أخر الأخبار

داعش والعملية الجبانة في المغرب

الدار البيضاء اليوم  -

داعش والعملية الجبانة في المغرب

بقلم - ادريس الكنبوري

هزت الجريمة الإرهابية التي ذهبت ضحيتها سائحتان من النرويج والدنمارك بالمغرب، الرأي العام المغربي وأعادت فتح موضوع التهديدات الإرهابية في البلاد بشكل أكثر جدية. فهذه أول مرة تحصل فيها جريمة إرهابية بهذا الشكل، من خلال ذبح إحدى الضحيتين وفصل رأسها عن جسدها وتصويره وبثه على الإنترنت، ما أثار غضبا عارما وحد المغاربة وراء الدولة في مواجهة خطر الإرهاب الذي أطل برأسه مجددا.

لم يعش المغرب منذ عام 2011 عملية إرهابية جديدة، منذ شهدت مدينة مراكش في صيف تلك السنة تفجير مقهى يرتاده السائحون الأجانب خلف مقتل 16 شخصا. وخلال السنوات الماضية أبدت المؤسسة الأمنية في البلاد حنكة كبيرة في التصدي للخلايا الإرهابية النائمة، سواء في الحقبة التي سيطر فيها تنظيم القاعدة على هرم الإرهاب العالمي، أو بعد ظهور تنظيم داعش.

فقد فككت الأجهزة الأمنية عشرات الخلايا واعتقلت العشرات من المتطرفين منذ عام 2014، تاريخ إعلان ما سمي بخلافة داعش في الموصل، وأظهرت قدرة فائقة على توجيه ضربات استباقية إلى التنظيمات الإرهابية، ما أعطاها سمعة أوروبية وجعل عددا من عواصم أوروبا تسعى إلى التعاون والتنسيق مع تلك الأجهزة، بل إن هذه الأخيرة قدمت معطيات أمنية أفادت السلطات الفرنسية والبلجيكية والإسبانية في تفكيكها لبعض الخلايا النائمة فيها.

شكلت تلك الضربات الاستباقية إجهاضا لأهداف تنظيم داعش الذي كان يريد اختراق الأمن في البلاد، وقدمت دليلا على عجز التنظيم عن استهداف المغرب الذي ظل البلد الأكثر استقرارا في المنطقة التي شهدت زلزالا إرهابيا منذ اندلاع أحداث الربيع العربي. إذ ظل التنظيم يراهن على ضرب أهداف داخل المغرب كمحاولة لتوجيه رسالة إلى أتباعه بأنه قادر على تحقيق بعض مساعيه.

بيد أن التنظيم لم يختر هذه المرة المناطق الآهلة أو المدن الكبرى، لعجزه عن الوصول إلى تلك الأهداف، مثل ضرب مصالح حيوية داخل البلاد أو مقار دبلوماسية، كما أظهرت المخططات التي كانت بحوزة عدد من الخلايا النائمة التي تم تفكيكها في الأعوام الماضية، بل قصد منطقة فارغة معزولة ومعروفة بأنها منطقة آمنة ومحافظة تشهد إقبالا كبيرا من السائحين المغاربة والأجانب، واختار توقيتا يصادف اقتراب الاحتفالات بالسنة الميلادية الجديدة، لتنفيذ جريمته الإرهابية بقتل فتاتين بريئتين بتلك الطريقة البشعة.

وليس هناك أدنى شك في أن العملية ليست من جنس العمليات الإرهابية ذات المواصفات التقنية التي يمكن أن تكشف أن التنظيم تمكن من اختراق الأمن المغربي، بقدر ما هي عملية بدائية تظهر أن التنظيم لجأ إلى “الركن الهش” تغطية على فشله في تنفيذ ضربات تناسب حجم خطابه الدعائي.

ورغم الطابع البدائي للعملية، إلا أن تنظيم داعش حرص على بث شريط فيديو يظهر فيه الإرهابيون الأربعة وهم يتوعدون المغرب بعمليات جديدة. وإذا توقفنا لدى الشريط فإننا نلاحظ التفاوت بين طبيعة العملية وحجم الخطاب الذي يعطي الانطباع بأن الأمر يتعلق بعملية اختراق واسعة، وهو ما يعني أن التنظيم سعى إلى الحصول على كسب سياسي لدى أتباعه يتمثل في مجرد وضع بصمته على أي عملية، مهما كانت صغيرة، داخل المغرب، لكسر مقولة الحصانة الأمنية فيه. ومع ذلك فإن السرعة الفائقة في كشف المنفذين واعتقالهم، في ظرف أقل من يوم، من طرف الأجهزة الأمنية المغربية، بين أن التنظيم فشل في رهاناته. وعلى سبيل المقارنة فإن الأجهزة البلجيكية قضت أربعة أشهر كاملة في البحث عن العقل المدبر لهجمات باريس عام 2015 صلاح عبدالسلام، بينما كان يعيش متخفيا في بروكسل.

خلف هذا المعطى فإن العملية تعزز المؤشرات السابقة التي تقول إن التنظيم يريد أن يتخذ من منطقة شمال أفريقيا وجهة جديدة بعد خسارته للمعركة في سوريا والعراق. وخلال العامين الأخيرين تأكدت هذه الاستراتيجية لدى التنظيم في الوقت الذي كان تحت حصار التحالف الدولي وينظر إلى زواله الوشيك، وهي الفترة التي تم خلالها تفكيك خلايا عدة داخل المغرب، ما يؤكد أن التنظيم كان يعد مخططا أكثر دموية في البلاد، ويستعد لتنزيل تلك الاستراتيجية عبر استهداف نقاط محددة في المنطقة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

داعش والعملية الجبانة في المغرب داعش والعملية الجبانة في المغرب



GMT 11:31 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

كتب جديدة للقارئ في معرض الشارقة الدولي

GMT 11:26 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

كتب أخرى للقارئ العربي

GMT 05:03 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

دسائس البلاط

GMT 05:01 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

اللبنانيون يأملون.. لكن بخوف وحذر!

GMT 05:00 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

ثورة في لبنان في عهد "حزب الله"

GMT 22:38 2017 الخميس ,21 أيلول / سبتمبر

حادث بشع يودي بحياة تلميذة في سوق السبت

GMT 23:56 2019 الجمعة ,12 إبريل / نيسان

مقتل شخص وإصابة أخر جراء حادث سير في فاس

GMT 15:18 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

"إنيرجي" تعتزم بدأ حفر 12 بئرًا للغاز الطبيعي في المغرب

GMT 07:03 2018 الأربعاء ,19 أيلول / سبتمبر

أبرز المعالم السياحية الأكثر شهرة لمحبي المغامرة

GMT 15:54 2012 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

النحل الطنان يقطع مسافات طويلة من أجل الزهور كثيرة الألوان

GMT 08:40 2017 الأربعاء ,04 كانون الثاني / يناير

إحدى ضحايا هجوم إسطنبول تتوقع وفاتها عبر "فيسبوك"

GMT 06:39 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

الإعلان عن 3 منازل جديدة مرشحة للفوز بجائزة RIBA 2017

GMT 17:20 2017 الإثنين ,11 أيلول / سبتمبر

بدر كادارين خارج حسابات عموتة لأسباب غامضة

GMT 19:11 2014 الجمعة ,26 أيلول / سبتمبر

الإتحاد المغربي يقرر إصلاح ملعب محمد الخامس

GMT 07:44 2017 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

محمد رياض يكتشف خبث يوسف الشريف في "كفر دلهاب"

GMT 09:21 2017 الجمعة ,23 حزيران / يونيو

خطوات مهمة تساعد على تخفيف أعراض مرض البواسير

GMT 07:52 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على ما وراء كواليس عرض أزياء "فيتون" في اليابان
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca