إما الآن… أو لا

الدار البيضاء اليوم  -

إما الآن… أو لا

توفيق بو عشرين

فرصة كبيرة أمام حكومة بنكيران اليوم لإعداد مشروع قانون مالي «جيد»، يلبي انتظارات الفئات الأكثر هشاشة في المجتمع، وينعش التشغيل ويحفز الاستثمار، وينزل توصيات مناظرة إصلاح الضريبة، ولِمَ لا يسد بعض المنافذ التي يدخل منها الفساد والريع واستغلال المال العام لمراكمة ثروات غير مشروعة.

القانون المالي لسنة 2012 أعد في ظروف استثنائية، حيث كانت الحكومة «جديدة» على الكرسي، ولم يكن أمامها وقت لتسأل عن شيء أو لتتعلم شيئا، خاصة أن وزير المالية السابق، صلاح الدين مزوار، ترك «بيت مال المغاربة» فارغا، وترك على لوحة المؤشرات أرقاما مغلوطة تماما…

القانون المالي لـ2013 أعد في أجواء الخلافات بين شباط وبنكيران، الغريمين اللذين لا يمكن أن يجتمعا في مكان واحد، ولهذا خيمت على الأرقام والميزانيات والتقديرات والقرارات أجواء سياسية لا تساعد على وضع قانون مالي طموح.

القانون المالي لـ2014، أعد من قبل الحكومة الثانية نهاية سنة 2013، بعد دخول الأحرار لتعويض الاستقلال الذي غادر الحكومة. كان الجو غير الجو، وقد عاشت الحكومة على إيقاع بياض كاد يعصف بمستقبلها، حيث استغرقت المفاوضات والمشاورات والحروب الباردة مدة طويلة، حتى نسي المغاربة أن هناك حكومة في البلد، وأصبح رئيس الحكومة يقضي جل وقته في بيته لا في مقر الحكومة، وفي المساء يشرع في التفاوض حول الحقائب والأسماء ومن يأخذ ماذا، ومن يدخل ومن يخرج، ثم عندما ولدت الحكومة الجديدة بعملية قيصرية ترك فيها بنكيران لحم جلده لم يبق أمامها سوى أسابيع، وذهب مشروع القانون المالي إلى البرلمان على «حالته»، فمن كان يملك الوقت للتفكير والتركيز والتشاور في الأرقام والميزانيات في أجواء استثنائية، كان الناس يسألون فيها: هل ستستمر الحكومة أم لا؟

الآن الحكومة تهيئ مشروع القانون المالي لسنة 2015، وهو القانون المالي ما قبل الأخير، أي أن قانون 2016، الذي سيوضع في 2015، هو آخر قانون سيتم إعداده منهيا عهد حكومة بنكيران، التي تعول على «حصيلة اقتصادية واجتماعية»  أفضل تدافع بها عن نفسها في انتخابات 2016، مادامت الحصيلة السياسية والحقوقية لهذه الحكومة سلبية، ومادامت لم تقدر على تنزيل الدستور والقوانين التنظيمية بـ«تأويل ديمقراطي»، ومادامت عاجزة عن وقف التجاوزات تجاه حقوق الإنسان وحرية التعبير وحرية تأسيس الجمعيات واحترام التظاهر السلمي في الشارع…

لهذه الأسباب، فإن مشروع القانون المالي لسنة 2015 مهم جدا، خاصة أن أحزاب الأغلبية أمامها امتحان الانتخابات الجماعية السنة المقبلة، وأمامها مطالب النقابات والمعطلين والفقراء والمهمشين والفئات الوسطى، هؤلاء الذين دفعوا الفاتورة الأكبر في شباك الرفع من ثمن المحروقات والزيادة في الماء والكهرباء، وهؤلاء من سيدفعون أكثر في مشروع إصلاح صناديق التقاعد، حيث سيدفعون أكثر، ويشتغلون أكثر، ويقبضون بعد بلوغ سن 65 سنة أقل…

لهذا، المطلوب هو إجراءات شجاعة وتدابير ذكية وقرارات خلاقة لتعويض هؤلاء عن خساراتهم، ولتحريك سوق الشغل وصرف إعانات للفقراء والأراميل وأصحاب الاحتياجات الخاصة، ولتشجيع الاستثمار المنتج للقيمة المضافة، وتضريب الربح السريع، وتضييق الخناق على الريع، وتسهيل الإجراءات الإدارية، والاقتراب من العدالة الضريبية، وإعادة تحريك الوعاء العقاري للدولة من أجل سد الخصاص في السكن، والحد من المضاربات ومن الهوامش الكبرى للربح في هذا القطاع الذي يبيض ذهبا… البلاد بحاجة إلى قانون مالي مواطن باختصار، لا توجد فرصة أحسن من هذه مادامت الأجواء صافية في السماء السياسية بالرباط.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إما الآن… أو لا إما الآن… أو لا



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:21 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

متى وأين المصالحة التالية؟

GMT 18:16 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

درس للمرشحين الأميركيين

GMT 18:08 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

التيه السياسي وتسييس النفط

GMT 18:00 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تبحث أمراً مالياً وتركز على بعض الاستثمارات

GMT 08:31 2018 الخميس ,20 أيلول / سبتمبر

سعر الدرهم المغربى مقابل اليورو الخميس

GMT 13:15 2015 الأحد ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

روماو يحدد قائمة لاعبي "الجيش" لمواجهة "المغرب الفاسي"
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca