أخنوش ولشكر وشباط والزفزافي.. ماذا يجمع بينهم؟

الدار البيضاء اليوم  -

أخنوش ولشكر وشباط والزفزافي ماذا يجمع بينهم

بقلم : توفيق بو عشرين

أربعة أسماء صنعت الحدث في الأسبوع الذي ودعناه يوم أمس، كل بطريقته وبأسلوبه وموقعه، هؤلاء الأربعة هم: عزيز أخنوش وإدريس لشكر وحميد شباط وناصر الزفزافي.

يجمع بين هؤلاء الزمن والجغرافيا، ويفرقهم ما تبقى، أي الحاضر والمستقبل.

عزيز أخنوش حول حزب عصمان إلى شركة، ونصب نفسه الرئيس المدير العام لها. جمع كل السلط بين يديه، وأعاد تركيز الأعيان في مجلس الإدارة، وعينه على الانتخابات. في اللحظة التي سيريد فيها «المخزن» التخلص من العثماني سيكون هو جاهزا لذلك، عبر تقوية الآلة الانتخابية المعتمدة على قوة المال والأعيان والرعاية السامية للدولة، والباقي يتكفل به النظام الانتخابي وشكل التقطيع والعتبة والإعلام المخدوم. أخنوش يحاول أن يأخذ دور «البام»، الذي أعطبه بنكيران ولم يعد صالحا لشيء.. لكن كل هذا دون عرض سياسي، ولا برنامج، ولا ذرة رحمة بمشهد سياسي يتعرض للتجريف، وشعب أصبح يوما بعد يوم غريبا عمن يحكمه.

إدريس لشكر لم يفعل الشيء الكثير هذا الأسبوع.. لقد دفن الاتحاد بعدما مات قبل سنوات، ثم رجع إلى بيته في الكيلومتر التاسع بطريق زعير. لقد تبرع الأخ إدريس على حزب بوعبيد بجنازة صغيرة في مؤتمر صغير وإعلان وفاة صغير في الصحف، وقال جملة ستبقى محفورة في ذاكرة ما بعد الاتحاد: «كان تناقضنا الرئيس، في ما مضى، مع الدولة الاستبدادية، وكنا نجد في المجتمع الحماية والرافعة في سنوات الرصاص. اليوم أصبح تناقضنا الرئيس مع المجتمع المحافظ الذي تعرفون لمن يعطي صوته». كلام لشكر صحيح بنسبة 90%. نعم، الاتحاد لم يعد له تناقض مع سلطوية الدولة، بل صار تناقضه الرئيس مع تطلعات المجتمع إلى الحرية والكرامة والديمقراطية، ليس لأن لشكر حداثي والمجتمع محافظ، وليس لأن لشكر تنويري والمجتمع ظلامي، بل لأن لشكر تنكر لهويته، والمجتمع لم ينسَ مطالبه وآماله. المجتمع يصوت لبنكيران وحزبه ليس لأن جميع شرائحه محافظة، بل لأن الجزء الأكبر من الناخبين اختار معاقبة أمثال لشكر والعنصر وساجد ومزوار، وبقية النخب التي اختارت التحالف مع السلطوية، أما حكاية المحافظ والتقدمي في السلوك الانتخابي للمغربي، فهي خطاطة مازالت بعيدة عن سياسة بلاد غارقة في «التقليدانية» من رأسها إلى أخمص قدميها.

حميد شباط وقف يوم الأحد يصرخ في وجه البوليس بقاعة مؤتمر ما بقي من الاتحاد العام للشغالين، وهو يحمل وزارة الداخلية المسؤولية عن استهداف حياته بعدما منع عبد الوافي لفتيت أتباعه من تنظيم مؤتمر النقابة. شباط يدفع ثمنا باهظا ليس على أخطائه الماضية، بل على تمرده على الدولة، وإفساد اجتماع يوم الثامن من أكتوبر، واختياره التحالف مع بنكيران على الوقوف خلف العماري… كلما تحصن شباط في زاوية من زوايا الحزب، سلطت المدفعية قصفها الشديد على بيت الاستقلال. إنها حرب شوارع حقيقية، تخوضها السلطة ضد شباط بكل الوسائل الممكنة، لأن حكما سياسيا صدر في حقه بإفراغ باب العزيزية، ومغادرة الحزب دون أي تعويض… هذا لم يحدث حتى في زمن كان صدر الدولة فيه ضيقا إلى أقصى حد بوجود الأحزاب إلى جانب العرش، فكيف يحدث هذا اليوم أمام أعين الجميع؟

ناصر الزفزافي أكمل الأسبوع وقد قاد أكبر تظاهرة سلمية تخرج في الريف للاحتجاج على سوء الأوضاع الاجتماعية والسياسية، ووقف الشاب، الذي لم يكمل تعليمه ولم يكمل عقده الرابع بعد، ولم يعثر، إلى الآن، على عمل، وسط الحشود، يحاكم المخزن والطبقة السياسية والسياسات العمومية ووزارة الداخلية، ويقسم بالله العلي العظيم أنه ورفاقه لن يخونوا، ولن يبيعوا، ولن يفرطوا في قضيتهم وإن خسروا أرواحهم، معلنين خطة لتصدير الاحتجاج إلى مدن أخرى حتى تتحقق الكرامة لشباب ظل منسيا من رحمة الدولة لعقود من الزمن.

البروفيلات الأربعة تعطينا فكرة عن مغرب اللحظة، عن طبيعة المرحلة، عن غياب الرؤية لدى الدولة، عن مجتمع ينفصل تدريجيا عن نخبه وأحزابه ونقاباته وسلطته وحكومته… الذي يتصور أن أخنوش سيصير زعيما لخلافة بنكيران، وأن الاتحاد يمكن بعثه للحياة في غرفة إنعاش الدولة، وأن شباط سيزاح من حزب الاستقلال بالقوة العمومية، وأن الزفزافي مجرد انفصالي وعميل للخارج، وأن الهدوء سيعود إلى براري الريف وجباله.. الذي ينظر إلى المغرب بهذه النظارات لن يرى الحقيقة أبدا، وقد لا يراها إلا بعد فوات الأوان، لا قدر الله.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أخنوش ولشكر وشباط والزفزافي ماذا يجمع بينهم أخنوش ولشكر وشباط والزفزافي ماذا يجمع بينهم



GMT 06:02 2018 الأحد ,25 شباط / فبراير

حان وقت الطلاق

GMT 07:26 2018 الجمعة ,23 شباط / فبراير

سلطة المال ومال السلطة

GMT 06:39 2018 الخميس ,22 شباط / فبراير

لا يصلح العطار ما أفسده الزمن

GMT 05:46 2018 الأربعاء ,21 شباط / فبراير

الطنز الدبلوماسي

GMT 05:24 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

القرصان ينتقد الربان..

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 12:41 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تبدو مرهف الحس فتتأثر بمشاعر المحيطين بك

GMT 09:52 2018 الإثنين ,13 آب / أغسطس

أمطار صيفية تعزل دواوير ضواحي تارودانت

GMT 07:59 2018 الأحد ,15 تموز / يوليو

"بورش" تحتفل بالذكرى الـ70 لسيارتها الأولى

GMT 16:15 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

سامح حسين يكشف عن الأفيش الأول لـ"الرجل الأخطر"

GMT 08:36 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

النفط ينخفض مع تهديد الصين برسوم جمركية على الخام

GMT 05:34 2018 الإثنين ,11 حزيران / يونيو

تعرف على أبرز علامات ظهور "ليلة القدر"

GMT 23:49 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

الليمون الحل النهائي للقضاء على "قشرة الشعر"

GMT 15:13 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

تغلبي على الخوف من عيوب جسدك مع ارتداء الحجاب
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca