نَـــزْوَة!

الدار البيضاء اليوم  -

نَـــزْوَة

بقلم : رشيد مشقاقة

عقب إحداث المحاكم المتخصصة، وبمناسبة اختيار الأطر القضائية التي ستعمل بها، فوجئ أعضاء المجلس الأعلى للقضاء آنذاك، باعتراض شديد من أحدهم على اقتراح قاض لمهام المسؤولية بإحدى هذه المحاكم.
كان هناك إجماع على أن للقاضي المقترح خصال الإطار الصالح لهذه المهمة، فإلى جانب تكوينه العلمي المتميز، وأخلاقه الفاضلة، وتفانيه في عمله، فقد قطع شوطا ملحوظا في اعتماد نظام المعلوميات لِتصريف أشغال العملية القضائية، وقد كانت آنذاك معطى جديدا لم يتم اعتماده بعد في القطاع!
لم يكن أعضاء المجلس الأعلى للقضاء بمفردهم مقتنعين بهذا الاختيار الرشيد، بل إن الوسط القضائي من زملاء القاضي المقترح العاملين معه وغيرهم، كان لديهم الإحساس نفسه، مما أوجس في صدور الأعضاء هواجس الاستغراب والامتعاض والتساؤل.
ومن فقرات سيناريو الرفض الذي أخرجه عضو المجلس الأعلى للقضاء ما كَالهُ للقاضي المقترح، مما تبادر إلى مزاجه من اتهامات وتشكك في قدراته على الاضطلاع بمسؤولياته، وهو ما دفع بالمجتمعين إلى التريث في اتخاذ القرار المناسب، إلى حين البحث والتقصي والتأكد من صدق أقوال زميلهم المعارض!
لم يكن البحث مضنيا، فقد خلص إلى أن مرد الاعتراض يعود إلى تشبث القاضي المقترح باستقلاله أثناء اشتغاله بإحدى محاكم المملكة التي كان عضو المجلس الأعلى للقضاء مسؤولا قضائيا بها، فهو لم يكن أبدا ينصاع لتعليماته ويخالفه الرأي في ما يراه تطبيقا عادلا وقانونيا للنصوص، ولم يكن هذا القاضي يعلم بما يكنه له من حقد دفين، إلى أن سَخَّرَ مهامه بالمجلس الأعلى للقضاء للإطاحة به والقضاء تماما على طموحه المشروع.
كان الاعتراض شديدا، وألّب المعترض الصدور لكي تناصره في موقفه، وعلى الطرف المقابل تَشبَّثت الأغلبية بالقاضي، ونجح المعترض في مسعاه، فأسندت للرجل مهام أقل بكثير مما كان يستحقه في بداية العمل بالمحاكم المتخصصة.
على أنه من هذه المهمة شبه الفارغة في محكمة متخصصة سطع نجم هذا القاضي، وفي ظرف وجيز رُشّح لمهام جسام، ونال ثقة الوسط القضائي لدماثة خلقه، واستقامته ونكران الذات. ولازال محط تقدير وإعجاب واحترام لغاية كتابة هذا السطور، فهو بسيط للغاية، ولا يُؤذِي أحدا، ولا يسعى إلى المناصب ويرفض سَلاسِل العبودية، ويجيد عمله.
هذا نموذج فقط، من ماض غير بعيد، عندما يتحكم سلطان الإرادة، وتتسلطن المزاجية، وتستأْثر المصلحة الفردية عندما توكل إلينا مهام اقتراحية، ولعل هذا هو سر العديد من الاستفهامات التي يطرحها القضاة عندما يستغربون أشد الاستغراب مما يحاك في الخفاء ضدهم، بعيدا عن النزاهة والاستقامة والموضوعية التي ينبغي أن تكون هي المعيار الوحيد والأوحد في قطاع القضاء!
ولعل هذا ما تود الجمعيات المهنية القضائية محاربته إن هي استطاعت! لم يغضب القاضي من سلوك عضو المجلس الأعلى للقضاء، هو فقط، يخشى أن يكون تدبيره للوضعية الفردية للقضاة خلال عمله بهذه المؤسسة قد تمّ وَيتم بالطريقة نفسها.
إيثار المصلحة الفردية، القصاص، ناسيا قول الله عز وجل: “إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ”، صدق الله العظيم.
ملاحظة: اسْمَا القاضيين داخل المقال.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نَـــزْوَة نَـــزْوَة



GMT 04:53 2017 الأربعاء ,17 أيار / مايو

غَنِّي لِي شْوَيَّ وْخُذْ عينيَّ!

GMT 04:46 2017 الأربعاء ,10 أيار / مايو

السَّمَاوِي!

GMT 05:44 2017 الأربعاء ,03 أيار / مايو

شُفْتِنِي وَأَنَا مَيِّت!

GMT 05:01 2017 الأربعاء ,26 إبريل / نيسان

القاضي الشرفي!

GMT 04:55 2017 الأربعاء ,19 إبريل / نيسان

لاَلَّة بِيضَة!

GMT 08:13 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العقرب الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 17:59 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء محبطة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 02:12 2018 السبت ,07 تموز / يوليو

قطار ينهي حياة شيخ ثمانيني في سيدي العايدي

GMT 10:19 2018 الثلاثاء ,17 إبريل / نيسان

"خلطات فيتامين سي" لشعر جذاب بلا مشاكل

GMT 13:54 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

نصائح مهمة لتجنب الأخطاء عند غسل الشعر

GMT 13:08 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

اختتام فعاليات "ملتقى الشبحة الشبابي الأول " في أملج
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca