“اللي ضحك يتّبْلى”

الدار البيضاء اليوم  -

“اللي ضحك يتّبْلى”

بقلم : جمال بودومة

من منا لم يمارس يوما تلك الرياضة الغريبة، التي تقضي بتوجيه ضربات مباغتة لخصوم غير مرئيين، بلا سبب تقريبا أو لأسباب معقدة يحتاج شرحها إلى أريكة في عيادة طبيب نفسي. تكون في أمان الله، “ما بيك ما عليك”، وفجأة تسمع صوتا داخلك يقول: “اولاد الحرام، الله ينعل (…)”… وتحس أن أعصابك تحولت إلى أسلاك كهرباء وقبضتي يديك مشدودتان كأنك في معركة وأنك مستعد للأسوأ، وحين تسأل نفسك: “شكون هوما؟ وآش دارو ليك؟” لا تعثر على جواب. تنتهي بأن ترخي أعصابك وتردد: “الرجوع لله”، وتتعوذ من الشيطان الرجيم.

“الملاكمة مع الأشباح”، مثل جميع الرياضات، تجعل الإنسان يشعر بالارتياح بعد أن يتخلص من شحنات التوتر الزائدة. ويحمّل المسؤولية للآخرين، أولئك الغامضون، الأشرار، الحقراء، التافهون، الذين قال عنهم جان-بول سارتر بأنهم “الجحيم”. كأن شخصا يدفع لهم راتبا شهريا كي يسيئوا إليك. أولاد الكلب. الأجلاف… وواصلوا الشتائم من عندكم إذا كُنتُم محتاجين للتخلص من التوتر. ستشعرون بعدها بالارتياح.

بعض الأبطال المحترفين في هذه الرياضة، تتحول الشتائم عندهم إلى تهديدات، يصدرونها بصوت مرتفع وهم يمشون في الشارع: “غادي نخلي دار بوه”، “يلا تفاكّيت معه راني شماتة”، “والله حتى نورّيهم الجيلالي آش كايسوا”، “خليهم يبقاو تابعيني، والله لا داو باش ينقّيو سنانهم”… وعندما تبحث إن كان هناك أشخاص يتبعون الجيلالي، لا تجد أحدا. في هذه اللحظة بالضبط، تسمع امرأة تقول بنبرة متأثرة وهي تضرب أخماسا في أسداس: “اللي شاف شي يكول الله يستر”. بين العقل والجنون شعرة رفيعة!

كلما توغلنا في الحياة تزيد المشاكل، ننشغل بالهموم الصغيرة والكبيرة التي تراكمت فوق أكتافنا، ولا نعير اهتماما للمظاهر. نصبح سخيفين على نحو لا يصدق. جميعا ضحكنا وسخرنا ونحن نسمع شخصا يتحدث مع نفسه، ورددنا: “الله يخرجنا من دار العيب بلا عيب”، قبل ان نجد أنفسنا، مع تقدم العمر، نتجاذب أطراف الحديث مع “رؤوسنا” دون أية مشكلة. “اللي ضحك يتبلى”!

إذا أردنا الاستعانة بعالم الحيوان، يمكن أن نقول إن الإنسان يبدأ حياته “قردا”، ينط ويتسلى ولا يكف عن الحماقات والسخرية من الآخرين، وعندما يشتغل ويتزوج وينجب أولادا يدخل إلى المرحلة “الحميرية”، حيث يصبح متخصصا في حمل الأثقال في البيت وفي العمل، لا يعرف كيف يمشي دون “بردعة”، وحين تتاح له استراحة قصيرة يقضيها وهو يتمرّغ في التبن مثل أي جحش، وفي خريف العمر يصبح الإنسان “قطا” همه الوحيد هو العثور على مكان هادئ كي يمد فيه رجليه وينام.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

“اللي ضحك يتّبْلى” “اللي ضحك يتّبْلى”



GMT 08:07 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أخبار مهمة أمام القارئ

GMT 08:04 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الإمارات والأردن.. توافق لأمن المنطقة

GMT 08:01 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أسوأ عقاب أوروبى لأردوغان

GMT 07:59 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لهذا تقود أمريكا العالم!

GMT 07:57 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كسر الحلقة المقفلة في اليمن

GMT 19:15 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 16:52 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الإصابة تحرم الأهلي من رامي ربيعة في مباراة الإسماعيلي

GMT 23:44 2017 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

شمال الأطلنطي يحسم بطولة كأس الجامعات القطرية للرجال

GMT 15:27 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

التصميم المميز للزجاجة والروح الأنثوي سر الفخامة

GMT 08:49 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

أليساندرو سارتوري يسرق الأنظار إلى "زينيا" بابتكاراته

GMT 12:55 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

جزيرة منمبا في زنجبار تتمتع بمناظر طبيعية نادرة ورومانسية

GMT 04:30 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الإبلاغ عن العنف الجنسي يعصف بحياة السيدات في الهند

GMT 02:35 2017 الجمعة ,05 أيار / مايو

سيارة فيراري "275 غب" 1966 معروضة للبيع

GMT 05:29 2016 الأربعاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الصين تفتتح أفخم فندق سبع نجوم بتكلفة 515 مليون دولار

GMT 02:01 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

5 خطوات مميّزة للحصول على درجة علمية عبر الإنترنت
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca