تدجين العدالة والتنمية

الدار البيضاء اليوم  -

تدجين العدالة والتنمية

بقلم : توفيق بو عشرين

قلت له إن حزب العدالة والتنمية يمشي سريعا على طريق الاتحاد الاشتراكي، الذي فرط في آمال الطبقات الوسطى، وارتمى في حضن حكومة تقنوقراطية بلا خريطة طريق نحو الانتقال الديمقراطي، وما هي إلا سنوات وسيجد المصباح نفسه جلسا في «القفة» نفسها مع أحزاب هجرها جمهورها لأنه فقد الثقة فيها… رد علي بما هو أسوأ وقال: «تقديرك غير دقيق، مصير العدالة والتنمية سيكون أسوأ من مصير الاتحاد الاشتراكي، الذي قاوم سنوات طويلة قبل أن يستسلم لشهوة المنصب، ويتخلى عن التزامه بالدفاع عن الإصلاحات. الاتحاديون أدوا ضريبة كبيرة قبل أن ينهاروا، أما إخواننا فاستسلموا عند أول اختبار. سيستمر الحزب لكن بدون روح، تماما مثل حزب النحناح في الجزائر (حمس). هل تحس له من طعم أو تأثير في السياسة الجزائرية؟». لم أجب عن السؤال وتركت الحديث مفتوحا على اتجاهات أخرى.

متحدثي ليس مراقبا ولا باحثا ولا مؤرخا، إنه قيادي بارز في حزب العدالة والتنمية، وأنا أتحفظ على ذكر اسمه مادمت لم استأذنه في نقل وجهة نظره إلى القراء… لكن كلامه يعكس إحساسا بالغبن جراء قبول العثماني، ومن معه، صفقة «حكومة أبريل».

أول أمس صدر تقرير عن معهد بروكينغز الأمريكي، المهتم بأحوال عدد كبير من الدول، حيث يعتبر واحدا من مطابخ القرار السياسي في واشنطن، وفيه نقرأ أن «حزب العدالة والتنمية التحق بركب الأحزاب المغربية المدجنة في المشهد السياسي بالمغرب، بعد قبوله الاستمرار في الحكومة، والتخلي عن الشروط التي كان يضعها في السابق للمشاركة فيها». وأضاف المعهد الأمريكي، في مقال تحليلي حول التطورات السياسية الحالية بالمغرب، أن «استمرار السلطة في نهج التدجين السياسي للأحزاب بدلا عن الدمقرطة الفعلية للبلاد، التي وعدت بها بعد الانتفاضات العربية لـ2011، يمكن أن ينعكس سلبا على استقرار المؤسسات ذاتها، فحتى لو تم تدجين العدالة والتنمية بنجاح، فمن الممكن أن تتطور أشكال جذرية للمعارضة في المجتمع، من خلال صعود النظرة الرافضة للمشاركة في الانتخابات، ونزول الثقة في المؤسسات المنتخبة التي يحتل فيها تقنوقراط الدولة واجهة القرار». هذه طريقة أخرى للنظر إلى مآلات إضعاف الأحزاب وتدجينها.

كتب محمد خيي الخمليشي، وهو شاب برلماني من البيجيدي عن مدينة طنجة، في صفحته في الفايسبوك قائلا: «باش تكون وزير الفلاحة… والصيد البحري… والتنمية القروية… والمياه… والغابات… ومنعرف آش آخور… وتحافظ على هذه الحقيبة لمدة تفوق عشر سنوات! كأنك الملاك المبعوث رحمة للفلاحة والفلاحين والمغرب الأخضر… خصك تكون أولا ماترشحتيش وماتقدمتيش للانتخابات! ومادرتيش الحملة، وما مسوقش للأحزاب ولا للسياسة، وما عمرك وعدتي الناس بالحفاظ على الأصوات ديالهم، ولا عمرك جبدتي الهدرة على الإرادة الشعبية، وخصك تكون سبق لك قلت أنك ستعتزل العمل الحزبي والسياسي… ومن بعد ما فيها باس تولي زعيم بالباراشوت في ليلة وحدة، وجيبولك عرام مخلط ديال الأحزاب وتدخل بهم السوق وتبيع وتشري… وباش تكون وزير الاقتصاد والمالية.. الحقيبة التي لا يفرط فيها أي رئيس حكومة في العالم فاز بالانتخابات، وتحافظ على هذه الحقيبة من حكومة إلى حكومة… وتكون فيها بوحدك لا شريك لك، ما معاك لا وزير منتدب، لا كاتب دولة، خصك تكون راكب مع مول الفلاحة والمازوط والحوت والغابة والما والضو… خصك تكون سبقت دزت والي، ومصبوغ بلون حزب ما عندو حتى لون، وعندو غير 37 بلاصة، ولكن قادر تبرهن بالألعاب السحرية أن 37 أكبر من 125».

وبخصوص تنازلات حزبه والتبريرات التي أعطى العثماني لهذه الصفقة، كتب النائب البرلماني خيي: «أما إذا زغبك الشيطان، وكنت من الحزب المتصدر للانتخابات، وتؤمن بالإرادة الشعبية، وترشحت وفزت بالمقعد ديالك مع الحزب اللي جددوا فيه الناس الثقة، واللي حقق نتائج غير مسبوقة، وانتصر على آلة جهنمية حارباتو بكل الوسائل… ومع ذلك بقى واقف حيت وقفو معاه المواطنين، وكنت باغي شي وزارة، لا قدر الله… خصك، أولا، تكون مستعد باش تقول أن الحزب ديالك انتصر للإرادة الشعبية في جميع الظروف، وخى يكون منهزم ويكون وقع اللي وقع… وثانيا، تختار بين كتابة الدولة في التنمية المستدامة وبين كتابة الدولة في الصناعة التقليدية، أو كتابة الدولة في النقل بدون نقل جوي… وفي أحسن الأحوال وزارة العلاقة مع البرلمان، أو وزارة الأسرة، أو وزارة حقوق الإنسان…». هذه المرارة الصاعدة من هذه التدوينة تعكس الجو العام في حزب سرق منه النصر الانتخابي الذي أحرزه في السابع من أكتوبر، وعوض أن يعترف بذلك، وأن يطالب بإرجاع المسروق وتصحيح الوضعية، راح يبرر ورطته، ويضفي شرعية على السرقة، ويقول إنها صفقة لتبادل المنافع، وإنها ستعود بالنفع على الحزب والبلد والاستقرار… تدجين الأحزاب صناعة قديمة في المغرب، الجديد اليوم أن الرأي العام أصبح يرفضها وبقوة، ويندد بها على نطاق واسع، لأن القول في السياسة اتسع، والتعليق على القرار لم يعد محصورا وسط «محترفي السياسة»، ولهذا على العثماني والرميد ويتيم والداودي ورباح وعمارة والخلفي وبوليف وبسيمة والآخرين أن يتحملوا مسؤولياتهم، وأن يخرجوا لإقناع الرأي العام بأن حكومتهم حكومة خرجت من صناديق الاقتراع، وأنها تمتلك شرعية سياسية، وأنها ليست قناعا لحكومة التقنوقراط.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تدجين العدالة والتنمية تدجين العدالة والتنمية



GMT 06:02 2018 الأحد ,25 شباط / فبراير

حان وقت الطلاق

GMT 07:26 2018 الجمعة ,23 شباط / فبراير

سلطة المال ومال السلطة

GMT 06:39 2018 الخميس ,22 شباط / فبراير

لا يصلح العطار ما أفسده الزمن

GMT 05:46 2018 الأربعاء ,21 شباط / فبراير

الطنز الدبلوماسي

GMT 05:24 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

القرصان ينتقد الربان..

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 12:41 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تبدو مرهف الحس فتتأثر بمشاعر المحيطين بك

GMT 09:52 2018 الإثنين ,13 آب / أغسطس

أمطار صيفية تعزل دواوير ضواحي تارودانت

GMT 07:59 2018 الأحد ,15 تموز / يوليو

"بورش" تحتفل بالذكرى الـ70 لسيارتها الأولى

GMT 16:15 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

سامح حسين يكشف عن الأفيش الأول لـ"الرجل الأخطر"

GMT 08:36 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

النفط ينخفض مع تهديد الصين برسوم جمركية على الخام

GMT 05:34 2018 الإثنين ,11 حزيران / يونيو

تعرف على أبرز علامات ظهور "ليلة القدر"

GMT 23:49 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

الليمون الحل النهائي للقضاء على "قشرة الشعر"

GMT 15:13 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

تغلبي على الخوف من عيوب جسدك مع ارتداء الحجاب
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca