سباق الإرهابيين في الساحل

الدار البيضاء اليوم  -

سباق الإرهابيين في الساحل

بقلم - ادريس الكنبوري

تنظيم داعش قرر نقل عملياته الإرهابية إلى الساحل بعد أن أوشك على النهاية في المناطق التي ظهر فيها في سوريا والعراق.
يشكل تبني تنظيم داعش للعمليات الإرهابية التي شهدتها منطقة الساحل في الفترات القليلة الماضية إيذانا بتحول نوعي في المواجهة العسكرية مع الإرهاب في المنطقة، منذ أن تم الإعلان عن إنشاء قوة عسكرية إقليمية بين خمسة بلدان، هي مالي والنيجر وتشاد وبوركينا فاسو وموريتانيا، للتنسيق في ما بينها بهدف اجتثاث الجماعات الإرهابية المسلحة. ويأتي اعتراف جماعة أبي الوليد الصحراوي، التي بايعت تنظيم أبي بكر البغدادي قبل أكثر من عام، بوقوفها وراء العمليات التي استهدفت جنودا فرنسيين وأميركيين ونيجيريين بمنطقة توغو توغو في النيجر في شهر أكتوبر الماضي، بعد ثلاثة أشهر على تاريخ وقوعها، ليطرح تحديا جديدا أمام القوة الإفريقية المشتركة التي تم تشكيلها بمبادرة من باريس، ويعطي رسالة بأن تنظيم داعش قرر نقل عملياته الإرهابية إلى الساحل بعد أن أوشك على النهاية في المناطق التي ظهر فيها في سوريا والعراق، بل ربما بات يراهن بشكل حقيقي على تكريس تواجده هناك بالنظر إلى توفر مختلف العناصر الجغرافية والسياسية والعسكرية التي تسمح له بذلك.

ويعد أبوالوليد الصحراوي اليوم واحدا من أكثر الإرهابيين الذين يقودون جماعة لديها سجل مليء بالإجرام والقتل والإرهاب، وهو يسعى إلى تنفيذ أكثر ما يمكن من العمليات لتأكيد وفائه لتنظيم داعش وضمان أن لا يخسر موقعه أو أن يكون مصيره مصير زعيم بوكو حرام أبي مصعب البرناوي الذي تخلى عنه التنظيم لفائدة أبي بكر شيكاوي الذي أبدى وحشية تفوق غريمه.

وكان الصحراوي مقاتلا في الحركة من أجل التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا (موجاو) التي شاركت في احتلال شمال مالي مع جماعات مسلحة أخرى عام 2012، وبعد إطلاق فرنسا عملية “سرفال” لإجلاء المسلحين من الإقليم التحق بتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي التي يقودها الجزائري مختار بالمختار، المدعو بـ“الأعور”، وفي مايو من عام 2016 انشق عن بالمختار وأعلن بيعته للبغدادي وتنظيم داعش، وأطلق على تنظيمه اسم “الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى”. وقد أظهر هذا الأخير حفاوته بتلك البيعة التي أعطته موطئ قدم في المنطقة إلى حد أن التنظيم نفسه هو من أعلن عن بيعة الصحراوي في وكالته “أعماق”.

ويبدو أن التنظيم اختار التوقيت بعناية لإعلان تبنيه لتلك العمليات، إذ جاء ذلك في أعقاب التحركات الفرنسية من أجل إعادة تحريك القوة العسكرية الإقليمية المشتركة بين البلدان الخمسة التي يجمع بينها كونها قريبة من المواجهة مع الجماعات المتطرفة، ومنها تنظيم بوكو حرام الذي أصبح يستهدف بلدانا أفريقية خارج نيجيريا، البلد الذي ظهر فيه لأول مرة عام 2002. وكانت هذه البلدان قد شاركت في شهر ديسمبر الماضي بسان كلو، قرب باريس، في القمة التي دعا إليها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بمشاركة الاتحاد الأوروبي، من أجل بحث تمويل القوة العسكرية الخماسية. وتعتبر التنظيمات المسلحة في الساحل أن تلك القمة هي بمثابة إعلان عن حرب “صليبية” جديدة ضد الجهاديين وهو ما توظفه لاستقطاب المقاتلين الجدد وجلب تأييد القبائل.

بيد أن الوجه الآخر يتمثل في السباق بين تنظيم القاعدة وبين داعش لتحصيل أكبر المكاسب في الساحل، خصوصا بعدما صار هذا الأخير ملاذا للتنظيمات الجهادية التي تجد فيه مساحة أوسع للتخفي وبيئة ديموغرافية قابلة لاستثمارها بما يجعلها محاضن للمتطرفين، وهو ما أكده الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مكتب المنطقة في غرب أفريقيا والساحل قبل أيام. ففي شهر مارس من العام الماضي تم الإعلان عن أول اتحاد بين الجماعات الإرهابية في شمال مالي، بعد أن اندمجت أربع جماعات هي إمارة منطقة الصحراء الكبرى، وتنظيم المرابطون، وجماعة أنصار الدين، وجبهة تحرير ماسينا، في تنظيم جديد أطلقت عليه “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين”، وبايعت تنظيم القاعدة في شخص زعيمها أيمن الظواهري، ولا يمضي أسبوع دون أن تعلن هذه الجماعة عن تبنيها لعملية إرهابية، كان آخرها تنفيذ هجمات مسلحة في مالي وبوركينا فاسو قبل أسبوعين. وفي أفق مزاحمة القاعدة يسعى تنظيم داعش إلى رفع سقف عملياته الإرهابية لإظهار قوته الميدانية. وتنبئ التطورات العسكرية الجديدة بأن منطقة الساحل قد تتحول إلى مسرح لأكثر العمليات دموية خلال المرحلة المقبلة، الهدف منها عرقلة عمل القوة العسكرية الخماسية المشتركة من ناحية، ومن ناحية ثانية تسابق كل من التنظيمين على فتح جبهات جديدة يزايد بها على خصمه.

 

نقلا عن جريدة العرب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سباق الإرهابيين في الساحل سباق الإرهابيين في الساحل



GMT 15:52 2021 الثلاثاء ,16 آذار/ مارس

بايدن في البيت الأبيض

GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 12:41 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تبدو مرهف الحس فتتأثر بمشاعر المحيطين بك

GMT 09:52 2018 الإثنين ,13 آب / أغسطس

أمطار صيفية تعزل دواوير ضواحي تارودانت

GMT 07:59 2018 الأحد ,15 تموز / يوليو

"بورش" تحتفل بالذكرى الـ70 لسيارتها الأولى

GMT 16:15 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

سامح حسين يكشف عن الأفيش الأول لـ"الرجل الأخطر"

GMT 08:36 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

النفط ينخفض مع تهديد الصين برسوم جمركية على الخام

GMT 05:34 2018 الإثنين ,11 حزيران / يونيو

تعرف على أبرز علامات ظهور "ليلة القدر"

GMT 23:49 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

الليمون الحل النهائي للقضاء على "قشرة الشعر"

GMT 15:13 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

تغلبي على الخوف من عيوب جسدك مع ارتداء الحجاب
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca