ما وراء البلوكاج

الدار البيضاء اليوم  -

ما وراء البلوكاج

بقلم : حسن طارق

بعيدا عن توالي التسريبات والتفاصيل والأخبار، وتوالي الوقائع الحقيقية والمختلفة، في مهرجان الصحافة اليومي المواكب لمفاوضات بناء الأغلبية الحكومية، يبدو أن ما يُسمى بـ”البلوكاج” لا يعدو أن يكون مجرد تكثيف لأعراض حالة سياسية مليئة بالأعطاب، تدعو مع الآسف إلى اليأس من فكرة الإصلاح، أكثر مما تحيل إلى شيء آخر.
ما وراء “البلوكاج”، دليل آخر على أن المغاربة لا يملكون النخب التي يستحقون، وأنه في مقابل الملحمة الشعبية لسابع أكتوبر المعبرة عن ذكاء جماعي ومقاومة باسلة للارتدادات السلطوية، لايزال المشهد الحزبي في جزء كبير منه، مجرد خليط هجين من القيادات التافهة التي لا تملك مشروعا جماعيا سياسيا أو ثقافيا أو قيميا خارج تدبير مشاريعها الشخصية الخاصة، قيادات بلا مصداقية ولا أخلاق، مصابة على الأرجح بأعطاب مرض فقدان الاستقلالية المزمن، وبالداء المزمن لانتظار الإشارات من فوق .
قيادات لا تملك شجاعة الإعلان عن التحالفات السابقة عن زمن الاقتراع والمبنية على حد أدنى من الوضوح السياسي، وترجأ أمر التحالف إلى ما بعد ظهور الفائز، لتبحث بعدها عن كلمات ميتة لتبرير اصطفافاتها الطارئة .
قيادات تذكر للسياسة تعريفا وحيدا هو تدبير القرب من الدولة، وخطها السياسي لكل المراحل هو تحليل وقراءة الإشارات، واستباق رغبات السلطة.
قيادات لا تعبأ بتحولات المجتمع، ولا بغضب الشارع، ولا بفورة الشباب، ولذلك فهي لا تجد حرجا في ترك الدولة في مواجهة مباشرة مع الشعب في أقل اختلال ممكن لعلاقة المجتمع بالسلطة .
ما وراء البلوكاج، يوجد بالتأكيد نظام انتخابي، له هدف واحد، هو تطويق الإرادة الشعبية، وترجمة الخوف من الشرعيات الصاعدة من قلب المجتمع، ووضع القرار السياسي لصناديق الاقتراع تحت رحمة اللعب الصغير لقيادات الأحزاب.
نظام انتخابي، يسمح للفاشلين في الاقتراع، للتحول إلى نمور من ورق لحظة التفاوض على المقاعد .
نظام انتخابي، يُسمي البلقنة تمثيلا نسبيا، ويُسمي التشرذم تعددية رأي، لكي يسمح في النهاية بهوامش واسعة لتدبير الترتيبات السياسية لما بعد الانتخابات .
ما وراء البلوكاج، هناك بالقطع منظومة من الالتباسات التي تحيط بالجمع بين السلطة والثروة، والتي تجعل في بعض الأوقات من السياسة؛ تدبيرا عموميا لشؤون المصالح الخاصة؛ وحالة نموذجية لتضارب المصالح واستغلال النفوذ والتسريبات المخلة بالتنافس النزيه .
ما وراء البلوكاج، إرادة معلنة لنسيان نتائج الاقتراع، ودعوة واضحة إلى ترك دستور 2011 على رفوف التاريخ، وتحويل بناء الأغلبية إلى لحظة لقتل السياسة، وتعليق الاختيار الديمقراطي .
ما وراء البلوكاج، ورش غائب في بلادنا، هو ورش معالجة الشق السياسي من أجندة الإصلاح. الإصلاح الذي يعني التقدم في المصالحة مع السياسة. السياسة التي تعني أن الحلول لا تُصنع بعيدا عن المواطنين داخل الملفات الصقيلة للتقنقراط. التقنقراط الذين يذكرون المغاربة بالسكتة القلبية، الفشل الاقتصادي، العجز الاجتماعي، الفساد الإداري، سرقة المؤسسات العمومية واحتقار الشعب. الشعب الذي قال كلمته في 7أكتوبر، وعبر عن يقظته في 30 أكتوبر .
وهو نفسه الشعب الذي خرج إلى الشارع في 20 فبراير ليطالب بإسقاط خيار اللامسؤولية المنظمة، وبربط السياسات بالإرادة الشعبية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما وراء البلوكاج ما وراء البلوكاج



GMT 09:40 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

فعول، فاعلاتن، مستفعلن.. و»تفعيل» !

GMT 06:51 2018 الثلاثاء ,13 آذار/ مارس

من يسار ويمين إلى قوميين وشعبويين

GMT 07:57 2018 الثلاثاء ,06 آذار/ مارس

أسوأ من انتخابات سابقة لأوانها!

GMT 06:13 2018 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

خطة حقوق الإنسان: السياق ضد النص

GMT 07:07 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

المهنة: مكتب دراسات

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 12:41 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تبدو مرهف الحس فتتأثر بمشاعر المحيطين بك

GMT 09:52 2018 الإثنين ,13 آب / أغسطس

أمطار صيفية تعزل دواوير ضواحي تارودانت

GMT 07:59 2018 الأحد ,15 تموز / يوليو

"بورش" تحتفل بالذكرى الـ70 لسيارتها الأولى

GMT 16:15 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

سامح حسين يكشف عن الأفيش الأول لـ"الرجل الأخطر"

GMT 08:36 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

النفط ينخفض مع تهديد الصين برسوم جمركية على الخام
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca