يوم رفع الملك الورقة الحمراء في وجه بنكيران

الدار البيضاء اليوم  -

يوم رفع الملك الورقة الحمراء في وجه بنكيران

بقلم : توفيق بو عشرين

هذا مقال نشر في الرابع من غشت سنة 2016، أي قبل إجراء الانتخابات التشريعية في الثامن من أكتوبر، والتي حملت حزب المصباح إلى المرتبة الأولى، لكنها لم تحمل بنكيران إلى ولاية ثانية. إعادة نشر هذه الافتتاحية ليست ادعاء تنبؤ بأثر رجعي، لكنها إسهام في توضيح صورة مضببة لدى الكثيرين. المقال كان عبارة عن دردشة مع أحد المحللين العارفين بخبايا القرار والقريبين من عقلية السلطة في المغرب، وفيه يتوقع سيناريو البلوكاج قبل الانتخابات، وسيناريو إزاحة بنكيران وتعويضه بالعثماني قبل 8 أشهر. وفي النهاية، كل واحد يستخلص ما يشاء، فالقراءة مفتوحة للجميع.

‘‘هذا ملخص حوار مفتوح مع واحد من المحللين القريبين من مطبخ الدولة، الذين يدافعون عن أطروحتها في ضرورة هندسة المشهد الانتخابي، وعدم ترك الحبل على الغارب، لأن المملكة الشريفة مازالت في حاجة إلى ضبط وربط، ولأن المغربي لم ينضج بعد ليكون مثل الفرنسي أو الإنجليزي أو السويسري، يذهب إلى صندوق الاقتراع، فينهي عمر حكومة وينصب حكومة أخرى بناء على برنامجها. صديقنا يؤمن بأن للدولة المغربية خصوصية لا تنتهي، وأن الملكية فيها يجب أن تبقى مهيمنة على الحياة السياسية، ووصية عليها، حتى وإن كان للجالس على العرش رأي آخر. وصاحبنا يرى أن دستور 2011 كان فلتة يجب ألا تتكرر، وأن المطلوب الآن، وقد صار الدستور واقعا، أن يؤول رئاسيا لا برلمانيا، والطريق إلى ذلك هو إحياء لعبة التوازنات الحزبية، لكن، بإدارة جديدة، حيث تظل الأوراق كلها بيد القصر… وهذا مقتطف من حوار طويل بين كاتب هذه السطور (الصحافي) وبين «المحلل»، الذي نحجب اسمه هنا احتراما لرغبته في عدم الكشف عن هويته، ولأن الأسماء غير مهمة في هذا السياق، المهم هو الأفكار والمخططات التي تقبع في العقل المحافظ للدولة.

المحلل: هل تمعنت في الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش (30 يوليوز 2016)؟ إنه رسالة واضحة إلى بنكيران وحزبه، مفادها أن الدولة أخذت بزمام الأمور، وأن القصر لن يتسامح مع البيجيدي من هنا فصاعدا (appel à l’ordre).

الصحافي: نعم استمعت إلى الخطاب، وقرأت فيه رسائل عدة، أهمها كانت موجهة إلى بنكيران بضرورة تغيير أسلوبه في الحديث عن الملك، لكن بقية الرسائل كانت أيضا موجهة إلى البام والأحزاب الأخرى، مفادها أن الملك هو ملك لكل المغاربة، وأنه لا ينتمي إلى أي حزب.

المحلل: الخطاب الملكي ورقة حمراء إلى بنكيران، والرسالة تقول إن القصر ليس له مشكل مع حزب العدالة والتنمية، لكن لديه مشكلا مع عبد الإله بنكيران. ألم تقرأ الفقرة التي نشرتها مجلة «جون أفريك» عن مقرب من القصر (التسريبات الأخيرة)، وهي تثير نقطة انتهاء الولاية الانتخابية لبنكيران على رأس حزبه، وأن التمديد له كان محدودا في الزمن لإدارة الانتخابات فقط، لا لإدارة المرحلة السياسية المقبلة.

الصحافي: تتبعت كل هذا، لكن ما قلته مجرد «تكتيكات لحظة»، وليس «استراتيجية مرحلة». لا تبن تحليلا كاملا للمقبل من الأيام على سوء فهم عابر، فللقصر الملكي حسابات أعقد وأشمل من حسابات كل الفاعلين، حتى القريبين منه، لأن مسؤوليته أكبر وأخطر.

الذي سيحدد مستقبل بنكيران هو، أولا، النتائج التي سيحققها في السابع من أكتوبر. إذا حصل على نسبة كبيرة من الأصوات والمقاعد، فإنه سيضمن 80٪‏ من الولاية الثانية، وإذا حقق نتائج أقل مما يتوفر عليه الآن من مقاعد في مجلس النواب، فسيذهب من تلقاء نفسه إلى بيته، لكن، لا تنسَ، سواء اتفقنا أم اختلفنا مع بنكيران، أنه صار زعيما، ووضعه الآن يختلف كليا عن وضع اليوسفي وعباس الفاسي اللذين تم صرفهما من الخدمة قبل الأوان.

المحلل: أنت لا تعرف المخزن وتاريخ المخزن. لا أحد يصمد أمامه، وإذا أراد شيئا يفعله. حزب بنكيران، حسب تقديري، سيحصل على المرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية المقبلة، وسيكلفه القصر الملكي بتشكيل حكومة جديدة، لكنه سيطوف على كل الأحزاب، ولن يتمكن من الحصول على الأغلبية. سترفض أحزاب التجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية والاتحاد الاشتراكي… التحالف معه، فيما حلفاؤه في التقدم والاشتراكية والاستقلال لن تكفي مقاعدهم لجمع الأغلبية. عندها سيرجع بنكيران إلى الملك، ويعلن فشله ويرجع إلى بيته، بعدها سنكون أمام سيناريوهين؛ الأول أن يكلف الملك الحزب الثاني (البام على الأرجح) بتشكيل ائتلاف حكومي، وأنا أستبعد هذا السيناريو، لأن هذا معناه نزول المصباح إلى المعارضة، وهذا خطر في المرحلة المقبلة، أما السيناريو الثاني -وهو المرجح عندي- فهو أن القصر سيُفهم بنكيران أن الأحزاب التي رفضت التحالف معه لا تعترض على الحزب لكنها تعترض على شخص بنكيران، ولهذا، قد يكلف الملك، بعد التشاور مع الجميع، سعد الدين العثماني أو الرباح بمهمة تشكيل الحكومة المقبلة، وبذلك، يتم التخلص من بنكيران، ويتم الاحتفاظ بالمصباح في الحكومة، ويتم استخراج شهادة ميلاد شرعية للبام.

الصحافي: هذا السيناريو مبني كله على تراجع شعبية بنكيران وحزبه في انتخابات أكتوبر، فيما نتائج انتخابات شتنبر من العام الماضي تقول عكس هذا. لقد حصل المصباح على 600 ألف صوت جديد مقارنة بما حصل عليه في نونبر 2011، أي أنه، بعد أربع سنوات من قيادة الحكومة، لم تتراجع شعبية بنكيران، بل بالعكس ازدادت، فكيف ستتراجع في السنة الأخيرة، وقد أصبح يبسط يده على جل المدن الكبرى والمتوسطة. ثم لا تنسَ أن حزب العدالة والتنمية فيه ديمقراطية داخلية غير موجودة في الأحزاب الأخرى، وأن قرار العدول عن بنكيران إلى غيره، سواء الرباح أو العثماني، لن يمر بسهولة، وقد يؤدي إلى شق الحزب… لا تنسَ، يا سيدي، أن هناك عرفا استقر في الحياة السياسية يقضي بتعيين رئيس الحزب وزيرا أول أو رئيسا للحكومة، وأن الحسن الثاني فضل انتظار اليوسفي حتى يعود من منفاه في «كان» ليضعه وزيرا أول، دون أن يكون هناك دستور يلزم الملك بتعيين رئيس الحكومة من الحزب الفائز، ثم إن هذا السيناريو مبني على تجاهل الرأي العام وما يريده وما لا يريده’’.

انتهت افتتاحية غشت، وأعترف بأنني كنت متفائلا أكثر من صديقي المحلل الذي كان واقعيا، لكننا أمام حلقة فقط من هذا الفيلم، والباقي قد يحمل مفاجآت غير متوقعة.. لنتابع.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يوم رفع الملك الورقة الحمراء في وجه بنكيران يوم رفع الملك الورقة الحمراء في وجه بنكيران



GMT 06:02 2018 الأحد ,25 شباط / فبراير

حان وقت الطلاق

GMT 07:26 2018 الجمعة ,23 شباط / فبراير

سلطة المال ومال السلطة

GMT 06:39 2018 الخميس ,22 شباط / فبراير

لا يصلح العطار ما أفسده الزمن

GMT 05:46 2018 الأربعاء ,21 شباط / فبراير

الطنز الدبلوماسي

GMT 05:24 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

القرصان ينتقد الربان..

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 12:41 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تبدو مرهف الحس فتتأثر بمشاعر المحيطين بك

GMT 09:52 2018 الإثنين ,13 آب / أغسطس

أمطار صيفية تعزل دواوير ضواحي تارودانت

GMT 07:59 2018 الأحد ,15 تموز / يوليو

"بورش" تحتفل بالذكرى الـ70 لسيارتها الأولى

GMT 16:15 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

سامح حسين يكشف عن الأفيش الأول لـ"الرجل الأخطر"

GMT 08:36 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

النفط ينخفض مع تهديد الصين برسوم جمركية على الخام

GMT 05:34 2018 الإثنين ,11 حزيران / يونيو

تعرف على أبرز علامات ظهور "ليلة القدر"

GMT 23:49 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

الليمون الحل النهائي للقضاء على "قشرة الشعر"

GMT 15:13 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

تغلبي على الخوف من عيوب جسدك مع ارتداء الحجاب
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca