كلينتون تتميز عن أوباما… دون الانقلاب عليه

الدار البيضاء اليوم  -

كلينتون تتميز عن أوباما… دون الانقلاب عليه

بقلم : خيرالله خيرالله

كان انتخاب مرشّح الحزب الجمهوري رونالد ريغان رئيسا للولايات المتحدة في مثل هذه الأيّام من العام 1980، بمثابة ردّ فعل على الفشل المتكرر لجيمي كارتر في كلّ منطقة من مناطق العالم، خصوصا في إيران. كان النجاح الوحيد الذي حقّقه كارتر في كامب ديفيد. يعود الفضل في ذلك إلى أنور السادات، الرجل الاستثنائي الذي ألقى على الرئيس الأميركي مهمة إيجاد تسوية مع إسرائيل.

أدّى ذلك إلى الاتفاقيْن المعروفيْن باتفاقي كامب ديفيد اللذين وقعهما كارتر والسادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن، الذي قبل الانسحاب من سيناء وتفكيك كل المستوطنات المقامة في شبه الجزيرة المحتلة منذ العام 1967، ممهدا الطريق لمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية في آذار ـ مارس 1979.

ارتبط اسم جيمي كارتر بالفشل الإيراني. كان فشلا على كلّ صعيد تُوّج باحتجاز مجموعة من الدبلوماسيين الأميركيين إثر احتلال السفارة الأميركية في طهران طوال 444 يوما ظهرت فيها الولايات المتحدة دولة عاجزة لا تستطيع حماية إحدى سفاراتها ولا القيام بعملية إنقاذ ناجحة لدبلوماسييها.

لم يُطلق هؤلاء الدبلوماسيون إلّا بعد الانتخابات الأميركية وفوز ريغان على كارتر. لعبت إيران دورا حاسما في تقرير نتيجة الانتخابات بإصرارها على عدم إطلاق الدبلوماسيين الأميركيين، الرهائن لديها، قبل توجّه الناخبين الأميركيين إلى صناديق الاقتراع. أذلّت كارتر حتّى اليوم الأخير من ولايته.

تبيّن لاحقا أن صفقة عُقدت بين الإيرانيين والمجموعة المحيطة بريغان. شملت الصفقة عدم إطلاق السلطات الإيرانية الرهائن الأميركيين قبل يوم الانتخابات. وهذا ما حصل بالفعل في عالم كان يعيش في ظلّ الحرب الباردة.

تميّز عهد ريغان الذي استمر حتّى مطلع العام 1989 بتذبذب في العلاقات مع إيران إذ ترافق مع الحرب العراقية ـ الإيرانية التي انتهت باحتواء إيران التي قبلت أخيرا وقف النار بعد إطلاق الطراد الأميركي “فينسينز” صاروخين عن طريق “الخطأ” أسقط أحدهما طائرة ركّاب إيرانية.


طوال عهد ريغان، وطوال العهود التي تلته، كانت هناك علاقة غريبة مع إيران التي استطاعت تحقيق اختراق كبير على الصعيد الإقليمي. سمح لها هذا الاختراق، الذي نرى نتائجه اليوم على الأرض، بالانتصار على العراق في ضوء الأخطاء القاتلة التي ارتكبها صدّام حسين من جهة، ومشاركتها في الحرب التي شنها جورج بوش الابن في العام 2003 لتغيير النظام في بغداد من جهة أخرى.

في عهد باراك أوباما، تغيّرت السياسة الأميركية تجاه إيران كلّيا. لم تعد هذه السياسة تتسم بأي نوع من الحيرة. هناك رهان على إيران تعبّر عنه الرغبة الأميركية في حماية الاتفاق في شأن ملفّها النووي الذي أمكن التوصل إليه صيف العام الماضي.

ليس سرّا أن أوباما محاط بمجموعة من المستشارين يشكلون الحلقة الضيّقة التي يتخذ فيها القرار الأميركي.

هؤلاء المستشارون المعجبون بإيران يشكلون أهمّ لوبي إيراني في الولايات المتحدة.

تحوّل الشعب السوري إلى ضحايا للسياسة الأميركية القائمة على عدم إزعاج إيران وتوفير كل المبالغ والتسهيلات التي تحتاج إليها لمنع اقتصادها من الانهيار.

هل يتغيّر شيء في عهد هيلاري كلينتون؟

قبل كلّ شيء يبدو واضحا أن روسيا وإيران تعملان حاليا على فرض أمر واقع على الأرض. روسيا تستفيد من تحييد تركيا ومن التنسيق القائم بين فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، فيما تستفيد إيران من خوف أوباما من أي مساس بالاتفاق النووي بين مجموعة الخمسة زائدا واحدا من جهة وإيران من جهة أخرى.

لا يمكن القول إن فوز هيلاري كلينتون مضمون مئة بالمئة، لكنّ كلّ المؤشرات تظهر أنّ حظوظ دونالد ترامب شبه معدومة. هناك موقف محدد للمرشح الجمهوري من الاتفاق في شأن الملفّ النووي الإيراني.

يعتبر ترامب الاتفاق مضرا بالولايات المتحدة، فيما هناك تمايز بين هيلاري كلينتون وباراك أوباما. يقوم هذا التمايز على أن لإيران مصلحة في المحافظة على الاتفاق. هذا يعني أنّ ليس ضروريا مراعاة إيران على حساب الحلفاء العرب، خصوصا في منطقة الخليج، كما لا ضرورة للتضحية بالشعب السوري إرضاء لعلي خامنئي والمشروع التوسّعي الإيراني ولفلاديمير بوتين.

هناك تمايز بين أوباما وكلينتون. لا يمكن الكلام عن اختلاف جذري بينهما. بكلام أوضح، ستحافظ إدارة كلينتون على الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع إيران، ولكن لا حاجة إلى الذهاب بعيدا، كما فعل باراك أوباما، في استرضاء الإيرانيين… لا في سوريا ولا في العراق ولا في اليمن ولا حتّى في لبنان.

سيعتمد الكثير على الذين ستختارهم كلينتون ليكونوا قريبين منها، إن في البيت الأبيض وإن في مجلس الأمن القومي أو في الخارجية والدفاع والأجهزة الأمنية. سيكون عهدها مختلفا ولكن في حدود معيّنة.

لن يكون هناك انقلاب على عهد أوباما، لكن الإدارة الأميركية ستعود إدارة طبيعية إلى حدّ ما. سيعود هناك دور لوزارة الخارجية، كذلك دور للبنتاغون، وستكون هناك كلمة للعسكريين الذين يعرفون الوضع القائم على الأرض.

لن يعود كلّ شيء يتقرر في تلك الحلقة الضيّقة المحيطة بأوباما والتي معظم أفرادها من المعجبين بإيران وبدورها على الصعيد الإقليمي من منطلق أن الإرهاب “سنّي” وأن لا علاقة للميليشيات المذهبية التي تستخدمها إيران في الشرق الأوسط والخليج بأي نوع من الإرهاب.

بالنسبة إلى باراك أوباما والمحيطين به، ما يحصل في سوريا حرب على الإرهاب يخوضها النظام مع إيران وروسيا. ليست البراميل المتفجرة سوى هدايا لأطفال سوريا. أما تدمير المدن السورية مثل حمص وحماة وحلب، فهو يندرج في مخطط بعيد المدى يندرج في إطار خطة للتنمية وتوفير حدائق عامة لأهل هذه المدن!

ستكشف الأسابيع القليلة المقبلة التي تفصل عن حفلة التسلم والتسليم بين أوباما وكلينتون (على الأرجح) مدى التغيير الذي سيطرأ على السياسة الأميركية. سيكون هناك تغيير، إذ لا يمكن لأي رئيس أميركي أن يصل في الارتماء في أحضان إيران إلى ما وصل إليه باراك أوباما بفكره الساذج من جهة، وتجاهله للمشروع التوسّعي الإيراني من جهة أخرى.

يبقى السؤال إلى أي مدى ستذهب هيلاري كلينتون في التغيير. الأكيد أنّها لن تذهب بعيدا. لكن الأكيد أيضا أن معرفتها بالمنطقة وإيران وأهمية الحلفاء العرب في الخليج ستجعلها تعتمد سياسة أكثر واقعية تقوم على أن لا فارق بين “داعش” السني و“الدواعش الشيعية” مثل “الحشد الشعبي” في العراق، وأنّ لا حاجة إلى الاعتراف بإيران كقوة عظمى على الصعيد الإقليمي بمقدار الحاجة إلى أن تكون دولة طبيعية تهتمّ، أول ما تهتم، بأمور الإيرانيين الذين يعيش أكثر من نصفهم تحت خط الفقر!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كلينتون تتميز عن أوباما… دون الانقلاب عليه كلينتون تتميز عن أوباما… دون الانقلاب عليه



GMT 19:41 2022 الجمعة ,14 تشرين الأول / أكتوبر

معركة حياة أو موت لـ"الحرس" في إيران

GMT 23:27 2022 الخميس ,18 آب / أغسطس

​إيران تستعرض عضلاتها

GMT 14:59 2022 الثلاثاء ,16 آب / أغسطس

إيران تحاول استعادة المبادرة في العراق...

GMT 19:55 2022 الإثنين ,15 آب / أغسطس

«حماس» بالمختصر المفيد

GMT 16:11 2022 السبت ,13 آب / أغسطس

الخبز قبل الغاز... في لبنان

GMT 03:36 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

تعرفي على أهم صيحات المكياج لشتاء2018

GMT 17:04 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 05:48 2018 الثلاثاء ,10 إبريل / نيسان

أفضل الطرق لتثبيت مساحيق التجميل على البشرة

GMT 14:35 2016 الأربعاء ,20 كانون الثاني / يناير

بودريقة يثير غضب الناصيري وجماهير الوداد البيضاوي

GMT 18:36 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 12:35 2018 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

عشرات القتلى جراء حريق داخل مستشفى في كوريا الجنوبية

GMT 04:55 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

الفنانون الذين فارقوا الحياة خلال عام 2017

GMT 11:09 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

الطقس و الحالة الجوية في الريش

GMT 23:31 2014 الإثنين ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

بيتزا الجمبري
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca