مستقبل الكتيبة المغربية في "داعش"

الدار البيضاء اليوم  -

مستقبل الكتيبة المغربية في داعش

توفيق بو عشرين

خلط تنظيم داعش في سوريا والعراق كل الأوراق في المنطقة، وصار اليوم، بسبب الخيارات الطائفية للمالكي وإيران، ممثل السنة في العراق، ودولته لم تعد شعارا في الأعلام السوداء وفيديوهات الدعاية
بل صارت أمرا واقعا من خلال سيطرته، مع تنظيمات مسلحة أخرى، على مدن ومحافظات كاملة، بل إنه تحول من حرب العصابات إلى حرب جيش شبه نظامي مدرب ومسلح أفضل من بعض قطاعات الجيش العراقي المكون أساسا من ميليشيات شيعية تسلمت السلطة من يد الاحتلال الأمريكي، وشرعت تنتقم للحسين وعلي وزينب من «النواصب» في بلاد فسيفسائية شديدة التعقيد دينيا ومذهبيا وعرقيا...
أصبح داعش جيشا صغيرا عابرا للحدود.. جيشا عقائديا مشكل من عرب ومسلمين وأجانب من كل الجنسيات والدول والمناطق. زعيمه، أبو بكر البغدادي، لا يعرف عنه أحد شيئا، غير أنه عراقي في الأربعينات، كان مدرس أديان قبل أن يتفرغ لجهاد أمريكا، ثم عندما خرجت جيوشها تحول إلى قتال الشيعة والصحوات السنية، وعندما اندلعت الثورة في سوريا، نقل مركز نشاطه إلى هناك، وأصبح رقما صعبا في معادلة مجنونة.
خرجت «الدولة الإسلامية في العراق والشام» من عباءة القاعدة، على يد الزرقاوي في البداية، لكنها سرعان ما استقلت بذاتها وفتحت لها حسابا خاصا في بنك الفتنة الطائفية والدينية، ودخلت في صراع مسلح ودموي حتى مع وكيل القاعدة الرسمي في سوريا، والمقصود جبهة النصرة التي أخذت الإذن والمباركة من الظواهري قبل أن تفتح فرعا للقاعدة في سوريا.
لا يعرف أحد، على وجه الدقة، عدد المغاربة المجندين في صفوف داعش، لكن أقل التقديرات تقول إنهم في حدود 3000 إلى 4000 عنصر، وهؤلاء جلهم شباب دون الأربعين لم يذهبوا للسياحة في العراق وسوريا، بل ذهبوا للقتال وتعلم أشد وسائل الفتك بأعدائهم، وفوق هذا يتلقون، مع التدريبات على الأحزمة الناسفة وإطلاق الصواريخ واقتحام الثكنات وحفلات الإعدام الجماعية، تكوينا عقائديا وإيديولوجيا أكثر خطورة من وسائل القتل التي في أيديهم. هؤلاء لن يرجعوا على متن رحلات الخطوط الملكية الجوية، سيعودون غدا عبر الحدود البرية من أول دولة تسقط في الفوضى، كما هو حال ليبيا اليوم، والجزائر غدا. لا ننس أن لأسامة بن لادن سفيرا في الجزائر هو أبو مصعب عبد الودود، قائد تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وهذا الأخير ينتظر على مهل اندلاع الفوضى في بلاد المليون شهيد الذي لم يعرف كيف يختار رئيسا من خارج غرفة الإنعاش...
إن الجيوش الجهادية العابرة للقارات هذه أصبحت تشكل تحديا كبيرا للأمن القومي للبلاد العربية والمغاربية ونيرانها ليست بعيدة عنا بحكم أن داعش مغربية أيضا، لأنها استطاعت أن تغرر بآلاف الشباب وتدفعهم لحمل السلاح بحثا عن الموت المؤدي إلى «الحور العين».
 لنا أن نتصور أن الجيش العراقي الذي هزم أمام داعش والمليشيات المسلحة الأخرى في الموصل ونينوى والمناطق السنية كان مجهزا بأحدث الأسلحة الأمريكية، حتى إن مسؤولا في البيت الأبيض قال إن داعش وأخواتها سيطرت على أسلحة للجيش العراقي قيمتها 15 مليار دولار...
إننا نشهد اليوم أكبر عملية تخرج لأفواج من المقاتلين العرب من تحت خيمة داعش، فيها الوحدات الخاصة والضابط والجنود وربما الجنرالات الذين سيتحولون إلى أبطال غدا في عيون أتباعهم، لأنهم استطاعوا أن يسقطوا مدنا ويهزموا جيوشا ويأسروا الآلاف. علينا أن نفكر من الآن في كيفية تفكيك الكتيبة المغربية في داعش، التي تتوسع يوما بعد آخر؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مستقبل الكتيبة المغربية في داعش مستقبل الكتيبة المغربية في داعش



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:21 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

متى وأين المصالحة التالية؟

GMT 18:16 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

درس للمرشحين الأميركيين

GMT 18:08 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

التيه السياسي وتسييس النفط

GMT 19:15 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 16:52 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الإصابة تحرم الأهلي من رامي ربيعة في مباراة الإسماعيلي

GMT 23:44 2017 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

شمال الأطلنطي يحسم بطولة كأس الجامعات القطرية للرجال

GMT 15:27 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

التصميم المميز للزجاجة والروح الأنثوي سر الفخامة

GMT 08:49 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

أليساندرو سارتوري يسرق الأنظار إلى "زينيا" بابتكاراته

GMT 12:55 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

جزيرة منمبا في زنجبار تتمتع بمناظر طبيعية نادرة ورومانسية
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca