النظام الإيراني يشكو من تدخّل 'خارجي'!

الدار البيضاء اليوم  -

النظام الإيراني يشكو من تدخّل خارجي

بقلم - خيرالله خيرالله

من أطرف ما تخلّل فصول الانتفاضة الأخيرة للشعب الإيراني في وجه نظام الملالي، شكوى غير مسؤول في طهران من وجود جهات “خارجية” تدعم المتظاهرين. وصل الأمر بأحدهم إلى الشكوى من أن لعائلة صدّام حسين يدا في ما شهدته إيران من تحرّكات شعبية شملت نحو ستين مدينة وبلدة في أنحاء مختلفة من البلد.

من لديه درهم عقل ودراية ومعرفة بالواقع، يعرف تماما أن عائلة صدّام مشتتة ومنقسمة على نفسها. لم يعد من وجود لما يجمع بين أعضائها باستثناء الترحّم على الماضي وذكرياته.

كيف يمكن لنظام قام على فكرة “تصدير الثورة”، أي التصدير المستمرّ لأزماته إلى خارج إيران اتهام جهات “خارجية” بتحريض الإيرانيين على النزول إلى الشارع والانتفاض لكرامتهم كمواطنين يستحقون الاستفادة من ثروات إيران.

يستحقّ الإيرانيون ذلك بدل ذهاب هذه الثروات لتخريب لبنان عبر ميليشيا “حزب الله” وما شابهها من ميليشيات مذهبية أو لحركة مثل “حماس” التي لا تاريخ لها سوى القضاء على أي أمل في حصول الفلسطينيين على بعض حقوقهم المشروعة بدل البقاء تحت الاحتلال.

الأمر نفسه ينطبق على اليمن حيث يلعب الحوثيون (أنصارالله) الدور الذي يلعبه “حزب الله” في لبنان. ما ينطبق على اليمن ولبنان ينطبق خصوصا على سوريا حيث يدعم النظام الإيراني نظاما طائفيا لم يكن لديه همّ منذ قيامه في العام 1970، وحتّى قبل ذلك عندما كان حافظ الأسد لا يزال وزيرا للدفاع، سوى لعب دور الحارس لجبهة الجولان المحتل بعد قبض ثمن تسليم الهضبة المحتلة إلى إسرائيل في العام 1967.


الإيرانيون في المهجر أكثر العارفين بقيمة التغيير
منذ قيام “الجمهورية الإسلامية” في إيران، لم يسلم بلد عربي من شرورها، بما في ذلك المملكة العربية السعودية ودولة الكويت ومملكة البحرين ودولة الإمارات العربية المتحدة التي لا تزال ثلاث من جزرها محتلّة منذ أيّام الشاه في 1971.

لا جواب منطقيا بعد عن السبب الذي دفع إيران إلى تأسيس “حزب الله” في لبنان والعمل في الوقت ذاته على تغيير طبيعة المجتمع الشيعي في بلد كان رمزا للانفتاح على العالم في المنطقة. ربّما الجواب الوحيد هو التخريب ولا شيء آخر غير ذلك بحثا عن دور إقليمي مرحّب به أميركيا وإسرائيليا.

ليت هناك جهات “خارجية” تتدخّل في إيران. المشكلة أن لا أحد يريد التدخل ضدّ النظام الإيراني. على العكس من ذلك، هناك تفرّج على ما تفعله إيران في المنطقة، بل هناك تشجيع لها على السير في الخط الذي تسير عليه منذ العام 1979. وهو خطّ استفادت منه إسرائيل إلى أبعد حدود، خصوصا بعدما اعتبرت إيران أن القدس قضيّتها وخصص آية الله الخميني يوما للقدس في الأسبوع الأخير من شهر رمضان.

لم تبعد مدينة القدس العربية عن أهلها، الذين يريدون البقاء فيها والمحافظة عليها، أكثر مما ابتعدت منذ إعلان الخميني عن “يوم القدس” بهدف واحد وحيد. يتمثّل هذا الهدف بالمزايدة على العرب فلسطينيا وخطف قضية فلسطين منهم.

لا وجود لحسيب أو رقيب على تبديد ثروة كان يمكن أن تُستثمر في مصلحة الشعب الإيراني الذي بات محروما الآن حتّى من تعليم أبنائه اللغة الإنكليزية في الصفوف الابتدائية. ليست اللغة الإنكليزية هذه الأيّام سوى لغة العالم، أو على الأصحّ، لغة كلّ ما هو حضاريّ في هذا العالم.

هل هدف “المرشد” علي خامنئي عزل إيران عن العالم الذي يبدو أنّه يستثمر في الدور الذي تؤديه “الجمهورية الإسلامية” على الصعيد الإقليمي كي تزداد حاجة دول الخليج ودول المشرق العربي إلى الولايات المتحدة أكثر فأكثر؟ هل من استثمار أسوأ من الاستثمار في نشر الجهل بين الإيرانيين تمهيدا لتعميمه في كلّ أنحاء المنطقة؟

يظلّ العراق أهمّ مثل عن الدور التخريبي لإيران والدعم الخارجي، خصوصا الأميركي لهذا الدور. كان الاحتلال الأميركي للعراق في العام 2003 بمثابة انطلاقة جديدة للدور الإيراني على صعيد المنطقة.

منذ تقديم إدارة جورج بوش الابن العراق على صحن من فضّة إلى إيران، لم يعد هناك من عراق موحّد. ما نشهده اليوم هو فصل أخير من تسليم قسم من العراق إلى إيران.

هناك في العراق سباق بين نوري المالكي وحيدر العبادي على من هو أكثر ولاء لإيران. مجرّد قبول العبادي بأن يكون حليف “الحشد الشعبي” في الانتخابات النيابية المقبلة بمثابة دليل على مدى استعداده لاسترضاء إيران كي يبقى رئيسا للوزراء في السنوات المقبلة.

ليس “الحشد”، في نهاية المطاف، سوى مجموعة ميليشيات تابعة لـ”الحرس الثوري” الإيراني. ليست معروفة نسبة الإيرانيين، المجنّسين في العراق حديثا، الذين ينتمون إلى “الحشد الشعبي”، لكن المعروف أن آلاف الإيرانيين دخلوا إلى العراق بمجرّد سقوط نظام صدّام حسين وذلك بمعيّة الميليشيات التابعة للأحزاب العراقية، وهي أحزاب شاركت في الحرب التي خاضتها إيران مع العراق بين العامين 1980 و1988 من القرن الماضي.

انتهت تلك الحرب التي قاتلت فيها هذه الميليشيات مع “الحرس الثوري” بتمكن العراق من احتواء الهجمة الإيرانية عليه إلى حين… أي إلى حين ارتكاب صدّام مغامرته المجنونة في الكويت عام 1990 ثمّ قيام جورج بوش الابن بمغامرة لا تقلّ جنونا عن مغامرة صدّام عندما احتلّ العراق في العام 2003 وذلك من دون أيّ رؤية لمرحلة ما بعد الاحتلال والنتائج التي ستترتّب على إدخال الميليشيات العراقية التابعة لإيران إلى بغداد والبصرة وغيرهما.

معه حقّ الرئيس سعد الحريري، الذي يعرف تماما من قتل والده، الذي شرح في حديث قبل أيّام إلى “وول ستريت جورنال” الأسباب التي تدعو إلى المحافظة على الحكومة اللبنانية الحالية على الرغم من مشاركة “حزب الله” فيها.

قبل كلّ شيء يوضح الحريري إلى المراسل الذي أجرى معه الحديث ويدعى ياروسلاف تروفيموف، الذي له أحد أفضل الكتب عن السعودية وعنوانه “حصار مكّة”، أن “لبنان لا يستطيع وحده التصدي لـ”حزب الله” الذي صار “مشكلة إقليمية”. ينتقل بعد ذلك إلى القول “مشكلتي مع الإسرائيليين أنّهم يقولون في كلّ مرّة إنّهم ينوون شن حرب بهدف إضعاف “حزب الله”. في كلّ مرّة شنوا حربا في لبنان، كانت النتيجة تقوية “حزب الله” وإضعاف الدولة” اللبنانية.

من يعود إلى حرب صيف 2006، يكتشف كم كلام سعد الحريري دقيق. لم ينتصر “حزب الله” على إسرائيل في تلك الحرب. تركت له إسرائيل المجال لينتصر على الدولة اللبنانية. فبعد تلك الحرب، اعتصم الحزب في وسط بيروت لتعطيل الحياة فيها ثمّ نفّذ غزوة بيروت والجبل في أيّار – مايو 2008.

هل من حاسب إيران على ما قام به “حزب الله”، أم أن إيران كوفئت على غزوة بيروت والجبل مثلما كوفئت على مشاركة “حزب الله” في الحرب على الشعب السوري وقبل ذلك على الاستثمار في ترسيخ الشرخ الطائفي والمذهبي في العراق؟

نعم، هناك تدخل “خارجي” في إيران. هذا التدخّل لمصلحة النظام في إيران وهو موجّه ضدّ الشعب الإيراني. ليس ما يشير، إلى الآن، إلى أن الكثير سيتغيّر في عهد دونالد ترامب. سيستمر النظام في إيران في الشكوى من تدخّل “خارجي” يصب في مصلحته. هذا جزء من اللعبة التي صار الشعب الإيراني من ضحاياها… مثله مثل اللبنانيين والسوريين واليمنيين والبحرينيين وآخرين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النظام الإيراني يشكو من تدخّل خارجي النظام الإيراني يشكو من تدخّل خارجي



GMT 19:41 2022 الجمعة ,14 تشرين الأول / أكتوبر

معركة حياة أو موت لـ"الحرس" في إيران

GMT 23:27 2022 الخميس ,18 آب / أغسطس

​إيران تستعرض عضلاتها

GMT 14:59 2022 الثلاثاء ,16 آب / أغسطس

إيران تحاول استعادة المبادرة في العراق...

GMT 19:55 2022 الإثنين ,15 آب / أغسطس

«حماس» بالمختصر المفيد

GMT 16:11 2022 السبت ,13 آب / أغسطس

الخبز قبل الغاز... في لبنان

GMT 05:00 2018 الأربعاء ,11 تموز / يوليو

أفكار عملية بسيطة لتنسيق حديقة منزلك في صيف 2018

GMT 05:38 2018 الأحد ,17 حزيران / يونيو

"ماتشو بيتشو" مدينة ألانكا لغز وعظمة طاغية

GMT 18:14 2018 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

محاضرة بتعاوني جنوب حائل السبت

GMT 17:50 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الاختلاف والتميز عنوان ديكور منزل الممثل جون هام

GMT 01:19 2016 السبت ,17 أيلول / سبتمبر

د. باسم هنري يُبشّر بعلاج للإنزلاق الغضروفي

GMT 18:18 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أترك قلبك وعينك مفتوحين على الاحتمالات

GMT 07:12 2018 السبت ,08 أيلول / سبتمبر

جهزي طعامك بنفسك في مطعم " Dinning Club" في لندن

GMT 22:10 2018 الأربعاء ,29 آب / أغسطس

توقيف شخصا هاجم السفارة الفرنسية في الرباط
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca