بنكيران أمام امتحان

الدار البيضاء اليوم  -

بنكيران أمام امتحان

بقلم : توفيق بو عشرين

يستعد زعيم حزب العدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران، لخوض حملة انتخابية فريدة من نوعها.. انتخابات برهانات كبيرة وخطيرة في الوقت نفسه، فيوم 8 أكتوبر، يوم إعلان نتائج الانتخابات، سيكون مختلفا تماما عما سبقه، لهذا أتصور أنه لو أراد مواطن أن يقدم ملاحظة أو نقطة نظام إلى رئيس الحكومة، فماذا كان سيقول له؟

نقطة نظام الأولى: لا تغير من لغتك ولا عباراتك ولا صراحتك، تحدث مع الناس باللغة التي يفهمونها، وخاطبهم بالأسلوب الأقرب إلى عقلوهم وقلوبهم كما فعلت من قبل، ولا تجعل الحملة التي نظمت بعناية ضدك تنال من عزيمتك، ولا تجعل الخوف يتسرب إلى قلبك، فالخصم لا يستسلم أمام إنسان خائف. لا تفكر في ولاية ثانية ولا ثالثة، فكر في كيفية إقناع الناس بحصيلة حكومتك وأسلوبك وطريقة تدبيرك للشأن العام. فكر كيف تجعل المواطن يتحرر من الخوف واللامبالاة والكسل، ويذهب إلى صندوق الاقتراع يوم الجمعة 7 أكتوبر دون أن يستبدل صوته بـ200 أو 300 درهم، ودون أن يخضع للترهيب أو الترغيب. تحدث مع الناس عن المشاكل الحقيقية للبلاد، ولا تجعل التحكم شجرة تخفي غابة من الأعطاب والمشاكل والعوائق التي تحول دون نهوض البلاد. لقد صار لك مكبر صوت قوي في المغرب، فحاول استغلاله لقول الحقيقة للشعب، ولشرح مواطن الخلل في نظامنا السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي.

نقطة نظام الثانية: اعترف أمام الناس بأخطائك وقصور عملك، وضعف تقديرك لبعض القرارات والملفات. اعترف للناس بأنك لم تستطع أن تقود البلاد نحو انتقال ديمقراطي حقيقي، وأن السلطوية رجعت في عهدك لتجدد دماءها، وأن سعيك الحثيث إلى اكتساب الثقة كان على حساب الدستور الجديد، وعلى حساب دولة الحق والقانون، والحريات العامة وحقوق الإنسان وحرية التعبير والنشر، واستقلالية القضاء، وحياد الإدارة، ومكافحة الفساد…

ليس عيبا أن تعترف بنقاط ضعفك ومواطن قصورك، سيحترمك الناس أكثر، وسيقدرون أمانتك معهم، وقد يقفون خلفك لمواصلة الإصلاح بطرق أخرى. لقد كان شعارك: «الإصلاح في ظل الاستقرار» ذكيا ومناسبا للمرحلة الماضية، لكنك لم تضع تحت كلمة الإصلاح تعريفا دقيقا وخطوطا حمراء وشبكة للتقييم والحساب، كما لم تدقق في مفهوم الاستقرار حتى صار عندك الإصلاح محصورا في علاج بعض الاختلالات الاقتصادية والاجتماعية، وهي، على أهميتها، غير كافية لوضع البلاد على سكة التحول الديمقراطي، خاصة أنك ألغيت من جدول أعمالك الإصلاحات السياسية والقانونية الجوهرية (مثل إصلاح منظومة الانتخابات، وإصلاح القضاء، وإصلاح أجهزة الأمن، وإصلاح مالية الدولة…)، تحول الاستقرار عندك إلى نقيض للإصلاح، وكنت دائما تختار التضحية بالثاني لصالح الأول، وفي النهاية وجدت أن وزارة الداخلية صارت مسمارا في حذائك، وأنك تقود حكومة لا انسجام فيها، وأغلبية لا ود بينها.

نقطة نظام الثالثة: لا تعد الشعب بما لا تستطيع أن تقوم به، ولا ترفع من سقف انتظارات الناس، كما فعلت في 2011، فظهر الحمار في المغرب قصير، ومجال الإبداع في السياسة محدود في بلاد مسيجة بنظام إداري واقتصادي متحجر. حدث المواطنين عن الصعوبات الموجودة في طريق البلاد، والتزم أمامهم بأن حزبك لن يتحالف مع البام مهما حدث، وأنك تطلب تفويضا كاملا من الشعب لكي تباشر الإصلاحات الحقيقية، وأنك لا تخاف الرجوع إلى المعارضة ومغادرة كراسي الحكومة، فلا يوجد حزب حقيقي ومستقل يخاف الخروج من مياه السلطة. التزم أمام الناس بأنك إذا وصلت إلى رئاسة الحكومة فإنك لن تعيد تكرار الأخطاء السابقة، ولن تقبل بحكومة ربعها الأول تقنوقراطي، وربعها الثاني شبه تقنوقراطي، ونصفها الآخر مملوء بوزراء جلهم بلا كفاءة ولا قيمة مضافة.

تعاقد مع الناس على أرضية مشروع رؤية للإصلاح العميق للدولة وشؤونها، والتزم أمامهم ببرنامج واقعي وطموح في الوقت نفسه.. برنامج يلمسون نتائجه في حياتهم اليومية، والتزم أمامهم بالإجراءات المستعجلة التي ستقوم بها في 100 يوم من عمل حكومتك إذا فزت بالانتخابات، ففي الأشهر الثلاثة الأولى تحسم جل الأمور، وبعدها تصبح حركة الحكومة ثقيلة والمبادرة صعبة.. ضع الجميع أمام مسؤولياتهم، وارجع إلى مقر حزبك وانتظر حكم الناس.. إن أعطوك ثقتهم، فدافع عن إرادتهم وأصواتهم إلى النهاية، وإن اختاروا غير ذلك، فأغلق القوس وارجع إلى بيتك لكتابة مذكراتك.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بنكيران أمام امتحان بنكيران أمام امتحان



GMT 06:02 2018 الأحد ,25 شباط / فبراير

حان وقت الطلاق

GMT 07:26 2018 الجمعة ,23 شباط / فبراير

سلطة المال ومال السلطة

GMT 06:39 2018 الخميس ,22 شباط / فبراير

لا يصلح العطار ما أفسده الزمن

GMT 05:46 2018 الأربعاء ,21 شباط / فبراير

الطنز الدبلوماسي

GMT 05:24 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

القرصان ينتقد الربان..

GMT 19:15 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 16:52 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الإصابة تحرم الأهلي من رامي ربيعة في مباراة الإسماعيلي

GMT 23:44 2017 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

شمال الأطلنطي يحسم بطولة كأس الجامعات القطرية للرجال

GMT 15:27 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

التصميم المميز للزجاجة والروح الأنثوي سر الفخامة

GMT 08:49 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

أليساندرو سارتوري يسرق الأنظار إلى "زينيا" بابتكاراته

GMT 12:55 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

جزيرة منمبا في زنجبار تتمتع بمناظر طبيعية نادرة ورومانسية
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca