سبعة مؤشرات مقلقة..

الدار البيضاء اليوم  -

سبعة مؤشرات مقلقة

بقلم : توفيق بو عشرين

كثيرة هي المؤشرات المقلقة التي ترتسم في الأفق السياسي المغربي تدفع المراقب إلى الخوف على التجربة الديمقراطية الهشة في البلاد، والخوف من الرجوع إلى الوراء، وإغلاق القوس الإصلاحي الذي فتح قبل خمس سنوات… إليكم بعض هذه المؤشرات التي تعزز انطباع الخوف على التجربة الحالية:
-1 إنزال العتبة الانتخابية إلى 3‏٪ مقدمة لبلقنة المشهد الانتخابي، وإعادة الحياة إلى الأحزاب الاصطناعية وإلى استعمال الأموال لشراء الأصوات.
 -2 عرقلة التسجيل الإلكتروني في اللوائح الانتخابية بطلب من البام والاتحاد، ما أدى إلى عزوف الشباب عن التسجيل، وهذه العرقلة من قبل وزارة الداخلية تسببت في نزول حاد لمعدل التسجيلات الجديدة في اللوائح الانتخابية، حيث انتقلنا من مليون و900 ألف طلب تسجيل جديد في شتنبر 2015 إلى 500 ألف طلب تسجيل جديد في غشت من هذه السنة، وهو مؤشر على احتمال نزول معدل المشاركة في الانتخابات التشريعية يوم 7 أكتوبر.
-3 منع حزب العدالة والتنمية من التجمعات الجماهيرية ولقاء الناس، ومن مساعدة المواطنين في التسجيل باللوائح الانتخابية، في خرق سافر للأدوار التي أوكلها الدستور إلى الأحزاب السياسية.
-4 اللغة الحربية التي صيغت بها بلاغات الداخلية الثلاثة ضد حزب رئيس الحكومة، في سابقة من نوعها، لم يقم بها حتى إدريس البصري في أوج قوته وتسلطه عندما كانت الداخلية أم الوزارات ومطبخ السياسات (بلاغ خدام الدولة، بلاغ منع استطلاعات الرأي، ثم بلاغ غرق مناضل البيجيدي في الراشيدية).
-5 تضخيم بعض الأخطاء والتجاوزات التي يسقط فيها سياسيون أو دعاة قريبون من حزب العدالة والتنمية، كما وقع مع نازلة الشوباني والـ200 هكتار، وفضيحة فاطمة وعمر على شاطئ المنصورية، ما يعطي الانطباع بأن هناك من يضع إطارا سياسيا وإعلاميا وسيكولوجيا بطريقة «محترفة» لكي تدخل فيه هذه الأخطاء الشخصية، وتتحول إلى حملة سياسية تستهدف طرفا سياسيا مغضوبا عليه.
-6 إقدام وزارة الداخلية على توقيف كل مشاريع التنمية في الجماعات المحلية، حتى تلك التي انطلقت قبل شهور من انطلاق الحملة الانتخابية، بدعوى الخوف من توظيفها انتخابيا من قبل الأحزاب السياسية، والجميع يعرف أن الذي يقود أهم الجماعات المحلية ومجالس المدن الكبرى اليوم هو حزب البيجيدي، وهذا معناه حرمان كتيبة العمداء ورؤساء المجالس البلدية من تقديم خدمات عادية أو استثنائية إلى المواطنين مخافة ازدياد شعبية المصباح.
-7 زيادة الإشارات الدالة على وجود رعاية من السلطة لحزب الدولة، وذلك من خلال حضور الأنشطة والسفريات الرسمية، والانزعاج من حديث بنكيران المتكرر عن التحكم وازدواجية السلطة في المغرب (حكاية الدولتين)، ومحاولة تصوير كل هذا على أنه نهاية قبل الأوان لهذه الحكومة وللحزب الذي يقودها، على اعتبار أن نتائج صناديق الاقتراع ما هي إلا عنصر مكمل لإرادة أخرى هي التي تقرر في من يحكم أو لا يحكم.
كل هذه المؤشرات وغيرها ترسم، في النهاية، صورة واحدة، وهي أن السلطة خائفة من نتائج صندوق الاقتراع، وأنها لا تحتمل وجود حزب مستقل وذي شعبية كبيرة في الشارع حتى وإن كان محافظا ومواليا، وليس في برنامجه ولا ثقافته مراجعة أسس النظام السياسي، أو طريقة عمله لتصبح برلمانية وليس رئاسية، كما هو حاصل الآن.
إن خطاب بنكيران أصبح مزعجا لأنه يتكلم لغة الصراحة مع الناس، ولأنه لم يهمل الحزب الذي يرأسه، وبقي يتعهد التنظيم طيلة خمس سنوات نهاية كل أسبوع، ولم يدخل المصباح إلى الثلاجة، كما فعل عبد الرحمان اليوسفي مع حزبه عندما وصل إلى الحكومة، ثم إن بنكيران أمسك العصا من الوسط، فمن جهة، اتخذ قرارات صعبة في صالح الدولة وتوازن ماليتها وضد رغبات المواطنين (إصلاح التقاعد، إصلاح المقاصة، إلغاء التوظيف المباشر، تقليم أظافر النقابات وتقليل الإضرابات القطاعية)، ومن جهة أخرى، بقي قريبا من الشعب ومن فقرائه، مرة بالخطاب وسلاح التواصل الذي يتقنه أكثر من غيره، ومرة ببعض المبادرات الرمزية مثل زيادة منحة الطلبة وعدد الممنوحين، وإقرار دعم مالي للأرامل والمعاقين، وتوسيع التغطية الصحية، وتنزيل قرار التعويض عن البطالة، وتخفيض ثمن بعض الأدوية.
الإصلاح ليس تكتيكا.. الإصلاح خطوات صغيرة لكنها واثقة نحو التغيير، وعندما يصير الإصلاح تكتيكا للالتفاف على التغيير يصبح أداة من أدوات التحكم والسلطوية، ويزيد من تعقيد الأزمة.. أزمة الثقة في الدولة، وفي المستقبل، وفي صندوق الاقتراع، وقدرته على إفراز نخب جديدة ومشاريع جديدة وآمال جديدة.
لقد أعلن الجالس على العرش، بكل صراحة ووضوح، أنه يقف على المسافة نفسها بين كل الأحزاب المتنافسة أو المتصارعة على المرتبة الأولى في الانتخابات، وبقي على أدوات السلطة أن تترجم هذه الإرادة الملكية، وأن تترك أجهزة الدولة نظيفة ومستقلة ومحايدة وفي خدمة كل المغاربة.
لا يمكن أن تنظم مسابقة رياضية للعدو، ثم تطلب من أحد المتنافسين الركض برجل واحدة، وحتى إن قبل هو مذعنا للأمر الواقع، أو يقينا بأن خصومه ضعفاء، فإن الجمهور لن يقتنع بأنه أمام لعبة نظيفة وتنافس حقيقي. بعض الجمهور سيشجع العداء «بورجيلة وحدة» لأنه مظلوم، حتى وإن لم يكن من معجبيه، وبعض الجمهور سيغادر الحلبة لأنها لم تعد تغري بالمتابعة، وفي النهاية سيجد الجميع أنفسهم خاسرين… ما ينطبق على الرياضة ينسحب على السياسة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سبعة مؤشرات مقلقة سبعة مؤشرات مقلقة



GMT 06:02 2018 الأحد ,25 شباط / فبراير

حان وقت الطلاق

GMT 07:26 2018 الجمعة ,23 شباط / فبراير

سلطة المال ومال السلطة

GMT 06:39 2018 الخميس ,22 شباط / فبراير

لا يصلح العطار ما أفسده الزمن

GMT 05:46 2018 الأربعاء ,21 شباط / فبراير

الطنز الدبلوماسي

GMT 05:24 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

القرصان ينتقد الربان..

GMT 19:15 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 16:52 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الإصابة تحرم الأهلي من رامي ربيعة في مباراة الإسماعيلي

GMT 23:44 2017 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

شمال الأطلنطي يحسم بطولة كأس الجامعات القطرية للرجال

GMT 15:27 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

التصميم المميز للزجاجة والروح الأنثوي سر الفخامة

GMT 08:49 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

أليساندرو سارتوري يسرق الأنظار إلى "زينيا" بابتكاراته

GMT 12:55 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

جزيرة منمبا في زنجبار تتمتع بمناظر طبيعية نادرة ورومانسية
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca