الضغط البترولي، وتراجع أسعار النفط ، وهو ما أصبح المغرب يملأ فراغه بعروض اقتصادية جديدة تقلل كثيرا من نفوذ دول البترودولار الإفريقية..
والتاريخ هنا يحضر بشرط إيجابي، عندما يعيد إلى البلاد بعضا من نفوذها القديم اقتصاديا ودينيا .. ولا يمكن أن يعطى له دور آخر غير دور التذكير بحقائق الجغرافيا والتعاون….
فالأنبوب الجديد، ليس فقط خط فصل استراتيجي سيغير من موازين القوى ، داخل الاتحاد الإفريقي كمؤسسة فوق الأرض، بل هو أيضا تحديد لنوع العلاقات مع الجوار الجنوبي ، وخاصة موريتانيا في هذا الوقت بالذات..
ولهذا نفهم لماذا لم تعد إفريقيا بنفس النكهة في السياسة المغربية. ولا يمكن، بغض النظر عن المسوغات، أن نفكر بغير ما يجعل إفريقيا جزءا من التربية السياسية والتنشئة السياسية الجديدة..
خطاب داكار لم يكن، بهذا المعنى إشارة رمزية ولا احتفاء معزولا، بقدر ما كان إعلانا عن الاتساع الجديد للمغرب في إفريقيا ودرجة تحول إفريقيا إلى جزء من السياسة الوطنية الداخلية..

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إفريقيا في التنشئة السياسية الجديدة للمغرب إفريقيا في التنشئة السياسية الجديدة للمغرب



GMT 08:13 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العقرب الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 17:59 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء محبطة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 02:12 2018 السبت ,07 تموز / يوليو

قطار ينهي حياة شيخ ثمانيني في سيدي العايدي

GMT 10:19 2018 الثلاثاء ,17 إبريل / نيسان

"خلطات فيتامين سي" لشعر جذاب بلا مشاكل

GMT 13:54 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

نصائح مهمة لتجنب الأخطاء عند غسل الشعر

GMT 13:08 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

اختتام فعاليات "ملتقى الشبحة الشبابي الأول " في أملج
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca