قانون العفو ضد الإرهابيين يفجر الغضب في مالي

الدار البيضاء اليوم  -

قانون العفو ضد الإرهابيين يفجر الغضب في مالي

ادريس الكنبوري
بقلم - ادريس الكنبوري

في أقل من عامين شهدت مالي تفجيرا إرهابيا جديدا هو الثالث من نوعه استهدف موقعا للجيش في إقليم بوني وسط البلاد، خلف مقتل اثنين من الجنود الماليين و13 فردا من المسلحين الذين نفذوا العملية. وجاء هذا الحدث في ظروف سياسية بالغة التعقيد تمر بها البلاد بسبب فشل الحكومة المركزية في باماكو في التصدي للجماعات الإرهابية، على الرغم من الوعود التي قطعها الرئيس إبراهيم أبوبكر كيتا وتعهد فيها بضمان الأمن والاستقرار، والتحضير للانتخابات الرئاسية المتوقعة في نهاية شهر يوليو القادم.

يأتي هذا التطور في الميدان الأمني في الوقت الذي تشهد فيه البلاد انقساما حول مبدأ التفاوض مع الجماعات الإرهابية كطريقة ممكنة للخروج من الأزمة الأمنية والعودة إلى ظروف ما قبل عام 2012، عندما استولت فصائل من الجماعات الإرهابية المسلحة على مناطق شاسعة في شمال البلاد مستغلة ضعف الجيش المركزي، قبل أن تتدخل فرنسا بعد أشهر لإعادة الأمور إلى وضعها الطبيعي وطرد المسلحين.

ويبرر المدافعون عن التفاوض مع الجماعات المسلحة ذلك بضرورة إتاحة الفرصة للجيش المالي لإعادة بناء نفسه، بعد أن تعرض للإنهاك بسبب حربه الطويلة مع هذه الجماعات. ويقول هؤلاء إن الوضع بالنسبة لمالي مختلف تماما عن الوضع بالنسبة لباقي البلدان الأخرى في إقليم الساحل التي تواجه نفس التحدي الإرهابي، كون الصراع في مالي صراعا مزدوجا، حيث تواجه الدولة نزعة عرقية في إقليم الشمال ذات الغالبية الطوارقية، وفي نفس الوقت الجماعات الجهادية المسلحة.

بيد أن هذه الفكرة لا تلقى قبولا لدى أطراف آخرين يرون أن التفاوض مع الإرهابيين سوف يعطيهم هم أيضا فرصة لإعادة تنظيم أنفسهم، بل الأكثر من ذلك سيظهر التفاوض أمام الشعب الماليين بمثابة تراجع للدولة وسقوط هيبتها، علاوة على أن المبرر القائل بأن الجيش المالي تعرض للإنهاك يعطي رسالة واضحة مفادها أن الجماعات الإرهابية تغلبت على الجيش النظامي للدولة وأنها قادرة بالتالي على إلحاق الهزيمة بها، وهو ما يخدم البروباغندا لدى الجهاديين.

ويواجه قانون العفو، الذي أقره رئيس الدولة في 31 مايو الماضي ويفترض أن يقدم أمام أنظار البرلمان قريبا للتصويت عليه، انقساما آخرا لا يقل عن الانقسام حول موضوع التفاوض. وينص المشروع على العفو في حق المتابعين في الجرائم والجنح التي حصلت في إطار الأزمة التي اندلعت عام 2012، تاريخ اندلاع الصراع بين المسلحين والدولة. ويشمل العفو الأشخاص الذين تورطوا في جرائم سابقة لكن لم تسجل ضدهم أي متابعة قضائية في الفترة ما بعد التوقيع على اتفاقية المصالحة في يونيو 2015، كما يشمل الأشخاص الذين ألقوا السلاح خلال الستة أشهر الأولى بعد المصادقة على قانون العفو.

ويثير المشروع جدلا واسعا وسط الماليين بين مرحب به ومستاء منه. ويقول الغاضبون من القانون إن هذا الأخير سيفجر موجة من عمليات الانتقام بالنسبة للعائلات التي كان أفرادها ضحية عمليات القتل أو الاغتصاب أو التعذيب. ويقول راماتا غيسي، ممثل منظمة العفو الدولية فرع مالي، إن قانون العفو لن يؤدي إلى مصالحة بل على العكس سوف يفتح صفحة جديدة من العنف الأهلي.

ووقعت اثنتان وثلاثون هيئة ناشطة في مجال حقوق الإنسان رسالة مشتركة وجهتها إلى رئيس الوزراء، تطالب فيها بفتح تحقيقات في الجرائم المرتكبة خلال الفترة ما بعد 2012 لمعرفة الحقيقة أولا قبل إقرار أي عفو، وتحتج ضد “العفو من دون أساس″ في حق المجرمين. وخلال الأسبوع المقبل سوف تجتمع هذه الهيئات مع وزير المصالحة لكي يتم التوصل إلى صيغة معينة للتفاهم.

وحسب معسكر الرافضين للمشروع، فإن العفو في حق المتورطين في عمليات إرهابية سيكون بمثابة تبييض للجرائم المقترفة من طرف هؤلاء ضد الماليين. ويستشهد هؤلاء بحالة آليو ماهاماني توري، “مفتش” الشرطة الإسلامية في مدينة غاو سابقا، الذي أدين بإحدى محاكم باماكو في أغسطس 2017 بعشر سنوات سجنا في عدة تهم من بينها تكوين تنظيم إجرامي وحيازة أسلحة خارج القانون والمساس بأمن الدولة الداخلي واستعمال العنف. وكان هذا الشخص هو المسؤول عن تنفيذ الأحكام التي كانت تصدرها “المحاكم الإسلامية” خلال سيطرة الجماعات الإرهابية على مدينة غاو في الفترة ما بين 2012 و2013، لكن لم توجه إليه تهمة المشاركة في جرائم حرب ومع ذلك فهو مرشح للاستفادة من قانون العفو حال دخوله حيز التنفيذ.

ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في نهاية يوليو المقبل، التي يطمع الرئيس الحالي إبراهيم أبوبكر إيتا في الفوز بها مجددا، يزداد الاحتقان بسبب الفشل الحكومي في محاربة الإرهابيين، ويرتفع صوت الانتقاد للرئيس المالي الذي يقول معارضو المصالحة مع المتطرفين إنه وضع قانونا للعفو على مقاسه من أجل الحصول على أصوات الناخبين المؤيدين للجماعات الجهادية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قانون العفو ضد الإرهابيين يفجر الغضب في مالي قانون العفو ضد الإرهابيين يفجر الغضب في مالي



GMT 15:52 2021 الثلاثاء ,16 آذار/ مارس

بايدن في البيت الأبيض

GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 08:13 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العقرب الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 17:59 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء محبطة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 02:12 2018 السبت ,07 تموز / يوليو

قطار ينهي حياة شيخ ثمانيني في سيدي العايدي

GMT 10:19 2018 الثلاثاء ,17 إبريل / نيسان

"خلطات فيتامين سي" لشعر جذاب بلا مشاكل

GMT 13:54 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

نصائح مهمة لتجنب الأخطاء عند غسل الشعر

GMT 13:08 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

اختتام فعاليات "ملتقى الشبحة الشبابي الأول " في أملج

GMT 16:52 2015 الثلاثاء ,14 تموز / يوليو

كمبوديا تستخدم الجرذان في البحث عن الألغام

GMT 04:44 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

تصميم مجمع مباني "سيوون سانغا" في عاصمة كوريا الجنوبية

GMT 06:28 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

خبير إتيكيت يقدم نصائحه لرحله ممتعة إلى عالم ديزني

GMT 12:22 2016 الأربعاء ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مقتل 7 على الأقل في قصف جوي ومدفعي على حي الفردوس في حلب

GMT 04:48 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمير الوليد بن طلال يؤكد بيع أسهمه في "فوكس 21"

GMT 22:13 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

منتخب غانا يهزم نظيره المصري في بطولة الهوكي للسيدات
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca