…تعتبر عادية في المجتمعات الديمقراطية

الدار البيضاء اليوم  -

…تعتبر عادية في المجتمعات الديمقراطية

بقلم : حسن طارق

في بلاغ الديوان الملكي الأخير، ثمة تفصيل يستحق الانتباه، يتعلق الأمر بما يمكن استنتاجه بعد قراءة هذا النص القصير، من أن الصفة الوزارية للسيد نبيل بنعبدالله، قد تكون سببا إضافيا للموقف الذي ثم الإعلان عنه على أعلى مستويات الدولة، تفاعلا مع جزء من حواره مع أسبوعية “الأيام” .
ذلك أن البلاغ، يؤكد على الحرص على رفع أي لبس تجاه التصريحات الصادرة عن نبيل بنعبدالله، “لما تحمله من أهمية ومن خطورة، لاسيما أنها صادرة عن عضو في الحكومة.”
فضلا عن هذه الإشارة الدالة إلى المسؤولية الوزارية، كان البلاغ قد قدم نبيل بنعبدالله، أولا بصفته الحكومية كوزير للسكنى وسياسة المدينة، قبل أن يورد صفته الحزبية كأمين عام لحزب التقدم والاشتراكية.
غير بعيد عن هذه الملاحظة، لا يحتاج المرء إلى كثير من الذكاء لكي يخلص إلى أن جزءا من تقلبات العلاقة بين عبدالإله بنكيران وبين الدولة، قد يعود في الأصل إلى نوع من الانزعاج من “حرية النبرة” التي تطبع الأداء التواصلي لرئيس حكومة غير نمطي.
ربما ليس في الحالتين ما يسمح بتقديم فرضية متكاملة في موضوع الحدود غير المكتوبة لحق المسؤولين الحكوميين في التعبير عن مواقفهم السياسية، أو في موضوع الحدود غير الواضحة لواجب تحفظهم.
فرضية ترتبط في العمق، بطبيعة نظام سياسي مبني على ضعف منسوب السياسة، وعلى سيادة التقاليد التقنوقراطية والإدارية على التدبير العمومي.
ذلك أن التقاليد المرعية للسياسة المغربية، تقوم على احترام الأعراف التالية :
– يرافق الانتقال إلى المسؤولية الحكومية، عموما، بتحول واضح في مفردات التواصل السياسي وفي سجل الخطاب المنتج، حيث يسهل عمليا على الرأي العام التمييز بكل بساطة بين خطاب الفاعل السياسي قبل تحمله المسؤولية الحكومية وبعد ذلك .
– يراعى في خطاب المسؤولين قدر كبير من التحفظ، حيث تصبح دائرة “المحرمات” أكثر اتساعا وشساعة.
– يستبطن الوزراء بشكل تلقائي بعد تقلد مهامهم، خطابا يميل أكثر إلى المعجم التقنوقراطي، وإلى روح البلاغة الرسمية، التي تقترب من لغة الخشب، وتبتعد ما أمكن عن المرجعيات “الحزبية” وعن حيوية “الخطاب السياسي”.
– يميل المسؤولون السياسيون، الذين يتحملون مسؤولية حكومية حتى في الخطابات التي يقدمون بصفتهم الحزبية، إلى استيراد جزء من ثقافة “الإدارة”، ومنطق “التقنوقراط” إلى مفردات تواصلهم السياسي لما بعد تحمل المسؤولية.
– يصبح الخطاب السياسي، أكثر ميلا إلى التبرير، بدعوى إكراهات التدبير، وأقل ميلا للانتقاد بدعوى الواقعية، وأكثر كياسة بدعوى أخلاقيات المسؤولية .
– يجب أن يحرص الفاعل السياسي من موقع الحكومة، ما أمكن، على إعادة إنتاج الخطاب الرسمي الذي تنتجه الدولة حول تمثلها لطبيعة المرحلة السياسية وللمنجز المؤسساتي، كما يجب عليه الإشادة بكل المبادرات الرسمية وتثمينها.
– يمكن للمسؤول السياسي، في مرحلة ما بعد إنهاء مهامه الرسمية، أن يبدو على مستوى الخطاب متحررا من قيوده السابقة، مادام ذلك سيرسخ لدى الرأي العام نوعا من توزيع العمل بين من هو داخل دائرة المسؤولية ومن هو خارجها، وأن يوضح أن هناك دفترا للتحملات، يجب القبول به للمرور من الخارج إلى الداخل.
لذلك فما نعيشه اليوم، يعني بالضرورة أن الكثير من قواعد اللعب المرسومة، قد أصبحت قابلة للتجاوز، ليس لأننا أمام لاعبين جدد، ولكن بالأساس لأن “التعبير عن المواقف من التداعيات المرتبطة بالحياة السياسية، والتي تعتبر عادية في المجتمعات الديمقراطية، تندرج في سياق التنافس الحزبي الطبيعي، والصراع الفكري والتعبير عن الآراء والمواقف في إطار التطور الديمقراطي العادي ببلادنا”، كما جاء في بلاغ قيادة التقدم والاشتراكية.
قد لا نشعر بذلك، لكن أشياءً كثيرة تتغيــر !

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

…تعتبر عادية في المجتمعات الديمقراطية …تعتبر عادية في المجتمعات الديمقراطية



GMT 09:40 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

فعول، فاعلاتن، مستفعلن.. و»تفعيل» !

GMT 06:51 2018 الثلاثاء ,13 آذار/ مارس

من يسار ويمين إلى قوميين وشعبويين

GMT 07:57 2018 الثلاثاء ,06 آذار/ مارس

أسوأ من انتخابات سابقة لأوانها!

GMT 06:13 2018 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

خطة حقوق الإنسان: السياق ضد النص

GMT 07:07 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

المهنة: مكتب دراسات

GMT 19:53 2019 الجمعة ,03 أيار / مايو

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 08:23 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجدي الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 18:03 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

تتخلص هذا اليوم من بعض القلق

GMT 18:00 2019 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

تشعر بالانسجام مع نفسك ومع محيطك المهني

GMT 15:27 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

توقيف فتاة كانت بصحبة شاب على متن سيارة في أغادير

GMT 03:00 2017 الإثنين ,02 كانون الثاني / يناير

أنطوان واتو يجسّد قيم السعادة في لوحاته الفنيّة

GMT 18:55 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

تمرّ بيوم من الأحداث المهمة التي تضطرك إلى الصبر

GMT 20:15 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

افتتاح المهرجان الدولي لمسرح الطفل في رومانيا

GMT 12:01 2018 الثلاثاء ,13 آذار/ مارس

وجهات منازل رائعة استوحي منها ما يناسبك

GMT 09:29 2018 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

أفكار مختلفة لترتيب حقيبة سفركِ لشهر العسل

GMT 08:44 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

منظمة "ميس أميركا" ترفع الحد الأقصى لسنّ المتسابقات

GMT 09:08 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

أفضل الطرق لتنسيق تنورة الميدي مع ملابسك في الشتاء
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca