​إيران تستعرض عضلاتها

الدار البيضاء اليوم  -

​إيران تستعرض عضلاتها

خيرالله خيرالله
بقلم : خيرالله خيرالله

تستعرض "الجمهوريّة الإسلاميّة" في إيران عضلاتها، حيث تستطيع في المنطقة وخارج المنطقة. الهدف واضح كلّ الوضوح. يتمثّل الهدف في إظهار أنّ مشروعها التوسّعي لم يتراجع قيد أنملة، وأنّها مصمّمة على السير فيه إلى النهاية، بغض النظر عن صفقة ستعقدها قريباً مع "الشيطان الأكبر" الأميركي أو لا. لا حياة للنظام الإيراني خارج المشروع التوسّعي. انهيار هذا المشروع يعني انهيار النظام على غرار انهيار الاتحاد السوفياتي قبل ثلاثين عاماً.

في لبنان تستعرض إيران عضلاتها عبر "حزب الله" الذي يؤكّد يومياً أنّه الحزب الحاكم، وأن "العهد القوي"، برأسيه ميشال عون وجبران باسيل، ليس سوى عهده. أكثر من ذلك، يظهر الحزب، الذي ليس سوى لواء في "الحرس الثوري" الإيراني، أنّ جنوب لبنان ساحة يفعل فيها ما يشاء من دون أخذ في الاعتبار لما تنص عليه بنود قرار مجلس الأمن الرقم 1701 الصادر في مثل هذه الأيّام من عام 2006. أوقف ذلك القرار الأعمال العسكرية بين إسرائيل والحزب، وجعل من جنوب لبنان منطقة لا وجود فيها سوى للقوات الدوليّة والجيش اللبناني. لكنّ "حزب الله" مصرّ على نسف الأسس التي قام عليها القرار من أساسها، وتكريس جنوب لبنان مجرّد "ساحة" لإيران ولا شيء آخر غير ذلك، من دون أي احترام، ولو في الحدّ الأدنى، للمصلحة الحقيقيّة للبنان. لبنان في غنى عن أي مغامرات عسكريّة من نوع حرب صيف عام 2006، وهي حرب جرّت عليه الويلات بكلّ ما في كلمة ويلات من معنى.

في العراق، ترفض إيران الاعتراف بأنّها مرفوضة من أكثريّة الشعب العراقي الذي عبّر عن ذلك في الانتخابات الاشتراعية الأخيرة قبل عشرة أشهر. ترفض إيران الاعتراف بهزيمة الأحزاب التابعة لها في هذه الانتخابات. نراها تسعى حالياً إلى الانقلاب على نتائج تلك الانتخابات، بدءاً بتعطيل تشكيل حكومة جديدة والحياة السياسيّة في البلد كلّه.

أنزل "الحرس الثوري" أنصاره من العراقيين إلى الشارع لتحييد الزعيم الشيعي مقتدى الصدر وتعطيل حركته السياسيّة. تبدو "الجمهوريّة الإسلاميّة" على استعداد للذهاب بعيداً، بما في ذلك المجازفة بافتعال حرب أهليّة عراقيّة، من أجل إثبات أن العراق ورقة إيرانيّة ولا يمكن أن يكون غير ذلك.

في سوريا، باتت إيران، في ضوء انشغال روسيا بالحرب الأوكرانيّة، اللاعب الأوّل في هذا البلد. يشمل ذلك الجنوب السوري حيث تتوسّع يومياً وتزيد نشاطها في مجال التهريب إلى الأردن وعبره إلى دول الخليج العربي. لم تعد تكتفي بتهريب المخدرات، بل بدأ الأردن يشكو من تهريب أسلحة، بعضها يذهب إلى الضفّة الغربيّة ودول خليجيّة...

لكنّ المكان الذي تنشط فيه إيران أكثر من أي مكان آخر، هو اليمن. استغلت الهدنة المعلنة منذ نيسان – أبريل الماضي من أجل تجنيد مزيد من العناصر. اللافت في الأشرطة التي توزع عبر الإعلام الموالي للحوثيين، أنّ هؤلاء يخرجون دفعات جديدة من المقاتلين. لم يعد الأمر مقتصراً على أطفال ومراهقين يتعرضون لعملية غسل دماغ عبر خرافات وشعارات، هناك تخريج لدفعات جديدة من المقاتلين الذين يبدو واضحاً أنّهم في سن الشباب. يدلّ ذلك إلى أن لدى الحوثيين الذين يسمون أنفسهم "جماعة أنصار الله" موارد ماليّة توفرها لهم الهدنة المعمول لها. تستخدم هذه الأموال في تعزيز القدرات العسكرية للحوثيين في كلّ المجالات.

ماذا سيفعل الحوثيون بكلّ هؤلاء المقاتلين الذين خضعوا حديثاً لدورات تدريبية والمزودين أسلحة خفيفة وثقيلة وآليات ودبابات، كما يظهر بوضوح في الأشرطة الموزّعة التي تتضمن عروضاً عسكريّة في ميدان السبعين في صنعاء؟

الأكيد أنّ الهدنة ليست بالنسبة إلى الحوثيين، الذين يعملون تحت إمرة "الحرس الثوري" الإيراني، سوى وسيلة وليست هدفاً بحد ذاته. الأهمّ من ذلك كلّه أنّ هذه الهدنة لن تؤدي إلى مباشرة عملية سياسيّة، كما يرغب الأميركيون ومبعوث الأمين العام للأمم المتحدة هانس غروندبرغ.

ليس ما يشير إلى أنّ الهدنة ستحقق غرضاً سياسياً يخدم البحث عن مخرج سلمي يوقف الحروب الداخليّة اليمنيّة. على العكس من ذلك، ثمّة دلائل إلى أنّ الحوثيين يسعون إلى تكريس وجود كيان سياسي تابع لإيران في شمال اليمن من جهة، والعمل على التوسع مستقبلاً داخل اليمن نفسه من جهة أخرى. يشجعهم على ذلك أمران. الأول غياب أي جدّية في التصدي لهم لدى "الشرعيّة" اليمنية، التي بات يمثلها مجلس القيادة الرئاسي برئاسة الدكتور رشاد العليمي. هذا ما هو ظاهر إلى الآن. هل يستطيع مجلس القيادة تحسين أدائه مستقبلاً؟

أما الأمر الثاني الذي يشجع الحوثيين، ومن خلفهم إيران، على مزيد من العدائية، فهو الميوعة الأميركيّة في التعاطي معهم. ليس هناك للأسف الشديد، إدارة أميركيّة قادرة على استيعاب معنى وجود كيان إيراني في شبه الجزيرة العربيّة وأبعاد ذلك.

تصعّد إيران في كلّ مكان تعتبر نفسها موجودة فيه عبر ميليشياتها المذهبيّة. ثمّة سؤال سيطرح نفسه في القريب العاجل: هل الإدارة الأميركيّة ستسهل هذا التصعيد عبر صفقة تعقدها مع "الجمهوريّة الإسلاميّة" توفّر لها موارد ماليّة كبيرة؟

بكلام أوضح، هل تعتبر أميركا نفسها معنيّة بأمن حلفائها في المنطقة أم لا... أم أن على هؤلاء تدبّر أمورهم بأنفسهم بالطريقة التي يرونها مناسبة؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

​إيران تستعرض عضلاتها ​إيران تستعرض عضلاتها



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 08:13 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العقرب الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 17:59 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء محبطة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 02:12 2018 السبت ,07 تموز / يوليو

قطار ينهي حياة شيخ ثمانيني في سيدي العايدي

GMT 10:19 2018 الثلاثاء ,17 إبريل / نيسان

"خلطات فيتامين سي" لشعر جذاب بلا مشاكل

GMT 13:54 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

نصائح مهمة لتجنب الأخطاء عند غسل الشعر

GMT 13:08 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

اختتام فعاليات "ملتقى الشبحة الشبابي الأول " في أملج

GMT 16:52 2015 الثلاثاء ,14 تموز / يوليو

كمبوديا تستخدم الجرذان في البحث عن الألغام

GMT 04:44 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

تصميم مجمع مباني "سيوون سانغا" في عاصمة كوريا الجنوبية

GMT 06:28 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

خبير إتيكيت يقدم نصائحه لرحله ممتعة إلى عالم ديزني

GMT 12:22 2016 الأربعاء ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مقتل 7 على الأقل في قصف جوي ومدفعي على حي الفردوس في حلب

GMT 04:48 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمير الوليد بن طلال يؤكد بيع أسهمه في "فوكس 21"

GMT 22:13 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

منتخب غانا يهزم نظيره المصري في بطولة الهوكي للسيدات
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca