رِجل الحكومة التي كسرت وليست رجل الوزير

الدار البيضاء اليوم  -

رِجل الحكومة التي كسرت وليست رجل الوزير

بقلم - توفيق بو عشرين

صورة وزير التشغيل، محمد يتيم، وهو يعرج للوصول إلى منصة الاجتماع في وجدة، بعدما تعرض لكسر في رجله -شفاه الله- تعكس بدقة وضع حكومة العثماني التي أصيبت بكسور خطيرة، وهي الآن لا تمشي، بل تعرج جراء عوامل كثيرة، ليس أخطرها الحجر الذي رمى به عبد الإله بنكيران أخنوش وحزبه ولشكر وقيادته. الحكومة التي خرجت من خيمة أبريل مائلة، لا غرابة إن سقطت قبل وصولها إلى محطة 2021.

ما يفرق الأحزاب الستة المشكلة للحكومة أكبر مما يجمعها، وأول لغم موجود تحت رجل هذه الحكومة أن حزب عزيز أخنوش يتخذ منها قنطرة للوصول إلى رئاسة الحكومة، وأن لكل حزب فيها وجهة مغايرة تماما، مثل ركاب في حافلة لا يقصدون المحطة نفسها، حيث سيأتي وقت يوقفون فيه المركبة، أو ينزلون منها.. المسألة مسألة وقت، وهذا طبيعي جدا، لأن الأغلبية لم تُبن على أسس سليمة، ولا على نية خالصة، ولا على أرضية مشروع سياسي دقيق. اسمعوا ما قاله مصطفى الرميد، في استجواب مع موقع «تيل كيل» بالعربية، موضحا الظروف التي تشكلت فيها الحكومة، ووجود أيادٍ أخرى تتدخل في صلاحية رئيس الحكومة لاختيار أغلبيته.. يقول الرميد: «الحق يقال إن الأخ سعد الدين العثماني، حينما عين رئيسا للحكومة، ربما هناك من أوعز إليه بأن يضم الاتحاد الاشتراكي، وهذا صحيح، لكن الأخ عبد الإله بنكيران أول من أخبر بذلك، وهو الأمين العام آنذاك، وقدر ألا يخبر المجلس الوطني».

لقد مضى الزمن الذي كانت فيه الحكومات طوال حياتها تعرج أو تنام أو يغمى عليها، ولا يعلم بأمرها أحد، بل وتستمر في مكاتبها رغم أن أحدا لا يشعر بها. اليوم الحكومات كلها توجد تحت المجهر، والذي لا يصل صوته إلى الرباط يخرج إلى الشارع بمكبر صوت للاحتجاج. اليوم، الإعلام القديم والجديد يتتبعان كل نقطة وفاصلة في البيت الداخلي للحكومة وأغلبيتها المبرقعة. اليوم هناك اهتمام أوسع بالسياسة وأخبارها لدى رأي عام لم يعد متسامحا تجاه من يحكم، وإزاء كل صاحب سلطة، لذلك، فإن مقاطعة الوزراء الزرق عمل المجلس الحكومي لن يمر مرور سحاب الصيف، وكذلك مقاطعة اجتماع الوزراء مع المواطنين في وجدة، بدعوى الانشغال بمؤتمر جهوي في العيون، والذي يعرف الجميع أنه لا يحتاج إلى حضور كل وزراء أخنوش لكي ينتخب رئيسا له على أسس قبلية ومالية… في حين أن في المغرب «دمالة» تتقيح كل يوم في جرادة، وتحتاج من كل وزير إلى جهد أو فكرة أو وقت أو حل لإطفاء الحريق في مدينة أصبحت حفرة مهجورة.

لقد انقلب الوضع كله ضد «الأحرار» بعدما بالغوا في رد فعلهم على خطاب «فصل الثروة عن السلطة»، الذي ألقاه بنكيران وسط شبيبة حزبه. ولأن حزب الفشوش اعتاد وضع الحزب «الأولى بالرعاية» في كل الحكومات، فإن عقله السياسي الصغير قاده إلى مقاطعة المجلس الحكومي الأخير، اعتقادا منه أنه يضغط على العثماني للرد على بنكيران، وإشعال حريق كبير في بيت حي الليمون، ناسيا أن الناطق الرسمي باسم المصباح هو الأمين العام، وأن بنكيران مجرد عضو بلا أي مسؤولية، وجاهلا أن المجلس الحكومي مؤسسة دستورية، وليس بيتا حزبيا لتصفية الحسابات بين أحزاب الائتلاف، وإلا فأخنوش ووزراؤه يعاقبون 34 مليون مغربي، وليس فقط العثماني وحزبه، وذلك بتعطيلهم غرفة القرار في المجلس الحكومي، وفي وزارات مهمة في الحكومة (مثل وزارات المالية، والفلاحة والصيد البحري والعالم القروي والمياه والغابات، والتجارة والصناعة، والرياضة والشباب، والعدل). لا يوجد في القانون التنظيمي المنظم لأشغال الحكومة شيء اسمه «إضراب الوزراء عن حضور المجلس الحكومي احتجاجا على حزب آخر». حتى في السياسة لا معنى لمقاطعة الوزراء عمل المجلس الحكومي، أو لقاء للحكومة مع الشعب. هناك حل من اثنين أمام الحزب غير المرتاح في الحكومة؛ إما الاستقالة من الحكومة، أو حل الخلافات في اجتماع الأغلبية، وعدم نقل الخلافات بين الأحزاب الستة إلى المشور السعيد… لكن، ولأن العثماني مغلوب على أمره، ولا يقدر قيمة 125 مقعدا التي يجلس عليها نوابه بفضل ثقة الشعب في حزبه، ولأنه لا يرى وجه الحكومة في مرآة الرأي العام كل صباح، ومأخوذ بنظرية المؤامرة والتشويش، ويتكئ على نخب «مهزومة نفسيا» في الأمانة العامة وفي الحكومة، فإنه سيستمر في لعب دور الإطفائي إلى أن يتوصل بإشعار نهاية الخدمة، وسيكتشف متأخرا أنه خسر الحكومة وخسر الحزب، وخسر صورته التي بناها على مدى أربعة عقود.

يوم الأحد ظهر أن هناك في المغرب حكومتين؛ واحدة في وجدة تكابد عناء بعث إشارات إيجابية إلى أبناء جرادة بأن حل مشاكلهم ممكن، وما عليهم إلا الصبر، وحكومة العيون المنشغلة بحملة انتخابية مبكرة جدا، وتحاول أن تأخذ مسافة من رئيسها، وتقاطع أنشطته، وتغيب عن مجلس حكومته، فيما العثماني، بأسلوبه التقليدي البارد، يحاول أن يغطي الشمس بالغربال، ويعتقد أن السياسة تمشي بالجمل المتقطعة وأسلوب الحيل الفقهية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رِجل الحكومة التي كسرت وليست رجل الوزير رِجل الحكومة التي كسرت وليست رجل الوزير



GMT 15:52 2021 الثلاثاء ,16 آذار/ مارس

بايدن في البيت الأبيض

GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 08:13 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العقرب الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 17:59 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء محبطة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 02:12 2018 السبت ,07 تموز / يوليو

قطار ينهي حياة شيخ ثمانيني في سيدي العايدي

GMT 10:19 2018 الثلاثاء ,17 إبريل / نيسان

"خلطات فيتامين سي" لشعر جذاب بلا مشاكل

GMT 13:54 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

نصائح مهمة لتجنب الأخطاء عند غسل الشعر

GMT 13:08 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

اختتام فعاليات "ملتقى الشبحة الشبابي الأول " في أملج

GMT 16:52 2015 الثلاثاء ,14 تموز / يوليو

كمبوديا تستخدم الجرذان في البحث عن الألغام

GMT 04:44 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

تصميم مجمع مباني "سيوون سانغا" في عاصمة كوريا الجنوبية

GMT 06:28 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

خبير إتيكيت يقدم نصائحه لرحله ممتعة إلى عالم ديزني

GMT 12:22 2016 الأربعاء ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مقتل 7 على الأقل في قصف جوي ومدفعي على حي الفردوس في حلب

GMT 04:48 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمير الوليد بن طلال يؤكد بيع أسهمه في "فوكس 21"

GMT 22:13 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

منتخب غانا يهزم نظيره المصري في بطولة الهوكي للسيدات
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca