ديمقراطية "خلي دار بوه"

الدار البيضاء اليوم  -

ديمقراطية خلي دار بوه

بقلم : توفيق بو عشرين

فقد المخزن أعصابه، ونفد صبره، وضاقت به السبل، ولَم يعد أمامه سوى أسلوب واحد لإنهاء حراك الريف وحركات التضامن معه في الشرق والغرب.. إنها العصا ولا شيء غير العصا، واللي معجبوش الحال يشرب البحر.

ديمقراطية الفلقة نزلت على رأس الصحافي والحقوقي والمؤرخ والمحامي والناشط المدني والمواطن العادي، ولا فرق بين شخصيات معروفة وأخرى مجهولة، ولا فرق بين شاب وشيخ، وبين فتاة وامرأة، كلهم قنافذ لا أملس فيهم، وإذا لم يفهموا أن المخزن لا يريد حلا سياسيا لأزمة الريف، وأن صدره ضاق بهذا الحراك الذي طال أكثر من اللازم، فالعصا فوق رؤوسهم، والصفع على وجوههم، والركل على مؤخراتهم، وامتهان كرامتهم، كلها أساليب إقناع فعالة ومجرّبة، وفي غالب الأحيان تعطي مفعولها مع «الأوباش»، حشاكم، أو من هم في حكمهم!

لا تغضب يا صديقي عبد العزيز النويضي من ضابط الشرطة الذي صفعك على وجهك لأنك ذكرته بالقانون، وبوجوب تنبيه المحتجين في الوقفة السلمية قبل المرور إلى استعمال القوة، وبضرورة الدخول إلى منازلهم يوم السبت الماضي، فالقانون، يا مستشار اليوسفي، وجد ليخرق. أنت لست في مدرج كلية الحقوق، أنت في الشارع العام حيث تتصرف السلطة على هواها، وهي تعرف أن عملة المحاسبة ممنوعة من الصرف في المغرب، وأن لا أحد سيحاسب مخزنيا أو سيمي أو بوليسي أو ضابطا أو كوميسير أو عاملا أو واليا أو وزيرا.. كلهم خدام دولة محميون، ومحصنون من المساءلة والمحاسبة والمثول أمام القانون الذي تعزف عليه السلطة كل يوم لحنا جديدا، بل ومتناقضا.

لا يحدث هذا إلا في المغرب… يوم الخميس تجلس مع وزير الدولة في حقوق الإنسان، مصطفى الرميد، للبحث عن مخرج سياسي لحراك الريف، ولكي تسمع من الوزير لغة المقاربة التشاركية والحقوقية، وفي يوم السبت تتلقى صفعة على وجهك، وركلة على صدرك، وإهانة على مسامعك، من شرطي تلقى الأوامر من رؤسائه أن «خلي دار بوه بلا رحمة ولا شفقة».. هذا له ثلاثة أسماء لا غير: النفاق، والارتباك، وعدم القدرة على تحمل المسؤولية وإيجاد حل للأزمة، ومن ثمة اللجوء إلى الشيء ونقيضه والأسلوب وعكسه.

 تأملوا أيها القوم هذه الفقرة من مقال صدر في أرفع مجلة في كل أوروبا، وهي المجلة البريطانية «ذي إيكونوميست»، تحت عنوان: «أيام قاسية في الريف»: «الحراك الذي هز شمال المغرب، للأشهر الثمانية الماضية، حراك مبدع بقدر ما هو طويل النفس. بعدما تم منع المسيرات بالساحة الرئيسة بالحسيمة، بؤرة الاضطراب، ثم تعنيفها من طرف الأمن وملاحقتها في الأزقة، نقل المحتجون مسيراتهم إلى البحر، معتقدين أن السلطات لن تلاحقهم هناك. 

لكن، في فاتح يوليوز، دخلت قوات مكافحة الشغب ببذلاتها النظامية إلى البحر، فيما كان المحتجون يرشونها بالماء وهم يرتدون ملابس البحر». وينتهي مقال «ذي إيكونوميست» بخلاصة قاسية تقول: «تعطل عجلة الإصلاح السياسي في البلاد جعل الحكومة غير مؤهلة للاستجابة لمطالب الساكنة، لكن البلاد مازالت مستقرة نسبيا، ومن غير المتوقع أن تعاني نسخة خاصة بها من الربيع العربي، لكن، عموما، يبدو المغرب أقرب إلى جواره المضطرب الذي يقوده مستبدون بعيدون عن نبض الشعب».

على العثماني وحزب العدالة والتنمية أن يقفا أمام مرآة الحقيقة ويجيبا عن سؤال: هل أعطاكم المغاربة مليوني صوت وعمادة كل المدن الكبرى والمتوسطة لتكونوا شهود زور على إهانتهم وعلى خليان دار بوهم، ولكي تمنحوا القمع بطاقة عودة إلى المغرب؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ديمقراطية خلي دار بوه ديمقراطية خلي دار بوه



GMT 08:07 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أخبار مهمة أمام القارئ

GMT 08:04 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الإمارات والأردن.. توافق لأمن المنطقة

GMT 08:01 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أسوأ عقاب أوروبى لأردوغان

GMT 07:59 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لهذا تقود أمريكا العالم!

GMT 07:57 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كسر الحلقة المقفلة في اليمن

GMT 11:40 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تتمتع بسرعة البديهة وبالقدرة على مناقشة أصعب المواضيع

GMT 18:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 12:24 2017 الثلاثاء ,22 آب / أغسطس

عودة الإلترات

GMT 07:22 2018 الثلاثاء ,24 تموز / يوليو

زوري أيسلندا للتمتع بمغامرة فريدة من نوعها

GMT 01:38 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

ميغان ماركل تنوي شكر صديقاتها في حفلة زفافها الثانية

GMT 06:54 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

رائد محسن يوضّح كيفية تربية الأطفال بالطرق الصحيحة

GMT 05:59 2016 الأحد ,07 شباط / فبراير

5 حيل ذكية لتهدئة بكاء الطفل سريعًا

GMT 12:20 2016 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

حسين فهمي وشيري عادل يفضلان الرسم ومحمد رمضان يعشق الرياضة

GMT 00:17 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

جامعة بريطانية تتيح درجة البكالوريوس في "البلايستيشن"

GMT 23:49 2018 الثلاثاء ,03 تموز / يوليو

وفاة أب وإبنته غرقا في نهر ضواحي جرسيف‎

GMT 12:35 2018 الجمعة ,08 حزيران / يونيو

توقيف محامي في تطوان مُتهم بتزوير أختام الدولة

GMT 04:53 2018 الجمعة ,01 حزيران / يونيو

طرق ترطيب الشعر الجاف في فصل الصيف

GMT 07:22 2018 السبت ,10 آذار/ مارس

"لاند روڤر" تُطلق أوّل سيارة كوبيه فاخرة
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca